الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

الحسين بكار السباعي: الحرب على غزة بين الثبات على المواقف وصراع المصالح الدولية

الحسين بكار السباعي: الحرب على غزة بين الثبات على المواقف وصراع المصالح الدولية الحسين بكار السباعي
يرى جانب كبير من محللي السياسة الدولية، أن الحرب على غزة اليوم هي أكبر مما قد نعتقد جميعا.
وأن ما يقع بالغرب وأمريكا من احتجاجات غير مسبوقة، ومن وقفات لطلبة وأساتذة بجامعاتها ومعاهدها ، ومن مظاهرات مستمرة ، أمر لا يعني الضرورة فقط ، تأييد الرأي العام العالمي للقضية الفلسطينية ومساندة كل مواقف ما يطلق عليه محوري المقاومة، فتح وحماس، وحتى الانحياز للقيم الأساسية والمبادئ التي تحكم حماس، ولا حتى دعما لما ذهب إليه البعض من أن منطقة الشرق الأوسط ستعرف تاريخا جديدا من التوترات، دشنت له عملية السابع من أكتوبر 2024، وما تلاها من جرائم حرب استهدفت المدنيين والمستشفيات وكل البنى التحتية لغزة ، وفي ذهول عالمي من بشاعة صنيع الآلة العسكرية الصهيونية .
ولا يعني البتة المساس بالمركز الاعتباري للدولة الفلسطينية وتمثيلياتها الديبلوماسية بمختلف الدول المعترفة بها والتي انضافت إليها إسبانيا وإيرلاندا والنرويج.
ولا ما يقلل من حركة حماس وحق كل الفصائل الفلسطينية في مقاومة التغول العسكري الإسرائيلي، وجرائم الابادة التي تعرفها غزة والمساس بالقدس الشريف واعتباره الروحي لدى الديانات السماوية الثلاث.
إن ما وقع بغزة من جرائم ضد الإنسانية وما وقع بمخيمات رفح أبشع من كل وصف جنائي، إنها الإبادة الجماعية في عصر حقوق الإنسان وهيئاته ومحاكمه الأممية، والتي لم تستطع تنفيذ أبسط قراراتها ضد حكومة إسرائيل، وأولها الوقف الفوري لاستهداف المدنيين العزل.
إن ما يقع اليوم يا سادة هو أكبر من كل تحليلاتنا للقضية، إنه ذلك السقوط المدوي لورقة التوت عن الغرب، وعن حضارته وشعاراته، كالحرية والكرامة والمساواة والعدالة والديمقراطية وكل معاني حقوق الإنسان إنه يسائل شرعية القانون الدولي وعجز المؤسسات والمنظمات الدولية وعلى رأسها هيئة الامم المتحدة عن وقف مجازر النظام الصهيوني .
لقد وقف الإنسان الغربي بكل ما يحمله من ثقافة وبعد معتقدي، يختلف عن ثقافتنا العربية وديننا الإسلامي، وقف في تجمعات ومظاهرات منددة بالكيان الصهيوني، وبجرائمه الشنيعة في غزة ضدا على أنظمته الغربية، بالرغم من غياب روابط بينه وبين الإنسان الفلسطيني سوى الرابط الإنساني.
سؤالنا عزيزي المتلقي أين العرب والمسلمون من هذه الغطرسة الصهيونية؟ أنظمة عربية أنهكها ما سماه الاعلام الغربي، وتابعه العربي "بالربيع العربي" ، وحياء يسمونه "الديموقراطي"، وليأتي بعده على استقرارها الاقتصادي تداعيات أزمة كوفيد 19 العالمية والحرب الروسية الأوكرانية ، وهاهي اليوم أنظمتنا العربية هلوعة وجزوعة لما يقع بغزة ورفح .
بلدان نخرتها الطائفية وخربتها النزاعات المسلحة، السودان الجريح ولبنان المجهول المستقبل وليبيا تعاني التقسيم، والله أعلم على من يأتي الدور غدا ... قتل وتشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي .
أنظمة عربية فشلت في بناء صرح وتحالف عربي يضمن الأمن الغذائي والطاقي والاستقرار والنماء لشعوبها، لم يفلح الشاد منها سوى في إتقان الكيد لجيرانه، لغيرة وعقدة مرضية من ازدهاره وزعامته ومكانتها الدولية المميزة، ولتجند آلتها الاعلامية ضدا على سيادته واستقراره .
فكل العالم وعبر قناة مأجورة من إعلام دولة فرنسا، التي صدمت بمواقف المغرب كقوة صاعدة وتحالفاته الجديدة وحياده حول ما يقع بين روسيا وأكرانيا وعلاقاته المتميزة مع أمريكا والصين، فكيف له أن يجمع بين أقطاب الصراع الدولي الجديد وبين استمراره في ولائه لها ... كيف له أن يتزعم إفريقيا وأن يقود صحوة تنموية وديمقراطية بمستعمراتها القديمة وكيف للجزائر صنيعتها بالأمس القريب والتي اقتطعت لها أراضي الصحراء الشرقية المغربية لتضمها لإقليم لم يكن يتجاوز بضع كلمترات مد كان مجرد إيالة عثمانية يتربع على باي أو باشا عثماني، وتصوروا معي لو كانت الصحراء المغربية مستعمرة لفرنسا ولم تكن تحت الاستعمار الاسباني لا محالة سيمون مصيرها مصير صحرائنا الشرقية ستقطع من المغرب ليضخ بها بطن الجزائر، إنه موضوع لا يسعه المقال وسنعود له حتما بالتحليل والوثائق في مقال لا حق .
