الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

خالد أخازي: الخوف الذي فينا...

خالد أخازي: الخوف الذي فينا... خالد أخازي
 نخاف كثيرا ولا نجد تفسيرا للخوف..
نخاف من الظلال..من الغد...
من المرض... من المجهول...
من العتمة... من الآتي الذي لم يأت بعد
من الفقر... من زوال النعمة...
من كيانات وهمية... وسحرة في الخفاء..
نخاف أن ننام ولا نستقيظ...
لهذا جلنا مضطرب النوم...
بعض غلبه الأرق...
بعضنا مكتئب... حد الشلل الاجتماعي..
بعضنا... يؤدي ضريبة حقد دفين وكراهية للآخرين... فيمرض نفسيا وجسديت 
منا من يشعر أن روحه تنساب من جسده وهو في قمة النوم...
فيقفز من على سريره يريد التقاط أنفاسه...
منا من يعيش رهاب السرطان كل لحظة...
ترهبه كل نقطة على جلده...
يخيفه كل ألم في ذاته...
منا من يعجل بالذهاب إلى الطبيب..
ومنا من يخاف من زيارة الطبيب...
منا من يتابع دقات قلبه...
يحصيها حد الهوس...
منا من يخيفه حد الهوس كل ألم ولو بسيط في الصدر...
فتتحول حياته جحيما...
منا من يبحث عن تفسير لأعراض  وهمية لا يصنعها غير خوفه... سببها القلق والخوف والذعر على صفحات غوغل.... يبحر باحثا عن جواب  
فيتيه في عالم التفسيرات والآراء والتعاليق المتنافضة...
فيصير كل عرض قرأه عرضا له... وكل علة علمها جزءا من آلامه...
منا من يبحر في الفيسبوك طلبا لمعلومة عن عرض صحي، بل عن دواء وصفه طبيب مختص...
فيصنع لنفسه جحيما من الاحتمالات..
منا من يشعر بالرعب كلما خرج أولاده للشارع...
منا من يقيس نسبة السكري في دمه عشرين مرة كل يوم...
منا من يقيس ضغطه طوال اليوم...
منا من لا ينام..
منا من يقتات من عمره الألم في صمت..
منا من يسكر كل يوم ليموت فجأة...
منا من يصلي ويحج ولم يجد بعد السكينة...
منا من جن ولا يدري...
منا من مات وهما وقلقا وخوفا وتوقفت حياته ومازال يعتقد أنه حي...
منا من يأكله ضمير استيقظ فجأة من الداخل بعدما بلغ من العمر العتي، فظل يلتمس السكينة والغفران في فائض من العبادة...
لماذا صرنا هكذا....؟
لأننا غدونا أنانيين..
نمر على الجياع ولا تتحرك فينا عاطفة الرحمة والشفقة... 
صرنا عبيد مقولة أنا والشوفان بعدي...
نمكر لبعضنا البعض...
نصنع المكائد والفخاخ للذين تميزوا عنا...
نقتلهم معنويا لنرتاح...
نصنع الإشاعات ونبرع في الكذب لنغتال طموحا نضج في ربيع حياة حولوها خريفا قبل الأوان..   
نمر على صور واستغاثة  المرضى والعجزة والشيوخ فلا نشعر بأن الأمر يهمنا...
بل لا نشعر بشيء..
تبلدت عواطفنا..  صارت الدنيا بكل مباهجها أفقا لكل حركاتنا..
حتى الترف... العطلة... السيارة... السكن... اللباس.. غدوا وسيلة لقتل الآخرين معنويا...
ورغم ذلك نصوم.. ونصلي... ونحج.. ونعتمر...
ننهر المتسولين بحج متنوعة...
لا ننهى عن الأذى ونكون سيئين فاحشين حاقدين في كل جدال أو صراع...
لأننا غلبنا الحقد والغل حتى أعمى بصيرتنا وصرنا نفرح لآلام الناس، ولفواجعهم....
بعضنا يفرح حين يحزن الآخر..
لأننا  نظن أن الدين مسجد وحج وعمرة...
لأننا بلا إيمان قادر على تحصيننا ضد الخوف...والحقد والجشع ...
لأننا غير مستعدين للرحيل والنظر في عين الموت بشجاعة قلب مرتاح
لأننا لا نملك مفاتيح الموت في سكينة... لأننا ضيعنا اليقين...
لأن فينا شيئا ما في داخلنا يعكر صفو أيامنا... الشر المبرر والمشروعن
لأننا لم نعد ننهى عن المنكر ونتسابق نحو المال والغنى والثروة بأي وسيلة... المهم الوصول...
لأننا ظننا أننا خالدون.... 
لأننا نسينا أن السكينة... أكبر من شعيرة...
إنها الرحمة والعطف والعطاء والحلال والسخاء والمحبة والسلام والمعروف والرضا والقناعة...
لذا فأكثرنا يخاف من المرض...
ويحسب كل وجع تذكرة رحيل نهائية...
لهذا علينا أن نتوقف عن كره بعضنا البعض...
عن المكر والمكيدة..
عن القتل المعنوي بالإشاعة والكذب..
عن التجاهل والتباهي بصور العطل والأطعمة والسيارات...
كي ننام قريري العيون...
كي نستطيع تحمل الألم..