الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: إسرائيل بين يوم وليلة.. "حبيبة القلب الجزائري"!!!

محمد عزيز الوكيلي: إسرائيل بين يوم وليلة.. "حبيبة القلب الجزائري"!!! محمد عزيز الوكيلي
مهلاً، فنحن نتحدث فعلا عن الجزائر، وعن إسرائيل، التي تحاول الجزائر جاهدةً أن تقدّمها، لمن لا يعرفون حق المعرفة حقيقة المعدن الجزائري، بوصفها العدو رقم اثنين بعد المغرب والمغاربة... فما السر إذَن في تحوّل "الكيان الصهيوني" كما تسميه الجزائر، إلى حبيبة قلب حكام الجزائر، ومعهم كذلك وبأمر منهم، إعلام الجزائر الرسمي وشبه الرسمي، على اعتبار أن وجود إعلام خصوصي وحر بتلك الجارة الشمطاء ضربٌ من الخيال العلمي؟!!
 
السبب يا ذوي الألباب، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أمسك بين يديه خريطةً للوطن العربيّ يبدو المغرب فيها منزوعا من صحرائه، أو بالأحرى، تبدو فيها الصحراء المغربية منزوعةً من مغربها والأمران سيان!!!
 
معنى هذا أن حكام الجزائر الذين يزايدون على العالم من حولهم، وعلى العرب والمسلمين بلا حشمة ولا حياء، بكونهم "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، بدأت قلوبهم المريضة من جراء نجاحات المغرب السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية تلين لإسرائيل، لمجرد إمساك رئيس حكومتها بخريطة نزعت منها الصحراء المغربية بقصد او بغير قصد، لأنّ الأهم في نظر وفكر وعقل حكام الجزائر المرضى ليست قضية فلسطين، بل همّهم الأكبر أن يجدوا مجرد فسحة أو كوة صغيرة يمكن أن تحشر الجزائر فيها ولو شعرة دقيقة من الأمل في شرذمة البوليساريو الإرهابية المقدسة...
وكيف لا، وقد سحبت إسرائيل بقدها وقديدها حسب فهم عجائز الموراديا اعترافَها بمغربية الصحراء الغربية، بدليل الخريطة اليتيمة المسكينة، المبتورة، التي أمسكها نتنياهو أثناء مخاطبته لبعض الجهات الإعلامية، ولا عجب أن يكون نتنياهو هو ذاتُه في حيرةٍ من أمره وهو يفاجَأُ بهذا الموقف "الكابراناتي" الغريب!!!
 
معنى هذا أيضاً، وكل العالم يعرف هذا حق المعرفة، أن النظام الجزائري وكل الجزائر مستعدون للاعتراف بدولة إسرائيل والتطبيع معها، "إلى آخر ما في خابية التطبيع" من المواقف والاعتبارات، شريطةَ سحب هذه الأخيرة اعترافَها بمغربية الصحراء، ولو ظاهرياً وليس أكثر، ولذلك فقد بدا الإعلام الجزائري بالأمس واليوم من أكبر المطبّعين بلا أدنى مُغالاة!!!
 
معناه مرة أخرى، أن فلسطين وقضيتها وكل ما يتصل بها من قريب أو بعيد... ليس سوى خِرَقٍ واهية يستعملها حكام الموراديا لستر سَوْءاتِ وعوراتِ عدائهم المَرَضي وفوبياهم المفرطة تجاه المغرب... بل إن شرذمة البوليساريو، بقدسيتها عند هؤلاء الحكام، لا تَبقى لها أدنى قيمة أمام حرمان المغرب ظاهرياً من أحد أصدقائه وحلفائه، ولو أدى الأمر إلى نسيان فلسطين، وقضية فلسطين، وكل متاعب الفلسطينيين بالجملة ومعها "جمهورية الخيام والعجاج" بتحصيل حاصل هذه الحِربائية الغريبة!!!
 
أما مناسبة الخوض في هذه المفارقة، غير المفاجئة والمتوقع حدوثها في أي لحظة، فهو ذلك الخروج العجائبي للإعلام الجزائري وهو يطبّل فرِحاً مسروراً بما سماه تَخَلِّياً لإسرائيل عن حليفها المغربي، بسبب ظهور تلك الخريطة في يد نتنياهو، وبطبيعة الحال، لم يعد لدى ذلك الإعلام "المراحيضي" ما ينبِّهُهُ إلى سابق مَواقفه البهلوانية من "فلسطين ظالمة او مظلومة"، ومِن "إسرائيل حليفة المغربِ والإماراتِ وكلِّ البلاد العربية المطبِّعة"!!!
 
تصوّروا معي نفس الإعلام، بإيعاز من نفس النظام الكسيح، ينخرط في نوبة من الفرح الهستيري نكايةً وتشفّياً في المغرب، وهو يُعيد مرات ومرات بثّ صورة نتنياهو ممسكا بتلك الخريطة العصماء، ناسين، او متناسين وهو الأصح، بأن تلك الصورة لم تُغيِّر ولن تُغيِّرَ شيئا من اعترافٍ إسرائيليٍّ صريح ورسمي صادر في إطار ثلاثي، صريح ورسمي هو الآخر، يجمع بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فيما سُمِّيَ باتفاق "أبراهام"، وهو الاتفاق الذي لم يستطع أحد أن يزعزع ركناً من أركانه ولا حتى بنداً من بنوده، رغم ذهاب عَرّابه الأول دونالد ترامب، ومجيء خلفه جو بايدن، مادام الأمر صادراً عن دواليب سلطوية "عميقة" في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، فضلا عن المؤسسة الملكية المغربية، التي يعلم الجميع أنها ليست في حاجة لأي "جهة عميقة"، لأنها تستمد عُمقَها هي ذاتُها من صميم البيعة المغربية، ومن الالتفاف غير المشروط حول الملك من لدن مواطنيه!!!
 
كل ما في الأمر إذَنْ، أن الجزائر لِفرط ضُعفها وهوانها، وضآلة وزنها، تتشبث بقشة يسيرة وفي غاية التفاهة، من قَبيل إمساك نتنياهو بخريطة لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر، سواء كانت مقصودةً بما يجعلها تنمّ عن نوع من الابتزاز تجاه مغرب اتخذ مواقف جد متشددة تجاه إسرائيل في آخر قمة عربية صينية، قُبيل أيام قليلة بالعاصمة بيكين، أو كانت غيرَ مقصودةٍ وبالتالي مُنِمّةً عن خطأٍ لدى الإدارة الإسرائيلية، رغم سبغته المتكررة، وسبحان من لا يخطئ... وهذا لا يهمنا هنا بقدر ما يصدمنا هذا الموقف الجزائري المطبّل بين ليلة وضحاها لمن كان بالأمس عدواً لذوذاً يتربص بالجزائرِ الدوائرَ، إلى جانب المغرب والإمارات العربية المتحدة بطبيعة الحال!!!
 
المصيبة الآن، في البيت الجزائري، أن رئاسة الحكومة الإسرائيلية أوعزت إلى وزارة الخارجية، وبسرعة قياسية، ببث اعتذار رسمي للمغرب تؤكد فيه أن "اعترافها بمغربية الصحراء واقع ثابت لن يتغير"...
ترى ما الذي سيفعله حكام المراديا وإعلامهم الأجير والشَّيَّات غير صمت القبور؟..
ذاك الآن هو السؤال!!!
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي