في الوقت الذي لم تهدأ فيه بعد زوبعة فندق لينكولن وسط مدينة البيضاء، الذي ظل مهملا لعقود طويلة بسبب الخلاف حول من يتحمل كلفة صيانته كبناية تاريخية، حتى تفجرت قضية أخرى في العاصمة الاقتصادية، تتعلق بطلب تقييد حوالي 2000 بناية لدراسة تصنيفها كتراث حضري.
هذا القرار، الذي نشر بالجريدة الرسمية وخلف الكثير من ردود الفعل. إذ يرى البعض أن تصنيف هذا العدد من البنايات السكنية كتراث، سيخلق الكثير من المشاكل مستقبلا، سيما أن بعضها لا تتوفر فيه بعض الشروط التي يجعلها تراثا معماريا أو حضريا، بل هي نزوة مسؤولين أو مهندسين غير ملمين بشروط التصنيف.واستدل أصحاب هذا الطرح على السوابق السلبية للإهمال واللامبالاة بالمغرب في هذا المجال، وبالتالي الخوف من أن يصبح أصحاب هذه البنايات كالمرأة المعلقة "ما هي مزوجة ما هي مطلقة"، دون أن تتدخل أي جهة على الأقل لإعادة ترميمها كما يقع في العديد من الدول الأوروبية، حيث تتكلف الحكومات أو الشركات الكبرى بترميم هذه العمارات حتى لا تكون معرضة للهدم في كل لحظة.
بالمقابل يذهب آخرون إلى القول أن قرار تصنيف 2000 بناية سيمكن الدار البيضاء،من استعادة تراثها المعماري الكولونيالي والحفاظ عليه لإضفاء جمالية على وسط المدينة مع ما سيترتب عن ذلك من استقطاب زوار وسائحين.
وتعليقا على هذه القضية، أكد توفيق منيب، مهندس معماري، ل"أنفاس بريس"، أن هناك حاليا وعيا من قبل العديد من المتدخلين بضرورة الحفاظ على تراث الدارالبيضاء والاهتمام بالهندسة الحديثة في المدينة من أجل استقطاب أكبر عدد من السياح في السنوات المقبلة. ولكن هذا الأمر يتطلب -في نظر منيب- القيام بتحديد للمناطق التي يوجد بها هذا التراث الكولونيالي، وذلك بتنسيق مع هيئة المهندسين بهدف إزالة التقييد على بعض العمارات التي جرى تقييدها في وقت سابق لتفادي كل المشاكل المترتبة عن هذه العملية، والحفاظ على الباقي وتصنيفها كتراث وطني وإنساني.
وأضاف توفيق منيب: " نحتاج إلى لجنة للتحكيم في هذه القضية، التي يمكنها أن تفصل في قضية تقييد العمارات والبنايات الأخرى كتراث لأن هذا الأمر يتحمل مسؤوليته جميع المتدخلين، من إدارة ومنتخبين ومؤرخين وأساتذة جامعيين ومهندسين معماريين".