الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى المنوزي: إحتفاء بضحايا سنوات الجمر الذين فرض عليهم التجريب

مصطفى المنوزي: إحتفاء بضحايا سنوات الجمر الذين فرض عليهم التجريب مصطفى المنوزي
من وحي قافلة فكيك  بمناسبة الذكرى 50 لأحداث 1973 
مرة أخرى جربنا أنفسنا ونحن نخوض معركة جديدة لأجل استكمال الحقيقة في ملفات عالقة بمنطقة فكيك، طبعا هذا مطلب يؤرق المسؤولين والمعنيين داخل الدولة والمؤسسات العمومية والوطنية ذات الإهتمام؛ رغم أن الشعار كان يؤطر القافلة بمطلب عدم النسيان وعدم مأسسة تكرار الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي طالت البشر والحجر والشجر. كل شيء في منطقة فكيك "ضحية"، مباشر وغير مباشر.  وفي إطار ترتيب التناقضات لا يسعنا إلا أن نركز على الرئيسي منها ضمن  ثلاثية عقل الدولة الأمني  وتوترات الجوار وفلول الإستعمار.  عندما ولجنا  فكيك عبر ممر ضيق، محاط بجبلين على  واجهتهما  تظهر ملامح الحدود المفتعلة قسريا، حدود على شكل مثلث يحاصر التواصل المغاربي ويفوت صلات الرحم والقرابة  والتسامح وحسن الجوار. سيناريو يستحق  جائزة أحسن تشخيص وافضل إخراج  لسرديات أمنية، تراكمت فصولها منذ  1903 ، أي قبل صفقات مؤتمر الجزيرة،  ظلت تداعيات تعتمل إلى انتفاضة 1943 ثم 1953  فحرب الرمال 1963 لتتوج المعركة في مارس 1973، وقضى المغاربة خمسون سنة وهم يخوضون أسئلة التقييم المفتوح حول حقيقة ما جرى... واليوم ساهمت القافلة  في نفض بعض الغبار حول مطلب التقييم والتقويم، بالإنصات إلى نبض ساكنة فجيج  وبوح الأحفاد والأرامل، ولم يكن بوسع الطيف الحقوقي إلا أن يلقي بحجرة في البركة، لعل الأجوبة تتبلور في صيغة أسئلة جديدة حان الوقت لتجويدها من قبل الأكاديميين والمؤرخين، في أفق مساءلتها من قبل قضاء الأمة والذي لا مناص من تحرير موظفيه أيضا من قدرية المقاربة الأمنية وجبرية العقل السياسي وبجرعات النزاهة والإستقلالية. وفي إنتظار أن يتعقل ضمير الذاكرة نفسه لكي يتولد عنه العقل الحجاجي بدل المنطق البلاغي  المؤطر بإيديولوجيا الهزيمة والموجه بهيمنة عقدة عدالة المنتصرين، تلوح في الأفق دعوات إلى رد الإعتبار للمنطقة وفك الحصار عن مستقبلها المعتقل، وذلك عبر إعلانها موقعا للضمير، وضمن خريطة المناطق التي عرفت الفظائع والإنتهاكات الجسيمة في كافة ربوع كوكب الأرض... إنها بداية صحوة جديدة، ساهمت فيه جمعية النهضة التاريخية المحلية بكل نسائها ورجالاتها،  قد تفيد في ضخ أنفاس متجددة ترتب لأي نهايات عقلانية، ما دامت العمليات السياسية والحقوقية والأمنية التي رافقت العهد الجديد قد استنفذت أطوارها وإمكانياتها، ولنحدد، تشاركيا، جدول أعمال وطني مغاير يبلور جيل جديد من المقاربات والإصلاحات بنفحات تحديثية ولما لا ديمقراطية.

مصطفى المنوزي/ منسق منتدى ضمير الذاكرة والسرديات الأمنية