الاثنين 25 نوفمبر 2024
اقتصاد

التفراوتي: الوضع بالواحات ينذر بسوء العاقبة رغم المجهودات المبذولة والمخططات المرسومة

التفراوتي: الوضع بالواحات ينذر بسوء العاقبة رغم المجهودات المبذولة والمخططات المرسومة محمد التفراوتي ومشهد لنكبة الواحة بالمغرب ( تصوير: آفاق بيئية)
يفكّك محمد التفراوتي، رئيس مركز آفاق بيئية للإعلام والتنمية المستدامة، ما "تتعرض له واحات المغرب من استنزاف وتدمير ونزيف من آسا إلى فكيك، وتمظهرات ذلك: المجالية والترابية والبيئية والفلاحية، وما ينبغي فعله من أجل تجاوز هاته الوضعية الاستثنائية التي تفاقم أوجاع الساكنة الواحية وتنعكس سلبا على تنميتها واستقرارها". في ما يلي نصّ الحوار:
 
 ‬تتعرض‭  ‬واحات‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬آسا‭ ‬إلى‭ ‬فكيك‭ ‬لاستنزاف‭ ‬وتدمير‭ ‬ونزيف‭. ‬كيف‭ ‬تقرأ‭  ‬هذا‭ ‬الاغتيال‭ ‬الرمزي؟
معظم‭ ‬الواحات‭ ‬تعاني‭. ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه،‭ ‬فمن‭ ‬المتوقع‭ ‬اختفاء‭ ‬الواحات،‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭.  ‬وليست‭ ‬الأسباب‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وخاصة‭ ‬الجفاف‭ ‬او‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬هي‭ ‬الأسباب‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬لها‭ ‬اللائمة،‭ ‬فالتدخل‭ ‬البشري‭ ‬يشارك‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإشكالية‭.  ‬المغرب‭ ‬سيخسر‭ ‬لا‭ ‬قدر‭ ‬الله‭  ‬عنصرا‭ ‬من‭ ‬تراثه‭ ‬الوطني‭  ‬والطبيعي‭.‬
والأخطر‭ ‬من‭ ‬الجفاف‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬سوء‭ ‬الاستغلال‭ ‬وهدر‭ ‬الموارد‭ ‬يعجلان‭ ‬بمعاناة‭ ‬الواحات‭ ‬ويسرعان‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬مساحاتها‭ ‬الوارفة،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬اجتماعية‭ ‬خطيرة‭.‬
باتت‭ ‬الحرائق‭ ‬سنة‭ ‬مؤكدة‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬أضحت‭ ‬أقسى‭ ‬اللحظات‭ ‬إيلاما‭ ‬وأوجع‭ ‬المراحل‭ ‬فاجعة،‭ ‬تفاجئ‭ ‬قاطني‭ ‬مختلف‭ ‬ربوع‭ ‬المناطق‭ ‬الواحاتية‭. ‬افتتحنا‭ ‬موسم‭ ‬الصيف‭ ‬الحالي‭ ‬بحرائق‭ ‬مهولة‭ ‬بإقليم‭ ‬تنغير!
