أخاف من اجتياح توجه يرسخ "تأليه" الوزير المنتدب فوزي لقجع وترقيته إلى درجة "المرشد آية الله فوزي لقجع"، ليفتي لنا أين يجب بناء الملعب الكبير بالدار البيضاء الذي سيحتضن مباريات مونديال 2030. إذ بدون نقاش عمومي وبدون إشراك النخب الجامعية والهندسية والأجهزة العمومية المحلية والجهوية في ملف اختيار مكان الملعب الكبير بهذه المنطقة أو تلك بالدار البيضاء، فاجأ فوزي لقجع الرأي العام المغربي بخرجة "انتحارية" في منصة خليجية، بالقول إن القرار "حسم" ببناء الملعب الكبير في بن سليمان!! علما أن مدينة بنسليمان ليست هي مدينة الدارالبيضاء، وإلا لماذا لم يشيد ملعب الرباط في الصخيرات، ويبنى ملعب طنجة في أصيلة، وينجز ملعب فاس في مولاي يعقوب، ويقام ملعب أكادير في بيوكرى، ويتم استنبات ملعب مراكش في شيشاوة؟!
حين قدم الوالي محمد القباج والعامل المرحوم علال السكروحي والعمدة محمد ساجد، المخطط المديري للدار البيضاء أمام الملك محمد السادس بتاريخ 21 أكتوبر 2008، تضمن المشروع بناء الملعب الكبير بشمال شرق الدار البيضاء، وتحديدا في سيدي مومن بغلاف 200 مليار سنتيم. الاختيار أملته اعتبارات نبيلة جدا تتجلى في استغلال الملعب الكبير ليكون رافعة لإقلاع الضاحية الشرقية بالبيضاء وإنصافها بعد عقود من التهميش و"الحكرة"، وتم الإعلان عن مباراة وشارك في الصفقة أكثر من 70 مكتب هندسي، بل وتم الإعلان عن الفائز ( في شخص مجموعة الهندسة المعمارية "آرشي ديزاين/ سوساس).
وفجأة، وبدون تفسير أو اطلاع المغاربة مسبقا على الحيثيات، تم إقبار موقع سيدي مومن، ووقع الاختيار على موقع الهراويين التابع لإقليم مديونة (الهراويين تضم مجالين: واحد بتراب عمالة سيدي عثمان والثاني بإقليم مديونة). فابتلع المراقبون المرارة، بالنظر إلى أن الهراويين توجد في الدرجة صفر من التنمية والتهيئة وجودة العيش، وبالتالي استبشر المراقبون لاختيار موقع الهراويين لاحتضان الملعب الكبير، عسى أن يكون هذا الأخير فألا حسنا على تنمية الشريط الممتد من السالمية إلى مولاي رشيد (مرورا بفران الحلوة وللامريم وأحياء المسيرة والمدينة الجديدة).
وبنفس الإخراج المهين للمغاربة، تم دفن موقع الهراويين بدون تفسير كذلك. وتم اختيار بوسكورة لاحتضان الملعب الكبير، فتفاءل المراقبون خيرا عملا بشعار" فين ما ضربتي لقرع يسيل دمو"، بحكم أن بوسكورة ضاحية قريبة من البيضاء ومرشحة لاستقبال أزيد من نصف مليون نسمة وفق وثائق التعمير الجديدة التي فتحت أقطابا متعددة في وجه التعمير بهذه المنطقة، فضلا عن ذلك فالملعب الكبير سيجعل بوسكورة قاطرة لجر تراب البيضاء نحو الأجود خاصة بعد طرح فكرة ترحيل المركز الجامعي ابن رشد اليها وإحداث حديقة حيوانات جديدة فيها بمواصفات عالمية.
ومع تبدد أمل المغرب في احتضان كأس العالم في كل ترشيح، كانت السلطات غير متحمسة لتمكين الدار البيضاء من الملعب الكبير. لكن مع قرار الفيفا الأخير الذي أعطى للمغرب شرف تنظيم مونديال 2030 (مع إسبانيا والبرتغال)، أضحى المغرب ملزما ببناء هذه المنشأة الرياضية المهمة.
وبدل أن يكون موضوع بناء الملعب الكبير للدار البيضاء شأنا وطنيا، خاصة وأن المبلغ قد يصل إلى 300 مليار سنتيم (بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء)، إذا بالوزير المنتدب فوزي لقجع "يمسح السما بليغا"، ويلغي بجرة قلم 34 مليون مغربي، ويقرر لوحده اختيار بن سليمان لتكون الحاضن لملعب "الدار البيضاء الكبير" !!
إذا تحقق هذا القرار، فإن بنسليمان ستصبح مقبرة لدفن المرافق الكبرى التي يهدر فيها المال العام. فهاهو مطار بنسليمان الذي ابتلع 180 مليار سنتيم، لا تطير فيه منذ عام 2007، سوى "طيور عوا" ولا تحط في مدرجه البالغ طوله 3200 مترا سوى "بزق الحمام" ، علما أن اختيار بنسليمان لاحتضان المطار بعد قرار ترحيل مطار أنفا عام 2006 لإنجاز القطب المالي، قدم لنا بأنه (أي المطار الجديد)، سيحول بنسليمان إلى "دبي إفريقيا"، فإذا به ينهض كحجة على تبعات استبداد وزير بالقرار واحتقار ذكاء المغاربة. وها هو لقجع يكرر المهزلة والفضيحة مطمئنا إلى أن لا أحد بإمكانه أن يصرخ في وجهه لفضح اختياراته الكارثية.
فاللهم اشهد أن إدريس البصري لم يمت ولكن شُبِّه لهم في فوزي لقجع !!