الجمعة 7 فبراير 2025
كتاب الرأي

لحسن العسبي: الأمة المغربية

لحسن العسبي: الأمة المغربية لحسن العسبي
في الإمتحانات الكبرى تبرز لحمة الأمم. وأمام امتحان زلزال الأطلس الكبير تتجلى مرة أخرى صلابة "الأمة المغربية".
نعم نحن حزينون، موجعون، نبكي في صمت، لكننا لا نكتفي بالعويل والتفرج، الجميع يعمل ولو بالكلمة الطيبة والمواساة. صفوف طويلة طويلة جدا في نظام من أجل التبرع بالدم، صفوف من الشاحنات من كل أصقاع المغرب بمبادرات جمعوية وأحيانا فردية تحمل الأكل والأغطية باتجاه المناطق المنكوبة، لوجيستيك مؤسساتي كامل مُنَسَّقٍ للأطباء والممرضين للجيش والدرك والقوات المساعدة والوقاية المدنية والهلال الأحمر (فيه المروحيات والشاحنات وسيارات الإسعاف والجرافات)، رغم صعوبة التدخل لتشتت المناطق المنكوبة بين الجبال.. لكن حين تتأمل العمل في الميدان تنتفي كل الصفات أمام الكارثة لتبرز فعليا صفة واحدة "المغاربة". الجميع يمد يده للعمل والدعم والإنقاذ: الجندي والدركي والإطفائي والطبيب والمواطن. هم في النهاية فقط مغاربةٌ يقفون في صمت ونكران للذات، ليس من أجل الواجب، بل من أجل الطبيعي فيهم، الذي هو البدل والعطاء من أجل البلاد. يا له من درس علمنا إياه الزلزال. فنحن ندع الدمع ينزل من العين، لكن اليد تمتد للعمل.
نعم جُرحُنا نازفٌ، وكثيرٌ ما سنتعلمه وجوبا من امتحان الزلزال على كافة المستويات (حتى في أعطابنا التدبيرية)، لكننا نكبر كأمة في الشدائد حين لا نكتفي بالعويل وننتصر للعمل.
ستمر صدمة المأساة، وسيأتي زمن إعادة البناء، بناء الحيطان وبناء الإنسان.
وكم المقدمات التي أمام العين تبشر أنه سيخرج المغاربة أكثر قوة من الكارثة.
بوركت يا أمة مغربية شحذتها امتحانات كثر منذ غابر الأزمنة ولا تزال.