يعرف المغرب احتجاجات الشغيلة بكل أصنافها نظرا لتدهور القدرة الشرائية لكل الفئات، فالطبقة الوسطى التي تُعرف بصمام الاقتصاد تم انحدارها إلى عتبة الفقر، يعني لم تعد هذه الطبقة قادرة على مسايرة الغلاء، وبالتالي وقع انكماش استهلاكها، مما يؤثر على نسق منظومة الدورة الاقتصادية برمتها. فالحكومة تسعى جاهدة إلى القفز على المؤسسات الدستورية كالنقابات لتتصرف كفاعل وحيد في التسويات الممكنة للحركات الاحتجاجية (الأطباء والتعليم...)، والتجربة أبانت أن النقابات لم تستوعب الكمين غير المعلن الذي تخطط له الحكومة، الذي يرمي إلى سحب التعاطف الجماهيري منها، تماما كما وقع للأحزاب التقليدية، لكن الوعي الجماعي للشيغلة، بالدرجة الأولى نخبة رجال ونساء التعليم، أبانوا أنه لا تفويض على بياض للنقابات المترددة في الدفاع عن القضايا المصيرية لأسرة التعليم والمدرسة العمومية بشكل أوسع، والجميع يعلم أن أسرة التعليم هي الوحيدة التي لها امتداد منقطع النظير داخل الأسر والمجتمع. والوضع في واقع الأمر له أبعاد متشعبة قد تشل كل مرافق الحياة في البلاد. فالاختيارات المبنية على العقوبات وعلى المقاربة الأمنية، أو التوقيفات، أو الاقتطاعات، أو الزجر، لا تحل المشاكل المطروحة بقدر ما تزيد في حدة التوتر المجتمعي. اليوم على الحكومة أن تتخد قرارات جريئة لضمان السلم الاجتماعي نذكر منها:
أولا، سحب النظام الأساسي للتعليم، وكل الآثار المترتبة عنه مع الإنصات للممثلين الحقيقيين لكل روافد أسرة التعليم، و جعل التعليم العمومي المجاني أولوية وطنية قصوى لاختيارات الدولة.
أولا، سحب النظام الأساسي للتعليم، وكل الآثار المترتبة عنه مع الإنصات للممثلين الحقيقيين لكل روافد أسرة التعليم، و جعل التعليم العمومي المجاني أولوية وطنية قصوى لاختيارات الدولة.
ثانيا، إخراج القانون التنظيمي للإضراب كحق مكفول دستوريا، فهذا القانون هو الكفيل بعقلنة العلاقة بين الحكومة و الفرقاء الاقتصاديين و الشغيلة بكل أصنافها.
ثالثا، عدم الاكتفاء بالحوار مع النقابات "الأكثر تمثيلية"، مادام أن هذا التوصيف لحجم النقابات توصيفا غير دقيق، غير واقعي، وغير عادل. فلا أحد قادر على قياس ما يسمى بأكثر تمثيلية.
رابعا، الإقرار بالتنسيقيات الكبرى كمحاور أساسي لحل مشاكل التعليم، باعتبار تمثيليتها الواسعة لرجال ونساء التعليم في الساحة عبر كل الجهات والأقاليم.
خامسا، تسقيف أسعار المحروقات، نظرا لآثارها المباشرة على أسعار المواد الاستهلاكية التي يشترك فيها كل المواطنين.
إن للسلم الاجتماعي ثمن، فعلى الحكومة أن تبادر بجرأة سياسية لحل المعضلات المركبة للمجتمع، ولا يحق لها الزج بالبلاد في نفق التصعيد.