مع كامل الأسف، فرحة لم تكتمل؛ حيث ظهرت الابتسامة باهتة مباشرة بعد أن رفع وزير العدل عبد اللطيف وهبي؛ دعوى قضائية ضد كل من الصحافيين محمد التجيني وهشام العمراني وآخرين (...)
فحين المغاربة من الشمال إلى الأقاليم الجنوبية رفعوا العلم المغربي بالانتصار الكبير وهو ينتخب على رأس مجلس حقوق الإنسان الأممي على نظيره جنوب إفريقيا مسجلا 30 صوتا مقابل 17 صوتا.
وزير العدل باختصاصات جديدة عرفت تقليصا في مهامه، حيث أصبحت النيابة العامة مؤسسة مستقلة غير تابعة، ولا علاقة للوزير بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية إلا في ما يهم تدبير الإدارة القضائية من بنايات ولوجستيك وتقديم مشاريع قوانين من خلال ما تبقى له من سياسة جنائية، ما يجعلنا نقترح تصحيح اسم الحقيبة باسم مغاير للعدل (...) .
الوزير وهبي لم يفكر جيدا بأهمية المنصب الجديد الذي تبوأه المغرب من خلال رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بل الدعوى القضائية التي رفعها ضد صاحبة الجلالة في شخص الصحافيين وارتباطهم بمجال حرية الرأي والتعبير، أمر لم يعجب كثيرا الدول التي صوتت على السفير المغربي عمر زنيبر، لكونها دعمت المغرب على أساس ثقتها في الدفاع عن حقوق الإنسان وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير المخولة كونيا للسلطة الرابعة.
الوزيروهبي رفع دعوى قضائية بنية الإجهاز على حرية الرأي والتعبير بغية تكميم أفواه الصحافيين وترهيبهم وإخضاعهم للإملاءات وتقييد اختياراتهم التعبيرية في محاولة جعلهم ربوات تتحرك تحت الطلب وما يرضى عنه وهبي .
الصحفيان اللذان رفع الوزير وهبي عليهما قضايا أمام المحاكم المغربية، تحدثا عن الحدث البارز في الساحة الوطنية وخارج الحدود، حيث تناول الموضوع الإعلام الدولي تحت عناوين غليظة " اسكوبار الصحراء" يطيح بسياسيين من حزب الأصالة والمعاصرة " إسكوبار الصحراء يطيح بمسؤولين كبار في الإدارة المغربية " " إسكوبار الصحراء يجر سعيد الناصري رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء وعبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق " .
لم يستطع عبداللطيف وهبي مقاضاة الصحافة الدولية، لكنه قفز على الصحافة الوطنية، معتقدا أنه سيجمد الأقلام التي تسيل مدادها في قضية تسيئ للمغرب ومغاربة العالم من خلال حزب سياسي مغربي يؤطره الفصل 7 من دستور المملكة..
لكن لازالت الصحافة الحرة والمستقلة تواصل عملها في إطار ما يخوله القانون من صلاحيات، علما أن الصحافيين لا يحتاجون مقص وهبي الوزير والأمين العام لحزب التراكتور، لأنهم يستخدمون رقابتهم الذاتية ويسخرون مدادهم لتنوير الرأي العام بما أصابهم من جراء تستر البعض داخل بعض الأحزاب السياسية المغربية لقضاء مآربهم وجشعهم .
هنا لابد وأن نشير إلى مدى قيام وزير العدل عبد اللطيف وهبي سحب الإثراء غير المشروع، واستغلال الأغلبية البرلمانية في التسريع وتمرير مشروع قانون العقوبات البديلة والأمة منشغلة بزلزال الحوز (...) ما يطرح ألف استفهام.
والحال ما عليه يجعلنا نربط الأمور بمحاولة الوزير منع جمعيات المجتمع المدني ألا ترفع الدعاوى ضد السياسيين وكأنهم ملائكة نزلوا من السماء، لكن ما يؤكده الواقع، أغلبهم أكلوا النسل والحرث فكان ولابد من تدخل القضاء والضرب على كل من سولت له نفسه تبذير المال العام ونهبه خاصة الآنية تتطلب تكريس الفصل الدستوري ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ألا يرى الوزير الأمين العام للأصالة والمعاصرة، بأن يسحب دعواه ويعتذر للسلطة الرابعة التي لن تكون لا اليوم ولا غدا سلطة راكعة، هذه رسالة لابد ومن تأديتها بأمان وبصدق ولو اشتغلت على الرصيف .
أما عن من باع قلمه وسخر مداده للتطبيل، فلا يمكنه حمل بطاقة صاحبة الجلالة، وعليه أن يرى نفسه في المرآة كل يوم قبل خروجه إلى العمل متسائلا لماذا الخنوع والركوع .
فاصل ونواصل