دائما‭ ‬نطرح‭ ‬السؤال‭. ‬هل‭ ‬ندمر‭ ‬الواحات‭ ‬بأيدينا،‭ ‬أم‭ ‬هو‭ ‬جور‭ ‬الطبيعة‭ ‬وقساوة‭ ‬المناخ؟‭. ‬هل‭ ‬نجعل‭ ‬أزمة‭ ‬المناخ‭ ‬مشجب‭ ‬نعلق‭ ‬عليه‭ ‬خيبة‭ ‬وفشل‭ ‬أداء‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالقطاع‭ ‬أو‭ ‬المجال؟‭.‬
سبق‭ ‬أن‭ ‬نبهنا‭ ‬كنشطاء‭ ‬بيئيون‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬استغفالنا‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬غرة‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬نلذغ‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬جحرها‭. ‬هل‭ ‬لا‭ ‬نقوى‭ ‬على‭ ‬تحديد‭ ‬مواطن‭ ‬الخلل‭ ‬ونقوم‭ ‬بإجراءات‭ ‬احترازية‭ ‬تقينا‭ ‬فجائية‭ ‬اندلاع‭ ‬لهيب‭ ‬النيران‭ ‬المستعرة‭ ‬بين‭ ‬أهلنا‭ ‬وحقول‭ ‬واحاتنا‭. ‬وما‭ ‬يتلو‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬انعكاسات‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭... ‬وبالمنظومة‭ ‬البيئية‭ ‬والصحية‭ ‬عامة‭.‬
الحرائق‭ ‬تربك‭ ‬مختلف‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬التي‭ ‬تنشد‭ ‬تحقيق‭ ‬تنمية‭ ‬مجالية‭ ‬مستدامة‭. ‬هل‭ ‬هو‭ ‬عامل‭ ‬مناخي‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الاستعدادات‭ ‬وسبل‭ ‬المواجهة‭ ‬المعتمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجهات‭ ‬الوصية‭ ‬والمعنية؟،‭ ‬خصوصا‭ ‬أمام‭ ‬استحضار‭ ‬السياق‭ ‬الدولي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تفشي‭ ‬الحرائق‭ ‬في‭ ‬عموم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ . ‬ففي‭ ‬19‭ ‬غشت‭ ‬الماضي‭ ‬2023‭ ‬استعرت‭ ‬الحرائق‭ ‬بجزر‭ ‬الكناري‭. ‬تأججت‭ ‬بفعل‭ ‬الرياح‭ ‬القوية‭ ‬والحرارة‭ ‬العالية‭ ‬لتجهز‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬هكتار‭ ‬من‭ ‬غابة‭ ‬"تينيريفي"،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬حرائق‭ ‬كندا‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬ألف‭ ‬حريق،‭ ‬من‭ ‬شرقها‭ ‬إلى‭ ‬غربها،‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬المسمى‭ ‬الأسود‭ ‬(18‭ ‬غشت 2023)‭. ‬سياق‭ ‬دولي،‭ ‬هو‭ ‬إذن،‭ ‬يؤكد‭ ‬فرضية‭ ‬انعكاسات‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬وتبعات‭ ‬الإحترار‭ ‬العالمي‭. ‬
وسياق‭ ‬وطني،‭ ‬بزع‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬تجلياته‭ ‬خلال‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬قياسية‭ ‬تجاوزت‭ ‬50‭ ‬درجة،‭ ‬حيث‭ ‬شهدت‭ ‬مدينة‭ ‬أكادير،‭ ‬يوم‭ ‬11‭ ‬غشت‭ ‬2023،‭ ‬حدثا‭ ‬مناخيا‭ ‬وطنيا‭ ‬متطرفا‭. ‬ودخل‭ ‬المغرب‭ ‬تاريخ‭ ‬أعلى‭ ‬درجة‭ ‬حرارية‭ ‬بتسجيل،‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬رقم‭ ‬قياسي‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬50.4‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬
ومن‭ ‬المرجح،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاستثناء‭ ‬المناخي‭ ‬يوعز‭ ‬إلى‭ ‬تأثير‭ ‬تغير‭ ‬المناخ،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬الظاهرة‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬دورة‭ ‬مناخية‭ ‬عادية‭. ‬لا‭ ‬مراء‭ ‬أن‭ ‬تأثير‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬طال‭ ‬معظم‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬المغرب‭. ‬ومختلف‭ ‬الظواهر‭ ‬المناخية‭ ‬القصوى‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬مع‭ ‬موجات‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة‭ ‬هي‭ ‬تذكير‭ ‬لذوي‭ ‬القرار‭ ‬بوجوب‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسات‭ ‬عمومية‭ ‬تروم‭ ‬إيجاد‭ ‬سبل‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬وتأهيل‭ ‬المناطق‭ ‬الهشة‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرارة‭ ‬المتطرّفة،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬والواحات‭.‬
 
