الجمعة 3 مايو 2024
في الصميم

إضراب رجال التعليم.. لاخير في أمة تقودها "حكومة الجوكيرات"

إضراب رجال التعليم.. لاخير في أمة تقودها "حكومة الجوكيرات" عبد الرحيم أريري
"وصولي إلى وزارة التعليم فاجأني أنا نفسي سنة 1995، فقط لم أتخيل أو أتوقع أني قد أصبح وزيرا لهذا القطاع".
هذا ما صرح به رشيد بلمختار، وزير التعليم سابقا في عهد حكومة الفيلالي ( 1995\1997) تم في عهد حكومة بنكيران (2013\2017).

هذا التصريح (انظر يومية الأحداث المغربية بتاريخ 16 نونبر2023)، ينهض كحجة "ليغسل المرء يديه" من الحكومة والبرلمان ومن الأحزاب بالمغرب. 
 
ففي الدول المتمدنة تتعارك الهيآت الحزبية والمدنية بوجه مكشوف لتعبئة المجتمع حول مختلف القضايا الحيوية بهذا البلد أو ذاك ( تعليم، صحة، ضرائب، إجهاض، تقاعد، مخدرات، إلخ....)، حتى إذا حلت لحظة الانتخاب يكون التعاقد بين السياسي وأفراد المجتمع حول التعهدات والتصورات والبرامج التي سبق وعرف البلد المذكور تعبئة مجتمعية بشأنها، فضلا عن كون الحزب في الدول المتمدنة ( يمينيا كان أو يساريا او نيوليبراليا)، يكون قد قدم الأسماء المحتمل أن تتولى الحقائب الحكومية، وهي الأسماء التي تكون "أرجلها غارقة في أوحال المجتمع"، وواعية بالكلفة السياسية والرمزية لتقلد المناصب الحكومية (أي الاستقالة بعد الفشل في تدبير الشأن العام).
 
في المغرب، يتم استعمال وزراء "جوكيرات"، ويتم إسقاط هذه "الجوكيرات" على مختلف القطاعات الحكومية، فيقع النحر والذبح والسلخ في الوزارات التي يتولاها هؤلاء المحظوظون المقربون من cheminée. ويشرعون في "التشرميل" ضد البلاد والعباد، و"يتعلمون الحسانة في ريوس اليتامى" ( أي الشعب)، بدون أن تهتز شعرة فيهم، لكونهم مطمئنين بأن المغرب هو "بلد اللاعقاب"، و"بلد "اللاحساب"، وبان المغرب هو "البلد الذي لا ترتبط فيه المسؤولية بالمحاسبة".
 
كيف يستقيم "ربط المسؤولية بالمحاسبة" بالمغرب، والمواطن يرى أن حفنة من الأشخاص "مدورين المغرب بيناتهم". فاليوم في الحكومة، نجد "سيدي عبدالجليل" وزيرا للتعليم، و"سيدي عبد العليم" وزيرا للخارجية، وسيدي عبد الباقي وزيرا للتجهيز، وغيثة أم هاني وزيرة للمالية وسوسن شمس الدين وزيرة للفلاحة، ولالة ابتسام مولات الشامة على الخد وزيرة للطاقة، وغدا نصادف نفس الأشخاص تقريبا في حكومة أخرى مع تغيير الوزارات التي يشرفون عليها، وكأن المغرب لا يوجد فيه إلا هؤلاء "الجوكيرات" وأفراد عائلاتهم، أو كما أن المغرب عقيم غير قادر على إفراز دينامية مجتمعية تتصارع فيه الرؤى حسب الملل والأحزاب (المستقلة بقرارها) لتعبئة المجتمع حول القضايا الاستراتيجية.
 
إن الاحتقان الخطير الذي يعيشه المغرب منذ ثلاثة أشهر تقريبا بسبب  ملف "النظام الأساسي" لرجال التعليم، هو مجرد تجل لحكومة "الجوكيرات" التي لا تمثل الشعب والمفصولة عن المجتمع. 

ومن ينهض ليصيح ويقول بأنها حكومة منتخبة منبثقة من "الشعب"، عليه العودة للأرقام الرسمية ليكتشف أنها حكومة لم يصوت عليها سوى 2،5% من الشعب، علما أن تلك النسبة، على هزالتها، فيها نظر ومحط شبهة !!!!
فهل يحق لمن حاز على "2،5% " من أصوات الشعب، أن يجرؤ على خلخلة قطاع يمس 70% من الشعب، ويلتف حوله كل يوم 24 مليون مغربي( 8 ملايين تلميذ و8 ملايين أب و8 ملايين أم)، بدون فتح نقاش عمومي وإشراك لمختلف أطياف المجتمع؟ وهل نرضى أن يأتي وزير "جوكير" بدون امتداد في المجتمع ويشرمل قطاع التعليم وفق مزاجه ووفق تصور بطانته الضيقة، مع ما يستتبع ذلك من ضياع حق 8 مليون تلميذ في التعلم، وما يترتب عن ذلك من إجهاد لأفراد القوة العمومية واستنزافها في تأطير الوقفات والمظاهرات الاحتجاجية وإنهاك للخزينة العمومية؟!.