السبت 18 مايو 2024
ضيف

محمد الحوضي: المجال الفني في المغرب تحكمه الوساطة والعلاقات

 
 
محمد الحوضي: المجال الفني في المغرب تحكمه الوساطة والعلاقات

هو من خريجي الفوج رقم 17 للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي سنة 2005. ينتمي لجيل "دنيا بوتازوت" و"عبد السلام بوحسيني"... بدأ في حلبة الملاكمة وانتقل لخشبة المسرح. تنفس التمثيل من رحيق المسرح بزقاق الحي المحمدي بالبيضاء. سجل حضوره بقوة في العديد من الأعمال التلفزيونية: مسلسل "المجذوب" وفيلم "شفاه الصمت" و"سلسلة كنال 36" مع الفنان حسن الفد.. الممثل والمسرحي الشاب محمد الحوضي غاب عن شاشة التلفزيون في الأربع سنوات الأخيرة. يقول إن هذا الغياب أو التغييب، جعله يتجه لإدارة فرقة مسرحية ويعود بشكل تام للتمثيل المسرحي. يؤكد في هذا الحوار على ضرورة أن يكون الفنان الأكاديمي حاملا لمشروع لتحقيق تنمية ذاتية، لكن يتأسف في الآن نفسه لكون المجال الفني تنخره المحسوبية والزبونية.. التقاه موقع "أنفاس بريس"، وكان معه هذا الحوار..

- سجلت حضورك على الشاشة مع الفنانين "حسن الفد" و"طارق البخاري"، كيف جمعتكم الظروف؟ وكيف كانت البداية؟

+ البداية كانت مع الصديق الفنان "طارق البخاري" في ثانوية "عقبة بن نافع" بالحي المحمدي بالبيضاء، كان الأستاذ حسن الفد يشتغل على المسرح بالثانوية. كنا نمارس معه المسرح منذ سنة 1997. بعد فترة التحقت بمعهد الدار البيضاء. أمضيت هناك ثلاث سنوات. وصلتني معلومة إمكانية التسجيل بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، فالتحقت به سنة 2001، وكان التخرج سنة 2005.

- شاركت في العديد من الأعمال المسرحية والفنية قبل وبعد التخرج. ما هي أهم المحطات والأعمال الفنية الراسخة في ذهنك؟

+ بالموازاة مع المسرح كنت أمارس رياضة الملاكمة. شاركت في معسكر رفقة المنتخب (15 يوما) في إطار الاستعدادات لألعاب البحر الأبيض المتوسط. (أظن سنة 1996). لكن توقفت مسيرة الملاكمة واستمر المسرح. من أهم المحطات الراسخة في ذهني تجربة مسرحية رفقة الطيب الصديقي من 1998 إلى غاية سنة 2000. اشتغلت أيضا مدة قصيرة رفقة "عزيز الفاضلي" في عرض مسرح العرائش، في إطار جولة لعرض "صندوق لفراجة" التي كان قد قدمها ضمن جولة في المدارس. وبعد التخرج شاركت أيضا في فيلم "عن الرجال والبحر" بطولة مشتركة بيني وبين "سعيد باي" والمرحوم "محمد مجد". دور بطولي في فيلم "هدية الأب". دور "محمد السبع" ابن المجدوب في مسلسل "المجدوب" لفريدة بورقية. وفيلم من توقيعها أيضا بعنوان "القرصان الأبيض".

- على مستوى المسرح، ما هي المسرحيات المعروفة التي شاركت فيها؟

+ من أهمها "لهواري قايد النسا" رفقة المرحوم "عزيز العلوي" والممثل "بن عيسى الجيراري"، تأليف المرحوم "الطيب لعلج" وإخراج "مسعود بوحسين". وقبل سنتين شاركت رفقة "بن عيسى الجيراري" و"عبد الله ديدان" في مسرحية "بوكتف" لـ "عبد الصمد الكنفاوي" إخراج "نور الدين زيوال" ومشاركات مسرحية كثيرة...

- تقريبا أربع سنوات وأنت غائب عن شاشة التلفزيون، رغم أنك سجلت حضورا مهما قبل ذلك. ما السبب في هذا الغياب؟

+ بالفعل الغياب يمتد تقريبا منذ سنة 2011 إلى الآن. بمعنى آخر إلى هذا اليوم (يضحك).. كنت قد شاركت رفقة محمد عاطر في تصوير سلسلة اسمها "حوار في الطرطوار"، لكنها لم تعرض، رغم أنه كان من المقرر أن تقدم للمشاهدين ما بين 2011 و2012. لا أعلم سبب عدم بثها منذ ذلك الحين إلى اليوم.

- في رأيك هل يمكن أن يستغني الفنان عن الظهور في التلفزيون وأن يكتفي بالمسرح؟

+ صعب... صعب على الفنان أن يغيب عن التلفزة، لأنها تساعد على الانتشار.. حقيقة المسرح مهم لأنه الحب الكبير، لكن إذا لم يحقق الفنان الممثل انتشارا على مستوى التلفزيون، لا يمكن أن يجد الإقبال بالمناطق النائية مثلا. الجمهور هناك يتعرف فقط على من يظهر في التلفزيون من الممثلين، والكثير من الناس لا يفرقون بين الهاوي والمحترف. الابتعاد عن التلفزيون يؤثر على الفنان ماديا ومعنويا. لا أنكر شخصيا أن العديد من المتتبعين والجمهور يتعرفون علي، ويسألون عن الجديد.. وإن شاء الله "يْكونْ خير" في الأيام القادمة..

- لمن تحمل مسؤولية غيابك عن التلفزيون: للمنتجين، المخرجين، أم إدارة القنوات بنفسها؟

+ يمكن أن أقول إن السبب يعود لي أنا شخصيا. التلفزة هي التي تشرف على الإنتاج والشركات تتكلف بالتنفيذ. التلفزيون له اختيارات معينة مرتبطة بالوجوه المعروفة التي يمكن أن يتتبعها المشاهدون. بالنسبة لشركات الإنتاج تحكمها هي أيضا اختيارات خاصة والمخرج أيضا يحتكم للكاستينغ.. لا يمكن أن أحمل المسؤولية لشخص ما أو جهة ما.

- يُفهمُ من كلامك أن الفن بالمغرب لا تحكمه الزبونية والمحسوبية، بل هي فقط مسألة اختيارات ترى أنها سليمة ومشروعة؟

+ المحسوبية والزبونية يُمكن أن أقول إنها موجودة. يتم خلق ما يمكن تسميته "عائلات" على مستوى الأعمال الفنية (المخرج الفلاني يشتغل فقط مع الفنان الفلاني)، بحكم الصداقة أو أنه جمعتهم تجارب سابقة أو تأسس بينهم نوع من الثقة. فالمخرج في هذه الحالة لا يوسع ذاكرة التفكير مع فنانين آخرين، يمكن أن نسميه كسل من جهة المخرجين لأنهم لا يبحثون عن تجارب جديدة بوجوه جديدة. ومن ناحيتي كممثل يمكن أن أعتبر الغياب نتيجة نوع من التهاون مرتبط بعدم البحث عن أعمال فنية لتسجيل الحضور والاستمرارية.

- هل تتقدم لكاستينغ المشاركة في أعمال تلفزيونية؟

+ بطبيعة الحال أتقدم للكاستينغ. لكن أغلبها لا يكون "كاستينغ" بالمفهوم الاحترافي مائة في المائة. مثلا الأدوار الرئيسية تكون موزعة سابقا قبل الكاستينغ الرسمي، وتبقى فقط متاحة الأدوار الثانوية، وهذه الأخيرة تعرف أيضا لبسا كبيرا، إذ تحضر للكاستينغ وتجد وجوها تتعرف عليها، لكن بعد مشاهدة العمل التلفزيوني لا تجد أثرا لهذه الوجوه على الشاشة، بل تجد وجوها "لا علاقة".. يعني الأمر تحكمه في الأخير العلاقات.

- كيف هي علاقاتك الفنية والإنسانية مع المنتجين والمخرجين والممثلين؟

+ إنسانيا أجد أنها علاقة طبيعية. نلتقي من حين لآخر ونسأل عن بعضنا عبر الهاتف. من الناحية الفنية، أنا لا أفرض نفسي على الأعمال الفنية وهذه طبيعة شخصيتي. أقول دائما إذا كان لي مكان داخل العمل مرحبا، وإذا لم يكن لي مكان فسيكون في مستقبل الأيام. يمكن أن يكون التقصير من جانبي مرتبط بميزة أن صاحب التكوين الأكاديمي يجب أن لا ينتظر المناداة عليه من طرف الآخرين، بل يجب أن يكون حاملا لمشروع.

- لنقف عند هذه النقطة. كيف تتعامل ذاتيا مع الوضعية للاستمرار في ممارستك تخصصك الأكاديمي وتوفير قوت اليوم؟

+ أنا دائما في المجال بحلوه ومره. المجال حابل بأشياء سلبية من قبيل الوساطة و"المعرفة" أي التوفر على شبكة علاقات قوية ووفية. كما قلت لدي مشروع فرقة مسرحية سبق وأن حصلنا على الدعم من وزارة الثقافة. لكن المشكل هو أننا طرقنا أبوابا أخرى دون أن نجد دعما. فبحكم أني مدير الفرقة توجهت شخصيا لبعض الجهات دون أن أجد جوابا شافيا. لا يمكن أن يستقبلك المكلفة أو المكلفة بالثقافة في مجلس المدينة بالرباط وبالبيضاء. قيل لي يجب أن تكون على علاقة وطيدة بمستشار كي تجد الدعم من المجالس المنتخبة. ودفعني هذا الأمر إلى التفكير في الاشتغال على مسرحية بعنوان "واش كاتعرف شي مستشار؟". للأسف بعد 36 سنة من عمري فهمت متأخرا أن دعم الفن المسرحي على مستوى المجالس المنتخبة بيد المستشار. العلاقات تحسم في الاختيارات الفنية وهي أمور مستشرية بشكل واضح. والنتيجة تعقيد الأمر. وتدهور الفن المسرحي والفن عموما باعتباره فرجة وثقافة.