بداية، ولكي تتضح الأمور، نحن بحاجة إلى أن نتطرق أولا إلى المفردات التي تستعمل غالبا في هذا المجال، والتي لها علاقة مباشرة بموضوع براءة الإختراع. فليست كل فكرة باختراع وليس كل اختراع بابتكار؛ لكن وفي كل الأحوال وجب أن تكون هناك حماية قانونية تحمي كل فئة، وهذا ما يقوم به على الصعيد الوطني المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC).
إن براءات الإختراع التي توضع على الصعيد المحلي لدى هذا المكتب هي في تصاعد نسبي، لكن جد ضعيفة مقارنة مع الدول المتقدمة، وذلك راجع لعدة عوامل تعيق نموها قد أختزل بعضها في ما يلي:
- لحماية براءة الإختراع على الصعيد العالمي وليس فقط المحلي، وجب توفير ما يتطلبه هذا الإجراء من إيجاد حلول للموارد البشرية والمالية لهذا الغرض، لأن المخترع كفرد قد يصعب عليه تتبع ترتيبات براءات الإختراع على الصعيد العالمي.
- هناك منطق صناعي وتجاري وحتى بحثي علمي يحث بعدم إشهار أو بيع فكرة ما بمجرد الحصول عليها للوهلة الأولى لحل مشكل بحثي وصناعي ما بدون وضع براءة اختراع، بل وكذلك وجب وضع آليات وخبرة تقنية وفنية قد تكون مبلورة في منتوج صناعي لهذا الغرض. لأن مجرد فكرة أولية قد تطورها جهات أخرى إلى منتوج صناعي ما سيعيق استفادة الدولة المعنية من الفوائد الإقتصادية لهذا المنتوج، حيث أن المصنع هو الرابح وليس صاحب الفكرة .. وهذا بالضبط ما يمكن معه طرح هذا الفرق بين المخترع المبدع والمبتكر المنتج ؛ لأن الإختراع ليس بمنتوج في حد ذاته حتى ولو بوضع براءة الإختراع، أما الإبتكار فهو طرح منتوج ما في السوق بآلاف أو ملايين الوحدات حسب الطلب. وفي هذا الإطار، قد آخذ كمثال ابتكار الهاتف الذكي، حيث أن المبتكر لهذا المنتوج قد استعمل أزيد من ثلاثة آلاف براءة اختراع ليتمكن من تصنيعه وبكمية كبيرة. نتج عن هذا أن قد تم توقيع تراخيص وعقود مع من كان مصدرا لثلاثة آلاف براءة اختراع، ويصب كل هذا في ازدهار الإقتصاد والتنمية البشرية.
- عدد شواهد براءة الإختراع له ارتباط وثيق بالإقلاع الصناعي للدول ؛ حيث أن التموضع الأخير للمغرب يبرزه في مجالات عدة اهمها صناعة السيارات والطائرات، وما يصبو إليه من نسبة تكامل صناعي مغربي 100%، قد يمكن هذا الشباب المغربي من الإحتكاك المباشر مع كل ما يتعلق بالحقل الصناعي، وهو ما يسمح له بإيجاد حلول مبتكرة ناجعة لكل ما قد يتعرض له من مشاكل تقنية وتصنيعية لمنتج ما، لأن وجود منتجات محلية الصنع سيساعد من ضخ أفكار جديدة وحلول مبتكرة أكثر فأكثر، وهذا من أهم العوامل المتحكمة في الإقلاع الصناعي..
حميد العماري/ مدير مختبر الطاقات المتجددة ومسؤول سابق عن المنصة التكنلوجية بمركز الإبتكار وجامعة الحسن الأول ـ سطات..