السبت 27 يوليو 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي:يوم قال الراحل الحسن الثاني: البرلمانيون غير مستعدين للملكية الدستورية..

خالد أخازي:يوم قال الراحل الحسن الثاني: البرلمانيون غير مستعدين للملكية الدستورية.. خالد أخازي
لا أستطيع تحديد زمن الفيديو الذي صادفته اليوم وهو بالأسود والأبيض...
حتما في زمن عنفوان الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله ...
فحين سئل الراحل الحكيم الحسن الثاني وهو في ريعان شبابه من لدن صحفي فرنسي متحمس "هل المغرب مستعد للملكية البرلمانية...؟"
تصوروا ماذا كان جواب الملك العبقري...!
كأنه كان يقرأ الحاضر والمستقبل...
كأنه يجيب عن أسئلة المغرب السياسية والمجتمعية الراهنة...
قال" ليس المغرب الذي غير مستعد للملكية الدستورية...المغرب ناضج... ولكن البرلمانيين غير مستعدين ولا ناضجين كفاية للملكية الدستورية... غير مستعدين للإجابة عن انتظارات الشعب التي أعرفها، فأنا جزء من الشعب... انتظارات في الفلاحة ومنظومة الضرائب والتعليم..."
 وفي الاستجواب  نفسه جوابا عن مد قدرة  المواطنين على تحمل الإجراءات التقشفية.. قال بما معناه إن  القضية ليست في التضحية، بل في العدالة في تحمل كل فرد جزء منها..."
كأن الحسن الثاني رحمه الله مازال بيننا...
" كان عايق... بكل شي..."
فهل نضجت نخبنا السياسية...؟
هل فعلا رقت إلى مستوى الإجابة تشريعيا عن انتظارات المواطنين وإحقاق عدالة اجتماعية في السراء والضراء...؟
عبارات من ذهب  قالها الراحل منذ سنوات...
أكد أن المغرب مستعد...
وعبر عن ثقته في نضج المغاربة كشعب...
لكنه تحفظ من النخبة السياسية تحت قبة البرلمان  وقال إنها غير مستعدة للملكية الدستورية...
فلا هي أجابت عن انتظارات المغاربة تشريعيا "ولا بادرت واجتهدت.."
(العبارة الأخيرة من عندي)
كأننا في الزمن نفسه...
فالتاريخ لا يعبد نفسه أبدا...
بل الناس يرتكبون الأخطاء نفسها وتتكون النتائج طبعا متطابقة...
ولا ذنب للتاريخ أن يبدو لكم يكرر نفسه وهز بريء مم الغباء البشري..
ويظل الراحل الحسن الثاني رحمه الله مرجعا في السياسة وفي تدبير الحكم بشكل عام...
ما يقع اليوم... مع الأسف.. في المشهد السياسي المغربي...
يجعل رؤية الملك الراحل قادرة على تفسير واقع سياسي مختل...
تفسر اضطراب  المشهد السياسي بلا لغة الخشب...
 اجهضت خطة  الراحل في تشكل مشروعين سياسيين  يشتغلان على التناوب على السلطة... رؤية محافظة يمينية ليبرالية... حداثية ورؤية اشتراكية مجتمعية... ووسط يقترب من طرف أو آخر...
فشلت لأن لنا نخبة واحدة بأبواب مختلفة...
كأن الراحل مازال بيننا...
ويجيب على السؤال نفسه بالجواب الحكيم القوي ذاته...
هل النخب السياسية حين تحكم مستعدة أن تكون ديمقراطية أم  ستتحول إلى قوى استبداد توظف موقعها لتصفية حسابات ضيقة والزج بكل صوت مختلف في لسجون...؟
(هذا سؤالي أنا )
هل ما ينتجه المشهد السياسي من عبث مازال جواب الراحل الحكيم الحسن الثاني يفسره...؟
هل القضايا التي تعرض على المحاكم ولغة بعض الساسة  المسؤولين وثقافة الجحود التاريخي والتفرغ لمعارك ذاتية بدل معارك ضد الفقر والظلم والفساد والجهل...تفسر هذا عدم النضج الذي طرحه الملك الراحل منذ عشرات السنين...؟
واقع راهن يحيلنا على مدى فهم الملك الراحل الحكيم الحسن الثاني لشعبه ونخبه...؟
نعم... كما قال رحمه الله إن المغرب مستعد...والمغاربة ناضجون لكن البرلمانيين غير مستعدين ولا يجيدون التجاوب مع انتظارات المغاربة..."
كلام قيل منذ عشرات السنوات...
كأنه قيل صباح اليوم...
ونحن نتابع مسلسل حصار الرأي الآخر... والقتل السياسي اليومي للاختلاف...
سأرددها دائما ...
بعض الحقوق الفردية يمكن التنازل عنها من أجل مصلحة الدولة...
بعض المصالح الحزبية يمكن التنازل عنها من أجل مصلحة الوطن...
بعض التجاهل مفيد للوطن وقضاياه الكبرى...
لا نبني ديمقراطية ولنا  بعض من نخب سياسية لا تطيق ما تشبهه الشتيمة... ماذا لو وصل الأمر قذفا بالبيض و رمي حذاء..؟
هل ستنصب المشانق  انتصار للذات والكبرياء...؟
ماذا لو سمع زعيم سياسي في لقاء مفتوح مداخلة قاسية حد القذف...؟
هل سيقول أين الدولة...؟
لا نبني ديمقراطية بنخب غير قادرة على تحملنا ولو أخطأنا...
لا نتقدم إلى الأمام ونحن نفكر بالأبيض والأسود...
ونظن كل صيحة علينا...
وحتى لو كانت... فالصيحات لا تقتل بل تنعش الآمال...
كم تحملتنا الملكية...
تحملتنا في السراء والضراء...
وهي الوحيدة التي يقدسها الشعب...
نعم التقديس لا كما يتباهى بنكيران بتغييرها بعبارة " التوقير"
فوالدي مقدسان...
والقدس مقدسة...
ومكة مقدسة...
والأسرة مقدسة..
التعبير جرعة قوية من الاحترام... وله علاقة له بالدين...
فالتقديس قمة الاحترام الرمزي لا الديني...
وشخص الملك سيظل مقدسا نكاية ببنكيران والدستور....
والملكية أبيت أم شئت يا بنكيران مقدسة في قلوب المغاربة...
فلا تتباه بتغيير الألفاظ فالمعاجم لا تصنع الأمجاد...
فأنت أقدس الأقداس حين تحل وتحرم القول على حوارييك حتى تأذن... فلا تزايد علينا...
لنعد إلى قضيتنا الجوهرية...!
بعض النخب فاسدة لا محالة...
بعض النخب تغتني بالريع...
والبرلمان عند البعض ليس محطة تشريع بل  محطة تسريع للثروة...
البرلمان عند البعض مصعد اجتماعي  للرقي من الفقر إلى الغنى...
سلطة عند البعض للتهرب الضريبي والريع...
بل عند أحدهم سلطة لعدم أداء غرامة في مخالفة سير على الطريق...
هل نحن نعيد تدوير الواقع السياسي نفسه في عهد الراحل الملك الحسن الثاني رحمه الله لكن بالألوان...؟
الجواب... في واقع حال المغرب السياسي...؟
هل تسرعنا في المرور إلى دستور 2011...؟
هل نملك الجرأة لنقول إن المغاربة حاليا مع هذه النخب السياسية هم  في أمس الحاجة إلى دستور ما وصف ربيعان عربيا...؟
 
خالد أخازي، روائي وإعلامي مستقل