تصوروا معي يا سادة، هذا الحشد الرهيب لأعلام جارة السوء والذي أقام الأعراس، لمجرم حرب، لا لشيء الا لأنه أظهر راية المملكة المغربية الشريفة مبتورة في جزء منها وهي طبعا زلة لا تغتفر .
المشكل يا سادة ليس في زلة مصاص الدماء، لأنها كانت فعل عن قصد، فعل لم يستطع معه صاحبه ومن معه في إظهار غضبه لدولة رئيسها رئيس للجنة القدس، للمملكة التي جعلت من قضية فلسطين قضيتها المصيرية بعد قضية سيادتها على صحرائها ونمائها وتطورها.
علينا أن نعلم وبيقين أنه اتفاق الأمس لن يهز الالتزام الدائم والمعهود للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية. باعتبار أن المملكة المغربية ودون مزايدات من أحد وهي رسالة لخرجات بعض أبناء جلدتنا ، تعتبر القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية طال الزمن أم قصر ، ولنا في التاريخ الكثير من العبر والمواقف كان أحدها و بعيد الاتفاق الثلاثي ، الدور الحاسم والذي يعكس الموقف الثابت للمملكة المغربية في الوساطة التي قامت بها والولايات المتحدة الأميركية من أجل التوصل إلى اتفاق من أجل الفتح الدائم" لمعبر ألمبي" او "جسر الملك حسين " ، والذي يشكل المنفذ الوحيد للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية عبر الأردن على العالم بعدها الموقف الرافض وبقوة لجرائم الحرب الاي تقودها حكومة نتنياهو وغير بعيدين من المساعدات البرية التي عرفها معبر "كرم أبو سالم "و لأول مرة من أجل غزة دون أن ننسى رسالتي جلالة الملك باعتباره رئيس لجنة القدس الاولى لقمة دول التعاون الإسلامي بأنجول عاصمة غامبيا ،والثانية بقمة المنامة بالبحرين لجامعة الدول العربية ، والتي كانت تأكيدا لخطاب الرياض سنة 2016.
واسمحوا لي يا سادة أن أعود بكم إلى خطاب الأمس والى القمة الخليجية المغربية سنة 2016، الخطاب الذي كان بوصلة تسترشد بها الأنظمة العربية، فقد حان الوقت كما جاء في خطاب جلالته حينها، لإرساء حلف عربي قوي يدافع عن أمن واستقرار المنطقة العربية ومصالح شعوبها، ويكون له دور فعال في السياسة الدولية والمجتمع الدولي.
ولنربطه خطاب الأمس برسال اليوم، رسالة الملك محمد السادس أمام قمة المنامة بالمملكة البحرينية، والتي أعادت تأكيد ذات الخطاب الذي ألقي أمام قمة مجلس التعاون الخليجي والمملكة المغربية سنة 2016.
المغرب البلد المغاربي و الإفريقي الذي دافع ولا زال يدافع عن وحدة الجسد العربي من المحيط الى الخليج، خطاب الأمس بالرياض كان قويا صادقا ودقيقا وهادفا من قائد حكيم وبلد يعتبره الكثيرون القوة الصاعدة رقم واحد قاريا وعربيا، خطاب شخص وضعا قاتما تتخبط فيه المنطقة العربية خاصة الشرق الأوسط و ما حملته اليوم رسالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس بقمة المنامة من دعوة قوية لوحدة الصف العربي وتنبيه مباشر لرؤس الفتنة والفساد داخل هذا الجسد والذين يكيدون سرا وجهرا ضد استقرار ونما وازدهار جيرانهم .
إن العدو الصهيوني وحكومة نتياهو وفعلته المقصودة والتي لم تكن فليست الأولى سوى ان صاحبها علم ويعلم يقينا أن المملكة المغربية بلاد الشرفاء والصالحين لن تتخلى أبدا، ورئيس دولتها رئيس لجنة القدس ، عن موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية.
ماذا عسانا أن نقول اليوم ، لجارة السوء التي استبشرت خيرا لما قام به مجرم الحرب نتنياهو ،سوى أنها مستعدة للتحالف مع الشيطان نفسه ،ضدا على سيادة المغرب على صحرائه، وماذا عسانا أن نقول لها ولكل من يربط صراع وتضارب المصالح الدولية ومواقف المملكة السيادية بقضية صحرائه أو بالقضية الفلسطينية إلا أن يعلم يقينا أن المغرب والمغاربة لا ينتظرون من أحد كان أن يعترف لهم بصحرائه وسيادته و ثوابته ،فذلك مصير أمة مغربية تحيا وتموت من أجله ، وعليهم جميعا أن يعلموا أن من خرج بالأمس من نساء ورجال شباب في المسيرة الخضراء ومن أستشهد بالأمس من أجل حبة رمل من رمال الصحراء المغربية ومن يرابط اليوم بحدودها مدافعا عن أمن الوطن واستقراره وان من صنع بالأمس ثورة الملك والشعب قادر على أن يستشهد بأرضه ومن أحل ثوابته وقادر على أن يستشهد هناك بالمشرق العربي ولا أقول الشرق الأوسط ، كما أستشهد آباؤه بالجولان رغم غدر الرفاق، إنه الشعب الذي تحمل أحد أبواب القدس الشريف اسمه بفخر وعظمة ، و الذي لن يبخل أبدا بدمائه من أجل أمته ودينه ومن أجل الإنسانية ، انتهى الكلام .