على عكس تاريخ الشعوب منذ الخلق إلى الآن.. حين تخرج للإحتفال فلنصر حقّقته لذاتها ودوّنته لأجيالها وتاريخ وطنها..وقد تكون لجماهير إيران ما يبرّر خروجها للإحتفال بهزيمة منتخب بلادها أمام أمريكا..ففي ذلك ألف رسالة لنظام ولاية الفقيه أكثر من شيء آخر.. لكن أن يخرج شعب أو أن يُخرج من أجل التعبير عن فرح بهزيمة منتخب بلد آخر، فهي سابقة في التاريخ حتّى مختلف وسائل الإعلام العالمية تناولت الموضوع من زاوية التحليل النفسّي، ولم يصلوا إلى وصف دقيق لطبيعة هذا المرض الإستثنائي والفريد وهم يعيدون تشريح ما وقع من الدّهشة والحيرة والشفقة على النسيج المجتمعي للشعب الجزائري الذي بدأ يتعرّض للتفتيت والتمزّق، وهو أخطر ما يهدّد مستقبل هذا الكيان القابع تحت أحذية العسكر وجبروته..
والواقع أن هذا الخروج للإحتفال بهزيمتنا بقدر ما حيّر العالم وندّدوا بسلوكه الهمجي، بقدر ما نفهم دوافعه وغرائزه عند هذا النظام العسكراتي بالجارة الشرقية، فعقدة المغرب هي سجنهم الأبديّ منذ المقبور هواري بومدين.. لكن كانت في حدود ما تقتضيه اللياقة الدبلوماسية بين البلدين بعيدة كل البعد عن إقحام مكونات الشعب في هذا الصراع المفتعل طبعاً إلى حين الإتيان بهذا الرئيس 2019 الذي صادف حصول الجزائر على كأس إفريقيا ليشكر الشعب عبر قناة روسيا اليوم على الإحتفال بهذا الفوز والإنتصار..
هو تبّون نفسه ،وهو في نهاية ولايته أبى إلا أن يغادر قبل أن يكافئ هذا الشعب المغربي بالخروج للإحتفال بهزيمة منتخبنا الوطني في اقصائيات كان 24 بالكوت ديفوار..
بل والخطير أن جماهير شنقريحة وجبار مهنا وتوفيق أحرقوا القميص الوطني لمنتخبنا.. والأخطر أن لا أحد من فعاليات سياسية أوقامات اعتبارية من الجزائر استنكرت ذلك، لما فيه من إساءة للجزائر نفسها!! بلد المليون شهيد ومكة الثوار وأنصار القضايا للشعوب العالمية..
ولا عاقل واحد بهذه الجزائر الجديدة وضّح لهذا النظام البئيس أن بهذا السلوك الهمجي نكون قد قدّمنا أنفسنا للعالم كمرضى مصابين بفوبيا المغرب..
ونحن نحتفل بهزيمتهم في مقابلة لكرة القدم دون أن نحتفل بانتصاراتنا عليهم ولو مرّة واحدة وفي مختلف ميادين المجتمع الوطني أو الدولي. بل وحتى هذه الهزيمة لا علاقة لنا بها لا من قريب ولا من بعيد..
ولا عاقل واحد هناك وسط هذا التجمع البشري الذاهب إلى الهاوية لا محالة بفضل هؤلاء العجزة من الجنرالات..
فعوّضوا إحراق الميناء المتوسطي المغربي بإحراق القميص الوطني بهريستيريا قلً نظيرها
وبالمناسبة ماذا لوخرج هذا الشعب من أجل مساءلة هذا النظام وتراجعه عن قرار منع السفن القادمة إلى الجزائر دون أن تمر بالميناء المغربي!؟..
هذا السؤال الحقيقي للشعب الجزائري ومساءلة هذا العجز في صيانة قراراتها الدولية.. بل تتراجع عنها قبل نهاية الأسبوع..
تظاهروا للبحث عن أسباب هذا التراجع الإنهزامي لكي تعرفوا أن خوفهم من ارتفاع أسعار جميع المواد المستوردة ذات الصلة بمعيشكم اليومي بسبب تكلفة الشحن البعيدة عن ميناء وهران.. والجميع مقبل على شهر رمضان والإستعداد إليه.
و تصوروا أيها الشعب الذي أخرج لحرق قميصنا الوطني، لو أن المغرب طبّق هذا القرارعلى البواخر الذاهبة إلى الجزائر لتعرضتم للتجويع.. ولن نفعل لأننا بلد بمقوّمات حضارية نميّز بين الميادين.. ونحترم الآخر ولا نسبّ المستقبل..
لذلك خرج العالم يوماً للإحتفال بهذا القميص الوطني المغربي.. واجتمع عليه الضدّان يوما بفلسطين..
وتشرّف الرئيس الأمريكي بايدن بأخذ صورة تذكارية معه ،واهتز أمير قطر بالإحتفاء به..ووو آخرها أننا لم نغادر الكوت ديفوار حتّى تركنا
جدرانها قد تزيّنت باللون الأحمر والأخضر..
جدرانها قد تزيّنت باللون الأحمر والأخضر..
قميصنا الوطني رمز بلدي تأسفت بإقصائه مختلف المنابر الإعلامية بالقنوات الرياضية العالمية لأنّه رمز للكبار..
نعم الكبار حتّى في هزيمتهم يخلقون الحدث..
وكان الحدث حتّى في بلد الكبرانات لكن بطريقتهم الشاذة عن العالم..وقيمه الإنسانيّة .
هل ألسعتمونا بهذا الفعل الشنيع ؟
نعم..
لكن لسعة عابرة لن تغير من وقاحة الحشرة اي شيء.. ولا من أصالة قميص اسودنا ومن قيمته وقيمه اي شيء أيضاً..
لكن أيها الرئيس ومن ورائك كل نياشين هؤلاء الجبناء أنتم بهذا الفعل قد لطختم فقط - وبما لا يذكر- وجه تاريخ الجزائر بين الأمم
هذا ما يبقى في ذاكرة الشعوب بعد انسحابكم الطبيعي..
وآسفاه عليكم... أيها الجزائريون.!!؟
يوسف غريب، كاتب صحافي