أعلنت مؤسسة ألموكار عن تنظيم الدورة 17 لموسم طانطان، باعتباره محطة أساسية للاحتفاء بالثراء الثقافي والتراث غير المادي للمغرب، خلال الفترة الممتدة بين 26 و30 يونيو 2024، حول موضوع: "موسم طانطان: 20 عاما من الصون والتنمية البشرية".
جريدة "أنفاس بريس"، حاورت الباحث في الثقافة الحسّانية ابراهيم الحَيْسن، الذي سافر بنا في البدايات الأولى لهذا الموسم المُسجل من قبل منظمة اليونسكو منذ عام 2008 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
تحتضن مدينة طانطان ونواحيها كل عام موسم طانطان باعتباره تظاهرة ثقافية الأشهر من نوعها التي تُعرّف بالموروث الثقافي الصحراوي عموما وبالإرث الحساني على وجه التحديد، في رأيكم هل الأهداف الثقافية لموسم طانطان تتحقق على أرض الواقع؟
ينبغي أن نعلم أن موسم طانطان مرّ من مراحل عديدة، وكان يُعرف سابقا باسم "أمَڭـَّارْ" المسمَّى في الأصل "موسم الشيخ محمد الأغظف" نسبة إلى الولي الصالح الشيخ محمد الأغظف، حيث شكل مزاراً ومحجّاً للقبائل الصحراوية ولكل الوافدين والزوار والمريدين من مختلف المناطق والجهات، واستمر لسنوات قبل أن يتوقف عام 1974 لأسباب سياسية معقدة، وأمسى يُعرف لاحقاً باسم "موسم طانطان" منذ دورات عديدة. كما تمَّ تصنيفه عام 2008 ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني غير المادي، وذلك من قِبَلِ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وسعى الموسم خلال دوراته ونسخه الماضية، لاسيما بعد خلق "مؤسسة الموكَار"، إلى إبراز مختلف التعبيرات والأشكال الثقافية والإبداعية لرحل الصحراء من طقوس وعادات يومية وفنون إيقاعية وجسدية، إلى جانب الآداب والمرويات والألعاب الشعبية ونمط العيش ومختلف المهارات والممارسات الحِرفية الصحراوية وغيرها، حيث تنصب الخيام وتتحوَّل بمناسبته إلى أروقة تراثية وفضاءات مفتوحة للتلاقي وصلة الرَّحم، تقام بجانبها مسابقات ومنافسات في العديد من الرياضات الشعبية، أبرزها سباق الإبل "اللَّزْ" وسباق الخيل والرماية "اخْبِيطْ الشَّارَة"، فضلاً عن تنظيم الندوات والمجالس الفكرية والأدبية والعلمية، إلى جانب الاهتمام بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والرياضي.
كيف يتمكن موسم طانطان من صون الموروث الثقافي الحساني؟
مسألة صون وتثمين الموروث الثقافي الحساني وثقافة رحل الصحراء من الأولويات التي يُراهن عليها موسم طانطان، وأرى بأن هذا الأمر يتطلب المزيد من الوقت لغنى هذا الموروث من جهة، وللحاجة إلى تكثيف البحث من أجل تدوين وتوثيق مكونات وعناصر الموروثات الثقافية في المنطقة باعتماد الآليات العلمية الكفيلة بذلك.
وتشكل الندوات العلمية والموائد المستديرة والمحاضرات وطبع الأوراق والنقاشات والتوصيات المنبثقة عنها، وكذا تنظيم الورشات التدريبية وإنجاز الأشرطة التوثيقية والمعارض الفنية فرصا ثمينة لصون الذاكرة التراثية في المنطقة، وذلك بإدماج وإشراك الطاقات المحلية من مبدعين وفاعلين وباحثين ومختلف المتدخلين من أبناء المنطقة وغيرهم، ولعل هذه المقاربة التشاركية الأمثل لإنجاح كل مبادرة تتجه نحو الأهداف والغايات المنشودة.
وبرأيي الشخصي، حان الوقت لتقييم تجربة موسم طانطان من أجل إيجاد وسيلة أنجع للمضي قدما لترسيخ وتكريس الأهداف المتوخاة من الموسم، وأقصد على هذا المستوى تقييم الجوانب التنظيمية والتواصلية وكذلك أداء وفاعلية المؤسسات الشريكة والجمعيات والفاعلين وغيرهم...
تنظم مؤسسة ألموكار كل عام على هامش دورات موسم طانطان ندوة ثقافية تعني بالثقافة الحسانية وبالتراث غير المادي، ما هي في رأيكم خطة الطريق التي تعتمد للمضي قدما في حفظ الذاكرة الحسانية وصون التراث غير المادي؟
سبق لمؤسسة الموكَار أن نظمت خلال دورات سابقة لموسم طانطان ندوات مختلفة المواضيع سعت إلى التعريف بالثقافة الحسانية ومرّت دون أن تُدَوَّن، لكن الندوة العلمية المنظمة بمناسبة نسخة العام الماضي كانت متميِّزة للغاية، حيث أقيمت في أربع جلسات تمحورت حول موضوع "الثقافة الحسانية: رهانات حفظ الذاكرة وصيانة التراث غير المادي"، بمشاركة باحثين من المناطق الجنوبية ومن موريتانيا الشقيقة. وقد تمَّ طبع ملخصات وتوصيات هذه الندوة في كتيب توثيقي في انتظار نشر كتاب الندوة.
امتدادا لذلك، يشهد موسم طانطان خلال هذا العام ندوة علمية أخرى بموضوع جديد ذي أهمية كبرى يتمثل في مقاربة موضوع "موسم طانطان والعمق الإفريقي للثقافة الحسانية" يُشارك فيها خبراء أفارقة معتمدين من طرف اليونسكو، إلى جانب باحثين من المنطقة، للإسهام في الندوة وإغناء محتواها التاريخي والعلمي وإثراء النقاش البنّاء حول الرهانات والتحديات التي تواجه الحسانية وتعبيراتها الثقافية والأدبية والفنية المختلفة.
في هذا السياق، تتبنى مؤسسة الموكَار خطة تشاركية تبدأ بتوجيه الدعوة لباحثين من المنطقة المشهود لهم بالكفاءة والإنتاج العلمي، إلى جانب خبراء وأكاديميين من الأقطار الصديقة والشقيقة المعروفين والمكرَّسين، مع اختيار مواضيع ثقافية وتراثية تنسجم مع الرّاهن وتتلاءم مع التوجهات الأساسية لموسم طانطان. ولذلك، يعمل إلى جانب المؤسسة فريق من الباحثين المحليين تُعهد إليهم مهمة التنسيق والتدبير العلمي للندوة.
ويعد تنظيم مثل هذه اللقاءات العلمية الوسيلة الأنسب لإرساء أسس التواصل والتعاون والتبادل بين الخبراء والمختصين والمهتمين بأسئلة ورهانات الثقافة الحسّانية وخطوة ضرورية لبناء تصوُّر جماعي شامل قابل للأجرأة والتنزيل على أرض الواقع على نحو فعلي وفاعل يٌعيد لهذه الثقافة وضعها الاعتباري والطبيعي...
جريدة "أنفاس بريس"، حاورت الباحث في الثقافة الحسّانية ابراهيم الحَيْسن، الذي سافر بنا في البدايات الأولى لهذا الموسم المُسجل من قبل منظمة اليونسكو منذ عام 2008 ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
تحتضن مدينة طانطان ونواحيها كل عام موسم طانطان باعتباره تظاهرة ثقافية الأشهر من نوعها التي تُعرّف بالموروث الثقافي الصحراوي عموما وبالإرث الحساني على وجه التحديد، في رأيكم هل الأهداف الثقافية لموسم طانطان تتحقق على أرض الواقع؟
ينبغي أن نعلم أن موسم طانطان مرّ من مراحل عديدة، وكان يُعرف سابقا باسم "أمَڭـَّارْ" المسمَّى في الأصل "موسم الشيخ محمد الأغظف" نسبة إلى الولي الصالح الشيخ محمد الأغظف، حيث شكل مزاراً ومحجّاً للقبائل الصحراوية ولكل الوافدين والزوار والمريدين من مختلف المناطق والجهات، واستمر لسنوات قبل أن يتوقف عام 1974 لأسباب سياسية معقدة، وأمسى يُعرف لاحقاً باسم "موسم طانطان" منذ دورات عديدة. كما تمَّ تصنيفه عام 2008 ضمن لائحة التراث العالمي الإنساني غير المادي، وذلك من قِبَلِ منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
وسعى الموسم خلال دوراته ونسخه الماضية، لاسيما بعد خلق "مؤسسة الموكَار"، إلى إبراز مختلف التعبيرات والأشكال الثقافية والإبداعية لرحل الصحراء من طقوس وعادات يومية وفنون إيقاعية وجسدية، إلى جانب الآداب والمرويات والألعاب الشعبية ونمط العيش ومختلف المهارات والممارسات الحِرفية الصحراوية وغيرها، حيث تنصب الخيام وتتحوَّل بمناسبته إلى أروقة تراثية وفضاءات مفتوحة للتلاقي وصلة الرَّحم، تقام بجانبها مسابقات ومنافسات في العديد من الرياضات الشعبية، أبرزها سباق الإبل "اللَّزْ" وسباق الخيل والرماية "اخْبِيطْ الشَّارَة"، فضلاً عن تنظيم الندوات والمجالس الفكرية والأدبية والعلمية، إلى جانب الاهتمام بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والرياضي.
كيف يتمكن موسم طانطان من صون الموروث الثقافي الحساني؟
مسألة صون وتثمين الموروث الثقافي الحساني وثقافة رحل الصحراء من الأولويات التي يُراهن عليها موسم طانطان، وأرى بأن هذا الأمر يتطلب المزيد من الوقت لغنى هذا الموروث من جهة، وللحاجة إلى تكثيف البحث من أجل تدوين وتوثيق مكونات وعناصر الموروثات الثقافية في المنطقة باعتماد الآليات العلمية الكفيلة بذلك.
وتشكل الندوات العلمية والموائد المستديرة والمحاضرات وطبع الأوراق والنقاشات والتوصيات المنبثقة عنها، وكذا تنظيم الورشات التدريبية وإنجاز الأشرطة التوثيقية والمعارض الفنية فرصا ثمينة لصون الذاكرة التراثية في المنطقة، وذلك بإدماج وإشراك الطاقات المحلية من مبدعين وفاعلين وباحثين ومختلف المتدخلين من أبناء المنطقة وغيرهم، ولعل هذه المقاربة التشاركية الأمثل لإنجاح كل مبادرة تتجه نحو الأهداف والغايات المنشودة.
وبرأيي الشخصي، حان الوقت لتقييم تجربة موسم طانطان من أجل إيجاد وسيلة أنجع للمضي قدما لترسيخ وتكريس الأهداف المتوخاة من الموسم، وأقصد على هذا المستوى تقييم الجوانب التنظيمية والتواصلية وكذلك أداء وفاعلية المؤسسات الشريكة والجمعيات والفاعلين وغيرهم...
تنظم مؤسسة ألموكار كل عام على هامش دورات موسم طانطان ندوة ثقافية تعني بالثقافة الحسانية وبالتراث غير المادي، ما هي في رأيكم خطة الطريق التي تعتمد للمضي قدما في حفظ الذاكرة الحسانية وصون التراث غير المادي؟
سبق لمؤسسة الموكَار أن نظمت خلال دورات سابقة لموسم طانطان ندوات مختلفة المواضيع سعت إلى التعريف بالثقافة الحسانية ومرّت دون أن تُدَوَّن، لكن الندوة العلمية المنظمة بمناسبة نسخة العام الماضي كانت متميِّزة للغاية، حيث أقيمت في أربع جلسات تمحورت حول موضوع "الثقافة الحسانية: رهانات حفظ الذاكرة وصيانة التراث غير المادي"، بمشاركة باحثين من المناطق الجنوبية ومن موريتانيا الشقيقة. وقد تمَّ طبع ملخصات وتوصيات هذه الندوة في كتيب توثيقي في انتظار نشر كتاب الندوة.
امتدادا لذلك، يشهد موسم طانطان خلال هذا العام ندوة علمية أخرى بموضوع جديد ذي أهمية كبرى يتمثل في مقاربة موضوع "موسم طانطان والعمق الإفريقي للثقافة الحسانية" يُشارك فيها خبراء أفارقة معتمدين من طرف اليونسكو، إلى جانب باحثين من المنطقة، للإسهام في الندوة وإغناء محتواها التاريخي والعلمي وإثراء النقاش البنّاء حول الرهانات والتحديات التي تواجه الحسانية وتعبيراتها الثقافية والأدبية والفنية المختلفة.
في هذا السياق، تتبنى مؤسسة الموكَار خطة تشاركية تبدأ بتوجيه الدعوة لباحثين من المنطقة المشهود لهم بالكفاءة والإنتاج العلمي، إلى جانب خبراء وأكاديميين من الأقطار الصديقة والشقيقة المعروفين والمكرَّسين، مع اختيار مواضيع ثقافية وتراثية تنسجم مع الرّاهن وتتلاءم مع التوجهات الأساسية لموسم طانطان. ولذلك، يعمل إلى جانب المؤسسة فريق من الباحثين المحليين تُعهد إليهم مهمة التنسيق والتدبير العلمي للندوة.
ويعد تنظيم مثل هذه اللقاءات العلمية الوسيلة الأنسب لإرساء أسس التواصل والتعاون والتبادل بين الخبراء والمختصين والمهتمين بأسئلة ورهانات الثقافة الحسّانية وخطوة ضرورية لبناء تصوُّر جماعي شامل قابل للأجرأة والتنزيل على أرض الواقع على نحو فعلي وفاعل يٌعيد لهذه الثقافة وضعها الاعتباري والطبيعي...