الأحد 8 سبتمبر 2024
مجتمع

إقليم فجيج: "جا الوزير مشا الوزير".. وبعد!

إقليم فجيج: "جا الوزير مشا الوزير".. وبعد! خالد آيت الطالب والصديق كبوري (يسارا)
قام السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية بزيارة إقليم فجيج يومي 24 و25 من الشهر 2024 لتدشين مستشفيات القرب بكل من مدينة تالسينت وفجيج.
 
وتجدر الإشارة إلى أن حجري الأساسي لبناء المستشفيين قد مر عليه عقد من الزمن. وقد رافعت القوى الحية في الإقليم بكل الوسائل (عرائض وقفات مسيرات مذكرات بيانات...) لإخراج المشروعين إلى حيز الوجود.
 
أن مما لا شك فيه أن الفرحة والابتهاج غمرت نفوس كل ساكنة إقليم فجيج، لأنهم يعرفون حجم المعاناة التي تعانيها ساكنة الدواوير البعيدة للمجيء إلى بوعرفة والمبيت في الشوارع والساحات أحيانا لمجرد أخذ موعد او التحويل إلى مستشفيات وجدة، ويقدرون مدى التكاليف التي تنجم عن نقل مريض شيخ او امرأة حامل من أقصى الإقليم إلى بوعرفة أو وجدة.
 
لكن رغم ذلك فإن زيارة السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية تطرح علينا أكثر من سؤال.
 
أولا: ألم يكن أجدر بالسيد الوزير تأجيل هذه الزيارة أو على الأقل قطعها والتوجه توا إلى بني ملال حيث توفي 21 مواطنة ومواطن جراء الحرارة المفرطة لتقديم واجب العزاء والأمر بفتح تحقيق حول أسباب هذه الوفيات وتحديد الجزاءات؟
 
ثانيا: هل كان من الضروري استقدام فرق أحيدوس وأحواش لاستقبال السيد الوزير، علما بأن الإقليم يعاني من الجفاف المهول منذ ثمان سنوات متتالية، وأغلب ساكنة المناطق البعيدة بالإقليم محرومون من أبسط شروط العيش ويكدون من أجل الحصول على كيس دقيق من النوع المدعم؟
 
ثالثا: الم يكن من الأجدر برمجة لقاءات تواصلية مع القوى والفعاليات الحية بالاقليم والاستماع إلى نبض المواطن بدل زيارة غلب عليها جانب البروتوكول والمراسيم؟
 
رابعا: حسب البروتوكول كان من الأجدر أن يجلس في الصف الامامي أثناء تدشين مستشفى القرب بتالسينت السيد الوزير والسيد عامل الإقليم والسيد المدير الإقليمي وباقي الشخصيات المدنية والعسكرية والأمنية ورؤساء المصالح الخارجية فلماذا القفز على البروتوكول واجلاس السيد المندوب الإقليمي في الصف الثاني رغم أنه هو المؤهل لتقديم الشروحات والمعطيات؟
 
خامسا: لقد أبرمت الوزارة  اتفاقيات شراكة مع بعض جمعيات المجتمع المدني فهل معنى ذلك أن الدولة تعطي اشارة على رفع اليد عن الحق في الصحة كخدمة اجتماعية؟ ثم الا يتعارض ذلك مع مفهوم الدولة الاجتماعية؟
 
سادسا: لقد اكتفى السيد الوزير بتدشين مستشفى القرب بفجيج عن بعد، (عيش نهار تسمع اخبار)، وإذا كنا لا ننكر مزايا الرقمنة، وضرورة التخفيف من التكاليف والأعباء، فإننا مع ذلك نتساءل ألم يكن من الأجدر تنقل السيد الوزير إلى فجيج للتواصل مع اهل هذه الأرض الطيبة من وطننا والاستماع إلى مشاكلهم بخصوص الصحة وقد خاضوا حولها نضالات مريرة، ونعمل بذلك على تكريس المصالحة الوطنية التي دشنتها تجربة العدالة الانتقالية المغربية سنة 2004 عبر هيئة الانصاف والمصالحة؟
 
هذه وغيرها أسئلة نطرحها على هامش زيارة السيد وزير الصحة والحماية الاجتماعية لاقليم فجيج، وبقدر ابتهاجنا بهذه الزيارة فإننا نأمل أن يتبعها توفير الموارد البشرية اللازمة من أطباء وممرضين وإداريين واعوان الحراسة والنظافة والطبخ والسائقين، وقبل هذا وذاك توفير الاختصاصيين في الجراحة العامة والولادة والأطفال والانعاش، بدون ذلك ستتحول هذه المستشفيات إلى مجرد بنايات اسمنتية لا حياة فيها.