بحلول 25 ماي 2023، تكون قد مرت 60 ينة على ميلاد منظمة الوحدة الافريقية( حاليا اسمها: الاتحاد الإفريقي). وهي مناسبة تستحضر فيها "أنفاس بريس"، بصمات المغرب في التأسيس، والتموجات التي طالت مسار علاقة المغرب بالمنظمة الإفريقية قبل أن يعود المغرب لشغل مقعده بالاتحاد الإفريقي:
لعب المغرب دورا محوريا في بناء الوحدة الإفريقية، والعمل على استرجاع استقلالها، وفق مبادئ سيادية جديدة تقطع مع الاستعمار وتدفع في اتجاه تحرير جميع الدول الإفريقية دون استثناء، حيث احتضنت مدينة الدار البيضاء في يناير 1961، اجتماعا تاريخيا، شكل حسب مؤرخي إفريقيا المعاصرة، أول خطوة عملية قادت إلى تأسيس منظمة الوحدة الإفريقية؛ وهو الاجتماع الذي ترأسه الملك محمد الخامس، وشارك فيه مجموعة من القادة الأفارقة، وعلى رأسهم: المالي موديبو كيتا، والغيني أحمد سيكو توري، والمصري جمال عبد الناصر، والغاني كوامي نكروما، والإثيوبي هايلي سيلاسي، والجزائري فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة، فضلا عن الليبي عبد القادر العلام الذي مثل الملك الليبي آنذاك محمد إدريس السنوسي..
وقد انتهى هذا الاجتماع إلى توقيع ميثاق ضم قرارات ومبادئ أساسية، من قبيل العمل على تحرير الأراضي من الاستعمار، التضامن بين الشعوب الافريقية كلها، تنظيم التعاون الاقتصادي والثقافي بين دول القارة؛ وهي المبادئ التي توجت بانعقاد مؤتمر أديس أبابا الذي أسفر عن ميلاد "منظمة الوحدة الإفريقية"، في 25 ماي 1963، بحضور 32 دولة، من بينها المغرب الذي كان يقوده آنذاك الملك الحسن الثاني، قبل أن تلتحق دول أخرى، بعد حصولها على الاستقلال، مثل غينيا بيساو، وانغولا، وموزمبيق، وروديسيا، ونامبيا، وجنوب افريقيا.
وقد أعلن رؤساء الدول الإفريقية المجتمعين بأديس أبابا عن أن "المنظمة" قاعدة قوية للتعاون المستمر والبناء بين دولهم وأنهم يرغبون في أن يروا جميع الدول الافريقية متحدة، ابتداء من هذا التاريخ لتحقيق السعادة لشعوبها، وأنهم عازمون على تقوية الروابط فيما بينها بإنشاء مؤسسات مشتركة وتقويتها ومن أجل تحقيق الاهداف السامية المسطرة في الميثاق.
لقد ظلت الوحدة الإفريقية انشغالا مغربيا في عهد الملك الحسن الثاني الذي كان يعتبر أن "المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا"، حيث تعرض الحسن الثاني، وهو يتحدث خلال المؤتمر الخامس بالجزائر باسم المؤتمرين، للقادة حول التوجه الإفريقي الوحدوي، رغم إخلال مجموعة من الدول بالمبادئ التي نص عليها ميثاق المنظمة: "إننا أمة واحدة، وأسرة واحدة، وليس في إمكان أي أحد منا أن يفر من هذه القارة... علينا أن نعيش ونتعايش... فلنفكر إذن في الوسائل التي تمكننا من العيش أولا، ثم من التعايش ثانيا".
وظل الحسن الثاني متمسكا بالجذور الإفريقية، ومنافحا عن مؤسسات منظمة الوحدة الإفريقية، إلى أن تعرضت المنظمة، في أواخر سنة 1983 وبداية سنة 1984، للتشويه، بعد قرار قبول عضوية ما يسمى بجبهة البوليساريو، بإيعاز من الجزائر التي ظلت، ومازالت، تبحث عن إنهاك المغرب ومصارعته في معاقله، بالإرشاء واستعمال متحصلات الغاز من أجل استمالة الدول، وإرغامها على تبني أطروحتها العدائية للوحدة الترابية، مما أرغم المغرب على اتخاذ موقف صارم (أنظر مقال مولاي المهدي العلوي). وجاء في رسالة للملك الراحل الحسن الثاني إلى نظرائه الأفارقة: "ها قد حانت ساعة الفراق بيننا، لقد صار لزاما على المغرب ألا يكون شريكا في قرارات ليست إلا مسلسلا لا رجعة فيه لاندثار الشرعية، وهي العنصر الحيوي لكل منظمة دولية تحترم نفسها، فازدراء وخرقا للمادة ـ 4 ـ من ميثاق المنظمة؛ ارتكبت المنظمة الإفريقية خطأ قد يكون له آثار بعيدة وغير متوقعة ومتكررة. المغرب إفريقي وسيظل إفريقيا. وعندما سيعود أولئك الذين تم إضلالهم إلى سبيل الحكمة الإفريقية من تلقاء أنفسهم سيتذكر المغرب المشبع بالتاريخ والتقاليد أن ديناميكية الحكمة تتفوق دائما على أخطاء وزلات الطريق".
