متعة متابعة ومشاهدة (الدائرية الجلدية) وهي تتقاذفها الأرجل أصلا، والرؤوس استثناء. تارة بلطف ودائما بقوة وعنف وفق هندسة متخيلة سلفا. فيها الكثير من إبداع وإرادة وإصرار اللاعبين، والمشحونة بالعواطف الجياشة للجمهور المشجع. هي ما جعلت من هذه اللعبة السحرية الأولى في العالم والأكثر شعبية ومتابعة.
وبالتالي فإذا حصرنا كرة القدم في هذا الجانب بالذات بعيدا عن بعدها الاقتصادي والمالي والصناعي، سنجد أنها بالدرجة الأولى علاقة إنسانية بين فريق من اللاعبين ومن خلفهم من طاقم إداري وتقني وفني (مدرب ،جامعة....)، في مقابل جمهور بما يحمله من أحاسيس نبيلة وحب إرادي عميق مع ارتفاع لهذا المنسوب من الأحاسيس والحب والعواطف إلى درجة الرومانسية كلما تعلق الأمر بالفريق الوطني لرمزيته السيادية وفخر الانتماء. لتبقى الفنية وجودة اللعب والنتائج المحصل عليها التوابل التي تعطي نكهة خاصة لهذه العلاقة الإنسانية الراقية التي تجد عمقها في قيم الصدق والوضوح والشفافية والمسؤولية.
من هذه الزاوية يمكن لنا قراءة التحام المغاربة قاطبة مع فريقهم الوطني، وبالأخص إبان كأس العالم بقطر وقبله بقليل عندما أعاد المدرب المغربي وليد الركراكي تلك اللحمة بين لاعبي الفريق أولا وبين الفريق وجمهوره ثانيا.
وما أعتقد أن هناك من يعط لهذا المدرب أكثر من حجمه على المستوى الفني، لكن كذلك لا أحد يستطيع أن ينكر قوة الشحنة العاطفية التي بثها في الجميع فريقا وجمهورا، والتي لم يعبر عنها، بكلامه بل بسلوكه وحركاته وتصرفاته خاصة وأن مسؤولي الجامعة نفسهم انخرطوا في هذه الرؤية، وهذه المقاربة التي يمكن أن أقول عنها أنها أسرية بالدرجة الأولى على المستوى الخاص وتمغربيت على المستوى العام والأمثلة كثيرة على ذلك.
الآن وقد وقع ما وقع بالكوت ديفوار وأمام خصم شرس لنا في الرياضة والسياسة وحقوق الإنسان وخلفه تتستر جارة أشعلت الشموع ليلة أمس لأنها لم تستطع أن تهضم إقصائها المبكر وكذا هزيمة جنوب إفريقيا أمام المغرب بجنيف في مجلس حقوق الإنسان ما العمل؟
هل نستسلم لجلد الذات وخلط كل الأوراق التقنية والإدارية والرياضية، أم على أصحاب الشأن الرياضي أن يعملوا على تحصين هذا التعاطف الجماهيري الذي قل نظيره في العالم؟ وذلك بالمحافظة وتلميع قيم الصدق والشفافية والاستحقاق والتواضع في الكلام والفعل كقيم كانت سببا في هذا الالتفاف الاستثنائي؟
أم سنقتصر فقط على تحليل تقني صرف وبذلك نضيع الثقة التي يعرف فوزي قبل غيره وكذلك وليد، ماهي المجهودات التي تم القيام بها لتثبيتها وإعادتها.
لا بد من استخلاص الدروس، لكننا خسرنا فقط معركة ولم نخسر الحرب على حد قول بونابارت، ف 2025 على الأبواب و2030 غير بعيدة.