الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

مصطفى صدقي: الخطايا العشر للمادة 17 من مشروع قانون المسطرة المدنية 

مصطفى صدقي: الخطايا العشر للمادة 17 من مشروع قانون المسطرة المدنية  مصطفى صدقي
يثير طعن النيابة العامة في الأحكام القضائية حتى بعد أن أصبحت نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي به ودون التقيد بآجال الطعن، عدة إشكاليات وتأثيرات على الأمن القضائي واستقرار الأحكام القضائية. 
  
جاء في المادة 17 من مشروع قانون المسطرة المدنية المصادق عليه من طرف الغرفة الأولى بمجلس النواب ما يلي:
"يمكن للنيابة العامة المختصة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى، ودون التقيد بأجل الطعن المنصوص عليها في المادة السابقة، أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام.

يتم الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ قضائي أضر بحقوق أحد الأطراف فادحا."
إن إقرار المادة المذكورة بهذه الصيغة له من مجموعة السلبيات كما أنه يتضمن خرقا للعديد من المبادئ الأولية في القانون والدستور: 
  
1 التأثير على الأمن القضائي واستقرار المعاملات. 
-      أن اعتماد هذا المقتضى من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الثقة في الأحكام القضائية، حيث يمكن لأي حكم أن يتعرض للطعن من قبل النيابة العامة حتى بعد فترة من صدوره. 
-      كما يمكن أن يؤدي الى تزايد النزاعات وعدم الرغبة في اللجوء إلى القضاء لحل المنازعات.  

 
2  انعدام الاستقرار القانوني: 
-    يمكن أن يؤدي إلى حالة من عدم اليقين القانوني حيث قد تتغير الأحكام النهائية التي كان يُعتقد أنها مستقرة وغير قابلة للطعن. 
-    يؤثر على ثقة الأفراد والشركات في النظام القضائي ويجعل من الصعب على الأطراف الاعتماد على الأحكام النهائية. 
  
3   تعطيل العدالة: 
-   إمكانية الطعن المستمر قد تؤدي إلى تعطيل تنفيذ الأحكام وتأخير العدالة. 
-    يمكن أن يؤدي إلى زيادة العبء على المحاكم وزيادة تكاليف الإجراءات القانونية. 
  
4  مصداقية الأحكام القضائية: 
-      إعطاء النيابة العامة صلاحية الطعن في أي حكم يمكن أن يؤدي إلى التشكيك في نزاهة الأحكام ومصداقيتها. 
-      يقلل من فعالية النظام القضائي في جل النزاعات بشكل نهائي وسريع. 
-      يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام القضائي، حيث سيشعر الأفراد بعدم الأمان القانوني وعدم اليقين بشأن استقرار الأحكام. 
  
5  خرق مبدأ اكتساب الأحكام لقوة الشيء المقضي به 
-   هذه المادة تتناقض مع مبدأ استقرار الأحكام بعد صدورها واكتسابها لقوة الشيء المقضي به، مما يجعل الأحكام عرضة للطعن بشكل مستمر ويسبب اضطرابا قانونيا واجتماعيا. 
  
6  انتهاك حقوق الأطراف 
-      هذه المادة تعتبر انتهاكاً لحقوق الأطراف في الحصول على محاكمة عادلة ونهائية. 
-      يتعارض مع مبدأ الأمان القانوني الذي يضمن للأطراف أن الحكم النهائي هو نهاية للنزاع القضائي. 
                                        
 7  خرق المادة 126 من الدستور المغرب 
  

المادة 126 من الدستور تؤكد على أن الأحكام النهائية يجب أن تحظى بقوة الشيء المقضي به، وهو مبدأ أساسي لضمان استقرار الأحكام وثقة الأفراد في النظام القضائي. الطعن المستمر من قبل النيابة العامة يتعارض بشكل مباشر مع هذا المبدأ، ويعتبر انتهاكاً للدستور المغربي ويضعف من مصداقية واستقلالية القضاء. 
  
8  التأثير سلبي على الاستثمارات: 
-       المستثمرون يفضلون بيئة قانونية مستقرة وموثوقة وآمنة. اعتماد هذا المقتضى من شأنه أن يؤدي الى عدم استقرار الأحكام القضائية ويؤثر سلباً على جاذبية الاستثمار في المغرب. 
  
9   إطالة النزاعات القضائية: 
-       الطعون المستمرة قد تؤدي إلى إطالة فترة النزاعات القضائية، مما يزيد من التكاليف والأعباء على الأطراف المتنازعة. 
  
10  ضغط إضافي على النظام القضائي: 
-    زيادة عدد الطعون يمكن أن يضع ضغطاً إضافياً على المحاكم والقضاة، مما يؤدي إلى تأخير الفصل في القضايا. 
  
الخلاصة 
بينما قد تكون هناك حالات استثنائية تبرر الطعن من قبل النيابة العامة بعد صدور الأحكام النهائية، إلا أن السماح بذلك بشكل عام ودون تقيد بآجال الطعن يمكن أن يكون له آثار سلبية كبيرة على الأمن القضائي واستقرار الأحكام القضائية. 
الحفاظ على مبدأ قوة الشيء المقضي به هو أمر أساسي لضمان الثقة في النظام القضائي وتحقيق العدالة بشكل فعّال ومستقر.
مصطفى محمد صدقي، محامي بهيئة الدار البيضاء