 ‬هناك‭ ‬الرأسمال‭ ‬اللامادي‭ ‬لهذه‭ ‬الواحات‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬آسا‭ ‬إلى‭ ‬فكيك‭. ‬وتم‭ ‬إنشاء‭ ‬الوكالة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬مناطق‭ ‬الواحات‭ ‬وشجر‭ ‬الأركان‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010‭. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬14‭ ‬عاما‭ ‬ما‭ ‬زلنا‭ ‬نصارع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زراعة‭ ‬النخيل‭. ‬كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬هذا‭ ‬الوضع؟
 الوضع‭ ‬ينذر‭ ‬بسوء‭ ‬العاقبة،‭ ‬رغم‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة،‭ ‬والمخططات‭ ‬المرسومة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التقهقر‭ ‬مستمر‭. ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبخس‭ ‬المجهودات‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية،‭ ‬أو‭ ‬نتجه‭ ‬إلى‭ ‬عقلية‭ ‬المؤامرة‭. ‬كي‭ ‬نكون‭ ‬موضوعيين‭ ‬في‭ ‬مقاربة‭ ‬الإشكالية‭. ‬لا‭ ‬ننسى‭ ‬هنا‭ ‬مبادرات‭ ‬الوكالة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬مناطق‭ ‬الواحات‭ ‬والأركان،‭ ‬لها‭ ‬برنامجا‭ ‬وطنيا‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬والتصدي‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬المعنيين‭ ‬باستخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬مبتكرة‭ ‬للكشف‭ ‬المبكر‭ ‬والعمل‭ ‬بالكاميرات‭ ‬والطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬وإجراءات‭ ‬أخرى‭ ‬مختلفة،‭ ‬ونذكر‭ ‬هنا‭  ‬توقيع‭ ‬رئيس‭ ‬جهة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة‭ ‬إتفاقية‭ ‬شراكة،‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الماضي‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الجارية‭ ‬(2024)‭ ‬مع‭ ‬عامل‭ ‬إقليم‭ ‬طاطا،‭ ‬ورئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الاقليمي‭ ‬وكذا‭ ‬المديرة‭ ‬العامة‭ ‬للوكالة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتنمية‭ ‬مناطق‭ ‬الواحات‭ ‬وشجر‭ ‬الأركان،‭ ‬بغية‭ ‬تمويل‭ ‬وإنجاز‭ ‬مشروع‭ ‬وتجديد‭ ‬وتوسيع‭ ‬شبكة‭ ‬الماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشرب‭ ‬بالدواوير‭ ‬التابعة‭ ‬لإقليم‭ ‬طاطا،‭ ‬بغلاف‭ ‬مالي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬درهم‭.‬
لكن‭ ‬يبقى‭ ‬حجم‭ ‬المعضلة‭ ‬أكبر‭ ‬والاكراهات‭ ‬أشمل‭.. ‬هل‭ ‬ربما‭ ‬الضغط‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الاتجاهات‭ ‬المتداخلة؟‭ ‬لكن‭ ‬تبقى‭ ‬جودة‭ ‬التدبير‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬مطروحة‭.‬
