تحذير الخارجية الإسبانية لرعاياها من الذهاب إلى مخيمات تيندوف، مرده إلى تتبعهم عن كثب للأوضاع التي تعرفها مخيمات تيندوف بشكل خاص، والأوضاع المرتبطة بقضية الصحراء بشكل عام، خاصة وأن إسبانيا تساهم في تمويل الجهد الإنساني في المخيمات، وتشارك في ذلك من خلال منظمات غير حكومية، ومتطوعين، وبالتالي فهي مطلعة على التفكك التنظيمي، وما تعيشه الجبهة الانفصالية، وتراجع الفكر الانفصالي أيضا من خلال الهزائم التي تتلقاها البوليساريو، مقابل الانتصارات التي يراكمها المغرب.
من جهة أخرى، يجب التأكيد على أن التطورات الأمنية لجنوب شرق الجزائر في مخيمات تيندوف صارت تكرس دور البوليساريو كعامل تهديد في المنطقة، بحكم ارتباطهم بالجماعات المسلحة المنتشرة في بلدان الساحل، وهي الجماعات التي باتت تعتمد على عناصر الجبهة الانفصالية بشكل كبير، فيما يتعلق بخطوط الإمداد، وبرعاية المجموعات التي تنشط بشكل غير قانوني، كتجارة الأسلحة، وتهريب البشر، وتهريب المحروقات، فضلا عن الانتشار الكبير للفكر الديني المتطرف في مخيمات تيندوف، وتجنيد الأطفال.
وما يمكن الإشارة إليه، أن المجموعات السياسية الإسبانية الضيقة التي كانت تتضامن مع البوليساريو، من خلال اليسار الراديكالي الذي يتخذ مواقف إيديولوجية ضد المغرب، أو اليمين المتطرف الذي ينطلق من منطلقات عقدية ضد المملكة، باتت معزولة لدى الرأي العام الإسباني، ومتجاوزة من طرف دوائر صنع القرار في إسبانيا.
طبعا الشراكات الاستراتيجية التي تتعمق ما بين المغرب وإسبانيا، بالنظر إلى أن هذه الأخيرة صارت الشريك الأول للمغرب، وباتت المستثمر الأبرز، هذا بالإضافة إلى الجالية المغربية المتواجدة بإسبانيا والتي تقترب من المليون نسمة، بل يمثل المغرب الشريك الثالث لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوربي، بعد الولايات المتحدة وبريطانيا..
هذه كلها عوامل باتت تكرس العلاقات الوطيدة ما بين البلدين، وباتت تفرض على إسبانيا اتخاذ مواقف صريحة، وواضحة خصوصا إزاء النزاع المفتعل.
المشروع الانفصالي أيضا باتت حقيقته كتنظيم عنصري متخلف تفتضح أمام صناع القرار بإسبانيا، خصوصا وأن هناك ضحايا لهذا المشروع الانفصالي، يحملون الجنسية الإسبانية، فضلا عن عدد من القضايا المرفوعة لدى القضاء الإسباني، وبالتالي بات الإعلام الإسباني يتداول تورط القيادات الانفصالية في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وهي عوامل تدفع أصحاب القرار في إسبانيا من تغيير مواقفهم.
والمقاربة الديبلوماسية الملكية التي عبرت عنها خطابات الملك محمد السادس في التعاطي مع الشركاء التجاريين، والاقتصاديين للمغرب والتي تضع قضية الصحراء في صلب السياسة الخارجية للمغرب، حيث تؤكد الخطابات الملكية، أن المغرب بات ينظر إلى الخارج من خلال نظارة الصحراء.
وبالتالي هذه المقاربة، باتت تفرض على الشركاء الإسبانيين إبداء مواقف صريحة من هذا النزاع المفتعل، مقاربة تتسم بالندية لصالح واقع السيادة المغربية.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن إسبانيا، والمغرب مقبلان على مشاريع كبرى ستكرس من الأدوار الهامة في منطقة شمال إفريقيا، وغرب القارة خاصة، من قبيل مشروع الربط القاري، وتنظيم المونديال، أنبوب الغاز المغربي. النيجري الذي سيحقق الأمن الطافي لإسبانيا، ومجمل دول أوربا.
محمد سالم عبد الفتاح/ رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان