لطالما استهوتني النصوص المسرحية للكبير محمد مسكين، ابن وجدة المسكون بالإبداع وحِبكة الحكي، مستلهما روحه الواقعية من مسرح بريشت، بسخرية سوداء تستشهد بالتاريخ، دون فقدان رونق التناص والتمفصل الجدلي للحركات المسرحية.
والشيء بالشيء يُذْكر، فتبقى تحفته المسرحية الأكثر تميزاً: "تراجيديا السيف الخشبي"، والتي نقلتها للركح فرق مسرحية عديدة، منذ الزمن الجميل لمسرح الهواة، بل شخصتها عدة فرق خارج المغرب، وقد كان أول من شخصها المسرح العمالي بوجدة سنة 1982، وذلك في مهرجان مسرح الهواة بأسفي.
مناسبة التذكر، جزء من النظرية المسرحية للراحل محمد مسكين، التي تعتبر المسرح جزء من الشهادة على وقائع الزمن المتحرك بأمانة حمل رسالة العدالة الإنسانية، وبمُسحةٍ نقدية مبدعة، هي نظريته المسرحية: "النقد والشهادة". وتنقسم مسرحية "تراجيديا السيف الخشبي" لعدة حركات مسرحية، كل منها تعتبر بمثابة مسرحية مصغرة وسط المسرحية المركبة الكبرى، هي مزيج من أدب الرحلة بشكل مبتكر، حيث يسافر بنا محمد مسكين في آلة الزمن بين الحقب والشخصيات التاريخية، لكن الجانب الخلاق في كتابة النص، أن ينجح الكاتب في تبييء هاته الشخصيات في الزمن الحاضر، فكان اختصار بعض الرحلات المتخيلة كالتالي:
هو الهوس بالانتصارات الشخصية الزائفة، وقد استحضر محمد مسكين شخصية "عنترة بن شداد" حاملا سيفا خشبيا، بمعارك وهمية، فلا السيف سيف، ولا البطولة بطولة، فالسلاح خشبي ويخطئ صاحبه في تحديد خصومه، ليصاب بلوثة إصابة محيطه وإخطاء أهدافه، ليصبح لقمة سائغة لسخرية صديقه "شيبوب". هي محاكاة للدونكيشوت وهو يصارع طواحينه الوهمية، والأدهى والأمر هو اليقين المطلق بأن هاته المخيلة المريضة حقيقة مطلقة، فلا يبقى أمام الواقع الملموس إلا السخرية السوداء من تجار الوهم. فلا استطاع "عنترة" الزواج بعبلة، ولا استطاع تحرير قبيلته.
ينتقل المشهد إلى رحلة أخرى، بتشبيه صراع صاحب السيف الخشبي في مسرحية مسكين، مع الديك الأعور، كمحاكاة للفعل المقاوم، ليصف في قالب كوميدي أسود، فعل تغطية الهزائم بالهجوم على بعضنا وافتراس بعضنا، فنخطئ تحديد العدو، لأن الفارس المعتوه يقتل أصحابه قبل الخصوم الحقيقين، لينكسر سيفه الخشبي على ظهور أصحابه، بل يمكن أن يبيع الوطن في ميزان أهوائه ونرجسية تخاريفه. هي صورة مصغرة لأبي الخيزران حين قتل أصحابه وعن وعي.. وعمم صور بطولاته الزائفة، ولم يجد من مبرر لخيبته إلا عبارته الهجينة: "لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟!".
هوامش لها علاقة بما سبق:
- هي نفس إشارة "الجمل الطنانة" التي تحدث عنها لينين في ضحد عنتريات من ورق، لا تلامس الواقع وتشخصن المعارك، بدون تحديد جدلية ترتيب الأعداء.
- إن العقول الكبيرة تناقش الأفكار، بينما العقول الصغيرة تناقش خصوصيات كاذبة للأشخاص.
- إن الفعل المقاوم لا يحتاج لسيف خشبي تلمعه بعض صور الزمن الجميل، للطعن في ذمة الشرفاء.
- من أمهر مغنيي الراب المغربي Pause Flow، أناقة في الكتابة ولا يخطئ أهدافه.
- إن الوطن هو الحضن الدافئ لتلك الأم التي لا يمكن خدشها بنصل سيفك الخشبي، لأنها نهرتك على سوء تربيتك.
- إن العقول الكبيرة تناقش الأفكار، بينما العقول الصغيرة تناقش خصوصيات كاذبة للأشخاص.
- إن الفعل المقاوم لا يحتاج لسيف خشبي تلمعه بعض صور الزمن الجميل، للطعن في ذمة الشرفاء.
- من أمهر مغنيي الراب المغربي Pause Flow، أناقة في الكتابة ولا يخطئ أهدافه.
- إن الوطن هو الحضن الدافئ لتلك الأم التي لا يمكن خدشها بنصل سيفك الخشبي، لأنها نهرتك على سوء تربيتك.