هل كان المدرب الوطني وليد الركراكي مقنعا في خطابه الأخير الموجه إلى الرأي العام الرياضي بعد نكسة كأس أفريقيا بساحل العاج؟ وهل كان خطابه حجاجيا شرعيا ومنطقيا، من جهة ما يسمى في تحليل الخطاب الرياضي بالحجاج (اللوغوسي) أو العقلي، خصوصا وأن سيكولوجية المتلقي من خلال تحليل الخطاب الرياضي المهني، أو عبر ردود الفعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بينت من خلال محتوياتها عن غياب التفاعل، ما بينه وبين الجمهور، وهو ما جعله يعجز عن تحقيق مايسميه أحد رواد التواصل الحديث (هابرمارس) بالكفاءة التواصلية؟
نعرف جميعا الأبعاد التداولية للحِجاج داخل أي خطاب، سواء كان سياسيا أو دينيا أو رياضيا كمكون لساني أساسي في بلاغة الإقناع، وآلية تبرز أهمية القصدية لأن الخطاب وحسب (غرايس)، له معنيان، أحدهما صريح والأخر ضمني، أما الصريح فهو ما تدل عليه الصيغة، وأما الضمني فهو ما يتولد عنه من مقصديات طبقا للسياق، أو المقام الذي ينجز فيه، وكذلك ومكانة أفعال الذوات المتخاطبة بغاية استنتاج القيم الدلالية للغة بالمعنى الذي نجده في نظرية اللغوي الفرنسي «ديكرو»، حيث يعرِضُ المتكلم وجهة نظره داخل اللغة الطبيعية بكلِّ مواردها من أقوال وأفعال، ومضمرات ولبس وغموض، وتعدد المعنى، والاستعارة، والتكرار، والإيقاع، وهي آليات لا تتوفر لدى المدرب الوطني للأسباب التالية:
نعرف جميعا الأبعاد التداولية للحِجاج داخل أي خطاب، سواء كان سياسيا أو دينيا أو رياضيا كمكون لساني أساسي في بلاغة الإقناع، وآلية تبرز أهمية القصدية لأن الخطاب وحسب (غرايس)، له معنيان، أحدهما صريح والأخر ضمني، أما الصريح فهو ما تدل عليه الصيغة، وأما الضمني فهو ما يتولد عنه من مقصديات طبقا للسياق، أو المقام الذي ينجز فيه، وكذلك ومكانة أفعال الذوات المتخاطبة بغاية استنتاج القيم الدلالية للغة بالمعنى الذي نجده في نظرية اللغوي الفرنسي «ديكرو»، حيث يعرِضُ المتكلم وجهة نظره داخل اللغة الطبيعية بكلِّ مواردها من أقوال وأفعال، ومضمرات ولبس وغموض، وتعدد المعنى، والاستعارة، والتكرار، والإيقاع، وهي آليات لا تتوفر لدى المدرب الوطني للأسباب التالية:
الثنائية اللغوية Bilinguisme المهيمنة على النسق اللغوي واللساني عند المدرب الوطني، بحكم أن لغته الأم هي الفرنسية، التي يستعملها في أغلب حواراته مع استعمال اللغة العربية المغربية «اللسان الدارج»، هو ما خلق مشكلا على مستوى المزاوجة بين نسقين ثقافيين مختلفين لدى المتلقي، في تحقيق الكفاءة التواصلية المرتبطة بتعزيز الدبلوماسية الرياضية التي راهنت عليه الجامعة الوطنية، ونجحت فيها، وخاصة تناوله لقضية أن المنتخب المغربي لا يلعب باسم العرب، وأن بقية المنتخبات الأخرى لا تهمه في شيء، ثم إن أغلب الجمهور المغربي لا يتقن الفرنسية مما يستدعي آلية تواصلية تراعي سيكولوجية الجماهير من أجل التفاعل وتقوي من قوة الإقناع والتأثير لديهم..
سعي خطاب المدرب وليد الركراكي ومنذ كأس العالم بقطر، إلى ممارسة سلطة التلفظ، من خلال توظيفيه للمثل وكذلك للاستعارة، كعمل قصدي وحجاجي وكسلطة تواصلية تعيد تشكيل المفاهيم الحاسمة في التبيلغ والتوضيح من جهة، ومن جهة أخرى بغاية الدفاع عن الذات وتزكيتها، ليس ارتباطا بمشروعه الرياضي بالمعنى العلمي، ولكن من خلال استعمال نسقية معجمية مثل «النية» و«تضرب في البوطو وتخرج»، «سلمت على اللاعب مبيمبا بالنية»، «درت الغلط بالنية».. وهو ما استقبل من طرف محللين أكاديميين بنوع من الغرابة لارتباطها برؤية هلامية افتراضية تحيل على مرجعية دينية يحددها النسق الثقافي المغربي، كآلية تواصلية واستراتيجية ذهنية تتجاوز أن تكون لغوية تقوم بعملية إسقاط تواصلي من مجال إلى مجال آخر، وتبرز قناعة مستعمليها في تبليغ مقاصدهم، وهو ما أعطى انطباعا سيكولوجيا إن ما تم إنجازه، قام على الصدفة والحظ، وهو ما تم استعماله كمرجع لتبرير ضياع ضربة الجزاء مع جنوب افريقيا..
إصرار المدرب وليد الركراكي في كل حواراته على ما يسميه إيمانه القوي بالاستراتيجية التي أقام عليها مشروعه الرياضي بكأس افريقيا للأمم. «تكرار كلمة الإيمان أكثر من مرة»، والتكرار كما تراه الدراسات اللسانية، ظاهرة بيانية تتجاوز وظيفة الإخبار والابلاغ إلى وظيفة الإقناع، وهو من ظواهر التماسك النصي، واهتمت بها الدراسات اللسانية النصية على مستوى انسجام البنية الظاهرة للنص، أو الخطاب، لكنه يصر على أن خروج المنتخب المغربي مرتبط بمايسميه «المكتاب» أي بالقضاء والقدر أي ما يسمى في ثقافات أخرى بسوء الحظ، وهو ما يعني حاجة المنتخب المغربي إلى خبير في التواصل، وذلك على مستوى بناء استراتيجياته التواصلية، على مستوى مخاطبة الرأي العام، بغاية التأثير على توجهات الرأي العام وإقناعه، سواء بهدف رد الاعتبار للصورة الإيجابية التي ترسخت في اللاوعي الجمعي للمغاربة من جهة، وتوظيفها سياسيا، ومن جهة أخرى إعادة الأنصار والمتعاطفين من جهة أخرى، عبر استعمال حقول دلالية متعددة ترصد مكامن الخلل اللوجستيكية والبشرية خصوصا، وأن أغلب الردود أكدت بأن اختيارات المدرب الوطني وليد الركراكي، كانت غير منطقية لربطها بمعطيات مناخية مثل الرطوبة والحرارة، وتخضع للعاطفة ودليلها عند الكثيرين إقصاء اللاعب الممارس في البطولة الوطنية، كما في خرجة ميري كريمو، وكذلك الزج بلاعب محوري وأساسي في مباراة غير مهمة «حكيم زياش».
محمد دخاي/ باحث في التواصل والاعلام وتحليل الخطاب بالمدرسة العليا للأساتذة -فاس