حادثة انتحار فتاة آسفي موجعة ومفجعة...
كالعادة سيخرج من حيث لا ندري المحللون...
وعلماء بلا صفة...
وقضاة بلا بدلة...
ومن يفتون في كل شيء حتى في مذاق لحوم الرومان
وعلف قطط الإسبان...
وسيظهر الفاهمون جدا...
ليحللوا ويبحثوا عن الخلل..
سيبحثون عن أضعف حلقة في المنظومة التربوية....
سيفتون حلولا لا علاقة لها بالقوانين المنظمة للامتحانات...
سيقولون...
لم يكن على الأستاذة طردها...
والتعبير الصحيح هو مطالبتها بالخروج من قاعة للامتحان بعدما ضبطت في حالة غش
وفقا للقوانين...
ماذا فعلت الأستاذة...؟
طبقت ما وقعت عليه كن التزامات كمراقبة...
لو لان قلبها لجاء بأخبارها الفيسبوك...
جنى التلاميذ العفويون سيقولون" كانت عند أستاذة مزيانة... تلقاه لينا اللعب... خلاتنا نقلو.."
ربما العملية قاسية...
لكن هذا هو القانون الذي يؤسس لتكافؤ الفرص والمساواة...
ربما قد تبدو العملية قاسية...
لكن التراخي مع الغش منذ زمن هو الذي أنتج جيلا يطالب بالحق في الغش...
كأن الغش صارا حقا مكتسبا...
انتحرت الفتاة غفر الله لها...
فلا تعلقوا المدرسة...
ولا تصلبوا الأستاذة...
ولا تعلنوا محاكمة علنية لأستاذة قامت بواجبها...
ويعلم الله حالها الآن...
فانتحار الفتاة أصابنا كلنا في مقتل...
وهي ضحية بلا شك...
ضحية لمنظومة تعليمية تكرس تقويم المعلومات بتدوير المعارف...
منظومة لا تقِّيم المهارات والقدرات والكفايات وإن تبنتها في الخطاب البيداغوجي، منظومة لا تنفتح على أساليب جديدة لتقويم ينتصر للذكاء والابتكار والانفتاح...
إن التقويم الذي يمكن تجاوزه بسهولة بتكرار الوضعيات والنمذجة والتدوير الممل في الساعات الإضافية الجائرة...
يصنع جيلا بارعا في الرسكلة والتنميط والتكرار واعتماد الحفظ ولو في التحليل الرياضي...
الفتاة ضحية...
ضحية منظومة تصنع الفشل.... ولو بأعلى المعدلات...
تصنع أصنام المعرفة ولو بمعدلات خرافية...
لأنه يكفي أن تغير السياق تتوه العقول التي اعتمدت النمذجة ..
هي ضحية... كابوس صنعته الأسرة...
اسمه الامتحان...
ضحية قتيل كان وسيظل صانع الحضارات
اسمه الأول: الحق في الفشل
وكنيته: أبو أمل...
هي ضحية...
فوبيا مجتمعية الإخفاق
لا نعلم أبناءنا أن الفشل وارد...
أن الإخفاقات جزء من التجربة الحياتية...
أن السقوط ليس ذلا
أن العار ليس الفشل...
بل الغش من أجل النجاح...
لم نعلم أبناءنا أن الحياة لها مداخل متعددة...
الشهادات باب واحد من أبوابها فقط...
لم نعلمهم أن الفشل ليس عارا...
وأن الغش هو العار الحقيقي القاتل...
وأن الإخفاق حق مقدس...
يؤسس للكرامة والمعرفة...
لا يمكننا مواجهة الغش...
بمراسلات والتزامات ستالينية...
ولا بوصلات إعلامية فجة تأتي ليلة الامتحان لتصنع هي نفسها رهاب الامتحان...
علينا أن نسائل الغش الذي ينخر مجتمعنا...
لو حدثكم عن الغشاشين الكبار لسقط في أيدكم...
علينا أن نغير منظومة التقويم...
مم تقويم المعدلات العالية الفقاعاتية التي لا تصنع العلماء ولا المبتكرين... بل مجرد أطر عليا بلا أفق ابتكاري...
علينا أن نؤمن المجتمع من الغش..
فالتطبيع مع يجعله حقا...
رحمها الله تعالى...
مات فتاة آسفي...
لأنها علموها أن الفشل عارا...
لم يعلموها أن الباكلوريا مجرد شهادة... لا تدل عليك...
مجرد شهادة...
فد تكون بوابة لاتيه
قاتلها من رسخ الشعور بالخزي عند الفشل..
ور بط البكالوريا بالمجد...
خالد أخازي، إعلامي وروائي