سأسوق‭ ‬هنا‭ ‬مثالين‭ ‬لإشكالية‭ ‬تدبير‭ ‬المجال‭ ‬الواحي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬جهة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬المركزي‭ ‬بالوزارة‭ ‬المعنية‭. ‬الأول‭ ‬تتعلق‭ ‬باتفاقية‭ ‬مع‭ ‬وقف‭ ‬التنفيذ‭ ‬وتتمثل‭ ‬في‭  ‬عقد‭ ‬مجلس‭ ‬جهة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة‭ ‬لاتفاقية‭ ‬شراكة‭ ‬للحماية‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬وتهيئة‭ ‬وتأهيل‭ ‬واحات‭ ‬طاطا،‭ ‬موقعة‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬استتبعها‭ ‬تماطل‭... ‬تابعت‭ ‬الجهة‭ ‬الموضوع،‭ ‬وقامت‭ ‬بتعديل‭ ‬الاتفاقية‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬استثنائية‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬16‭ ‬نونبر‭ ‬2023‭ ‬لعدم‭ ‬التزام‭ ‬أحد‭ ‬الأطراف‭ ‬المشاركة‭ ‬مما‭ ‬عطل‭ ‬تنفيذ‭ ‬إجراءاتها،‭ ‬وهكذا‭ ‬تفاجئ‭ ‬ساكنة‭ ‬المنطقة‭ ‬بحريقين‭ ‬مهولين‭ ‬(حريقي‭ ‬منطقتي‭ ‬"أديس‭ ‬و"تيزكي‭ ‬إيرغن"‭ ‬اللذان‭ ‬اندلع‭ ‬لهيبهما‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬شهر‭ ‬غشت‭  ‬2023)‭.‬
اتفاقية‭ ‬تم‭ ‬الرهان‭ ‬عليها‭ ‬لتخفيف‭ ‬الوطئ،‭ ‬وستساهم‭ ‬بفعالية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬معضلة‭ ‬نشوب‭ ‬أي‭ ‬حريق‭ ‬على‭ ‬حين‭ ‬غرة‭.. ‬وبذلك‭ ‬ستحول‭ ‬مختلف‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬دون‭ ‬انتعاش‭ ‬المسببات‭ ‬الرئيسية‭ ‬لاندلاع‭ ‬الحرائق‭. ‬لكن‭ ‬اتفاقية‭ ‬بقيت‭ ‬حبرا‭ ‬على‭ ‬ورق‭. ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬تمت‭ ‬المصادقة‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬العادية‭ ‬للمجلس‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2022‭. ‬وقد‭ ‬حدد،‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الاتفاقية،‭ ‬أجل‭ ‬أقصاه‭ ‬30‭ ‬يوما‭ ‬لانطلاق‭ ‬تنفيذ‭ ‬اتفاقية‭ ‬الشراكة،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬التأشير‭ ‬على‭ ‬الاتفاقية‭ ‬المشتركة‭. ‬ورسمت‭ ‬أهداف‭ ‬مشتركة‭ ‬دقيقة‭ ‬مع‭ ‬مكونات‭ ‬مفصلة‭ ‬للمشروع‭. ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تفعيل‭ ‬الاتفاقية‭. ‬وهكذا‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬27‭ ‬يونيو‭ ‬2024‭ ‬بطاطا‭ ‬ليتم‭ ‬إعادة‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬شراكة‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬جهة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة‭ ‬و‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬والتنمية‭ ‬القروية‭ ‬والمياه‭ ‬والغابات،‭ ‬ووالي‭ ‬جهة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة،‭ ‬وعامل‭ ‬إقليم‭ ‬طاطا،‭ ‬ورئيس‭ ‬المجلس‭ ‬الإقليمي‭ ‬لطاطا‭ ‬والقائد‭ ‬الجهوي‭ ‬للوقاية‭ ‬المدنية‭ ‬لجهة‭ ‬سوس‭ ‬ماسة‭ ‬حول‭ ‬تمويل‭ ‬وإنجاز‭ ‬مشروع‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬وتهيئة‭ ‬وتأهيل‭ ‬واحات‭ ‬طاطا‭. ‬هل‭ ‬الاتفاقية‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬السابقة‭ ‬وتم‭ ‬إعادة‭ ‬صياغتها‭ ‬لتجاوز‭ ‬المعيقات‭ ‬التي‭ ‬اعترضتها؟
ويبدو‭ ‬أن‭ ‬الغلاف‭ ‬المالي‭ ‬الإجمالي‭ ‬لهذه‭ ‬الإتفاقية‭ ‬يتجاوز‭ ‬112‭ ‬مليون‭ ‬درهم،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬وتهيئة‭ ‬وتأهيل‭ ‬الواحات‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الحرائق‭ ‬بالإقليم‭. ‬وتسريع‭ ‬عملية‭ ‬التدخل‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬حرائق‭ ‬الواحات‭. ‬وحماية‭ ‬السكان‭ ‬والممتلكات‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭ ‬من‭ ‬الأخطار‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬الحرائق‭ ‬والكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬والحوادث‭ ‬المختلفة‭. ‬ثم‭ ‬بناء‭ ‬وتجهيز‭ ‬مركز‭ ‬الاغاثة‭ ‬للوقاية‭ ‬المدنية‭ ‬بأقا‭. ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬نمر‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ‭ ‬دون‭ ‬مماطلة‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭  ‬طول‭ ‬الانتظار‭.‬
المثال‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬سبق‭  ‬لوزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬والتنمية‭ ‬القروية‭ ‬والمياه‭ ‬والغابات‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬وزيرها‭ ‬السابق‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالي‭ ‬السيد‭ ‬عزيز‭ ‬أخنوش،‭ ‬أن‭ ‬انتبهت‭ ‬مند‭ ‬2016‭ ‬لأهمية‭ ‬استدامة‭ ‬الواحات‭ ‬المغربية‭. ‬وتقدم‭ ‬المغرب‭ ‬بمبادرة‭ ‬«الواحات‭ ‬المستدامة»‭  ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬الثاني‭ ‬والعشرون‭ ‬بمدينة‭ ‬مراكش (COP22) عام‭ ‬2016،‭ ‬بغية‭ ‬حماية‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬الأكـثـر‭ ‬هشاشة،‭ ‬وتشجيع‭ ‬معالجة‭ ‬قضايا‭ ‬تـغـيـر‭ ‬المـنـاخ‭ ‬مـن‭ ‬خلال‭ ‬إجـراءات‭ ‬الـتـكـيـف‭ ‬واستحضار‭ ‬خـصائص‭ ‬كل‭ ‬نـظام‭ ‬بيئي،‭ ‬وكذا‭ ‬الدعوة‭ ‬لتعاون‭ ‬دولـي‭ ‬قوي‭  ‬لمواجهة‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬لكن‭ ‬بقيت‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬في‭ ‬الرفوف‭ ‬الى‭ ‬حين‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬للواحات‭ ‬ونخيل‭ ‬التمر‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬ورزازات،‭ ‬السنة‭ ‬الماضية،‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬«جميعا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استدامة‭ ‬وتكيف‭ ‬المنظومة‭ ‬الواحية»،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري‭ ‬والتنمية‭ ‬القروية‭ ‬والمياه‭ ‬والغابات‭ ‬وأعلن‭ ‬رسميا‭ ‬تبني‭ ‬المبادرة‭ ‬عمليا‭ ‬بعد‭ ‬انتظار‭ ‬ثمان‭ ‬سنين‭. ‬
وفي‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬بادرت‭ ‬جائزة‭ ‬خليفة‭ ‬الدولية‭ ‬لنخيل‭ ‬التمر‭ ‬والابتكار‭ ‬الزراعي‭ ‬بأبوظبي،‭ ‬إلى‭ ‬الاعلان‭ ‬عن‭ ‬«المبادرة‭ ‬الدولية‭ ‬للمحافظة‭ ‬على‭ ‬واحات‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي»‭ ‬بمقاربة‭ ‬تشاركية‭ ‬استندت،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬مرجعياتها،‭ ‬على‭ ‬مرجعية‭ ‬«الواحات‭ ‬المستدامة»‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬الثاني‭ ‬والعشرون‭ ‬بمدينة‭ ‬مراكش‭ ‬بالمملكة‭ ‬المغربية‭ ‬(COP22)‭ ‬سنة‭ ‬2016‭. ‬مسعى‭ ‬إذن‭ ‬سينطلق‭ ‬بتعاضد‭ ‬مختلف‭ ‬الأطراف‭ ‬الدولية‭ ‬المعنية‭ ‬بالواحات‭ ‬ستساهم‭ ‬في‭ ‬انقاد‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاده‭ ‬واستدامة‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الطبيعي‭ ‬الهام‭.‬
لكن‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬شمل‭ ‬المبادرة‭ ‬المغرب‭ ‬"واحات‭ ‬مستدامة"‭ ‬المعلنة‭ ‬بقمة‭ ‬المناخ‭ ‬بمراكش‭ ‬التماطل‭ ‬والفرملة‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬هل‭ ‬مقصودة‭ ‬أو‭ ‬عفوية‭ ‬لم‭ ‬تدرج‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬أجندة‭ ‬الوزارة‭. ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬بعد‭ ‬تفعيل‭ ‬المبادرتين‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي‭ ‬أو‭ ‬الدولي‭ ‬فبقيت‭ ‬دون‭ ‬تنفيذ‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬سبب‭ ‬هذه‭ ‬التوقف‭ ‬ومن‭ ‬أي‭ ‬جانب!!!!‭ ‬وتبقى‭ ‬الواحات‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬الانتظار‭ ‬تتطلع‭ ‬للحسم‭ ‬و‭ ‬الأجرأة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ذوو‭ ‬القرار‭. ‬الانتظار‭ ‬ثم‭ ‬الانتظار‭...  ‬هذا‭ ‬قدرنا!!!!!
ننتظر‭ ‬إذن‭ ‬تنفيذ‭ ‬مراسيم‭ ‬إجراءات‭ ‬تطبيقية‭ ‬لفحوى‭ ‬المبادرة‭  ‬ورسم‭ ‬خارطة‭ ‬طريق‭ ‬عملية‭. ‬نقول‭ ‬لذوي‭ ‬القرار‭ ‬بكل‭ ‬ود،‭  ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬متسع‭ ‬للتماطل‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬الواحات‭ ‬تئن‭. ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬للتأجيل‭.....‬أرجوكم‭ ‬!!!!‭  ‬
نتطلع‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الإفراج‭ ‬عن‭ ‬«استدامة‭ ‬الواحات»‭ ‬بمسؤولية‭ ‬وحزم‭ ‬وإجراءات‭ ‬إلزامية‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مناسبة‭ ‬مقبلة‭ ‬تتجلى‭ ‬في‭ ‬المعرض‭ ‬الدولي‭ ‬للتمور‭ ‬بأرفود‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭.‬
 
‬ما‭ ‬المطلوب،‭ ‬في‭ ‬نظرك،‭ ‬لتجاوز‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭  ‬بواحات‭ ‬النخيل‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬حتى‭ ‬تخدم‭ ‬الانسان‭ ‬والمجال‭ ‬وتنعكس‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬الترابية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬المحلية‭ ‬وتحقّق‭ ‬الأثر؟
 يجب‭ ‬تطوير‭ ‬وإدماج‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬مع‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع،‭ ‬لدراسة‭ ‬الوضع‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬الاختلالات‭ ‬متداخلة‭ ‬الاتجاهات‭. ‬وصياغة‭ ‬قوانين‭ ‬مناسبة‭ ‬لحماية‭ ‬وتطوير‭ ‬الواحات‭.‬
وتبقى‭ ‬إشكالية‭ ‬المياه‭ ‬السؤال‭ ‬الأكثر‭ ‬إلحاحا‭ ‬في‭ ‬الواحات‭ ‬مما‭ ‬يستوجب‭ ‬إحداث‭ ‬استراتيجية‭ ‬مستدامة‭ ‬لتعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية،‭ ‬القلب‭ ‬النابض‭ ‬للواحات‭. ‬وباتت‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحة‭ ‬إلى‭ ‬تدبير‭ ‬عقلاني‭ ‬وعادل‭ ‬لموارد‭ ‬المياه‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬النظم‭ ‬البيئية‭ ‬للواحات‭. ‬وتوعية‭ ‬الفاعلين‭ ‬حول‭ ‬أهمية‭ ‬النظام‭ ‬البيئي‭ ‬الواحي‭. ‬وكذا‭ ‬مسألة‭ ‬التخطيط‭ ‬المجالي‭. ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬إجراءات‭ ‬قوية‭ ‬تطرح‭ ‬المشكلة‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإنقاذ‭ ‬وليس‭ ‬الحماية‭.‬
يجب‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬المصالح‭ ‬الوصية‭ ‬والمعنية‭ ‬منهجية‭ ‬الاستعدادات‭ ‬وسبل‭ ‬المواجهة‭ ‬المعتمدة‭ ‬بمقاربة‭ ‬ذات‭ ‬خصوصية‭ ‬دقيقة‭. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسات‭ ‬عمومية‭ ‬تروم‭ ‬إيجاد‭ ‬سبل‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭. ‬وتأهيل‭ ‬المناطق‭ ‬الهشة‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬مثل‭  ‬الحرارة‭ ‬المتطرفة‭ ‬والسلوك‭ ‬الانساني‭ ‬الشاذ‭. ‬وتدقيق‭ ‬تدبير‭ ‬القطاع‭ ‬مع‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭. ‬عبر‭ ‬خلق‭ ‬مرصد‭ ‬بيئي‭ ‬للنظم‭ ‬البيئية‭ ‬للواحات‭ ‬للتتبع‭ ‬وتقييم‭ ‬الوضعية‭ ‬بدقة‭ ‬وحرفية‭ ‬علمية‭ ‬لتحديد‭ ‬موطن‭ ‬الخلل‭. ‬ومراجعة‭ ‬السياسة‭ ‬العمومية‭ ‬المتبعة‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬بحس‭ ‬ومسؤولية‭ ‬مرهفة‭ ‬ويقظة‭ ‬وتأهب‭ ‬عال‭...‬