ورغم انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، فإنه ظل حاضرا بقوة داخل القارة السوداء، سواء من خلال مساهمته في استقرار وأمن عدد من الدول، أو المساعدات الإنسانية التي يبعث بها المغرب كلما تعرضت أي دولة من الدول الإفريقية إلى أزمة أو كارثة إنسانية، فضلا عن الشراكات الأمنية والعسكرية والاستثمارات المتعددة والمتنوعة والتبادل الثقافي والعلمي والأكاديمي والاقتصادي الذي يجمع المغرب بعدد من الدول الإفريقية والعمل الدبلوماسي، إلى جانب الروابط الدينية التي ظلت لسنين طويلة تجمع بين مسلمي إفريقيا ومرجعية إمارة المؤمنين.
هذا المعطى القوي في تعدده وتنوع قنواته، جعل المغرب حاضرا بقوة، وهو الذي كان لا بد من استثماره للعودة إلى "الاتحاد الإفريقي" من باب "عودة أحد المؤسسين إلى عائلته"، وقد دشنت هذه العودة القوية بالزيارات المكثفة التي قام بها الملك محمد السادس إلى عدد من الدول الإفريقية (50 زيارة)، حيث وافق قادة 39 دولة على عودة المغرب إلى المنظمة عام 2017، ليصبح العضو الخامس والخمسين بعد 32 سنة من الانسحاب، وجاء القرار في جلسة مغلقة في القمة الأفريقية الثامنة والعشرين المنعقدة في أدديس أبابا: وهي القمة التي تميزت جلستها الختامية بخطاب قوي للملك محمد السادس خاطب من خلاله زعماء القارة: "كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب. (...) فأفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد".
وقد انتهى هذا الاجتماع إلى توقيع ميثاق ضم قرارات ومبادئ أساسية، من قبيل العمل على تحرير الأراضي من الاستعمار، التضامن بين الشعوب الافريقية كلها، تنظيم التعاون الاقتصادي والثقافي بين دول القارة؛ وهي المبادئ التي توجت بانعقاد مؤتمر أديس أبابا الذي أسفر عن ميلاد "منظمة الوحدة الإفريقية"، في 25 ماي 1963، بحضور 32 دولة، من بينها المغرب الذي كان يقوده آنذاك الملك الحسن الثاني، قبل أن تلتحق دول أخرى، بعد حصولها على الاستقلال، مثل غينيا بيساو، وانغولا، وموزمبيق، وروديسيا، ونامبيا، وجنوب افريقيا.
وقد أعلن رؤساء الدول الإفريقية المجتمعين بأديس أبابا عن أن "المنظمة" قاعدة قوية للتعاون المستمر والبناء بين دولهم وأنهم يرغبون في أن يروا جميع الدول الافريقية متحدة، ابتداء من هذا التاريخ لتحقيق السعادة لشعوبها، وأنهم عازمون على تقوية الروابط فيما بينها بإنشاء مؤسسات مشتركة وتقويتها ومن أجل تحقيق الاهداف السامية المسطرة في الميثاق.
لقد ظلت الوحدة الإفريقية انشغالا مغربيا في عهد الملك الحسن الثاني الذي كان يعتبر أن "المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا"، حيث تعرض الحسن الثاني، وهو يتحدث خلال المؤتمر الخامس بالجزائر باسم المؤتمرين، للقادة حول التوجه الإفريقي الوحدوي، رغم إخلال مجموعة من الدول بالمبادئ التي نص عليها ميثاق المنظمة: "إننا أمة واحدة، وأسرة واحدة، وليس في إمكان أي أحد منا أن يفر من هذه القارة... علينا أن نعيش ونتعايش... فلنفكر إذن في الوسائل التي تمكننا من العيش أولا، ثم من التعايش ثانيا".
وظل الحسن الثاني متمسكا بالجذور الإفريقية، ومنافحا عن مؤسسات منظمة الوحدة الإفريقية، إلى أن تعرضت المنظمة، في أواخر سنة 1983 وبداية سنة 1984، للتشويه، بعد قرار قبول عضوية ما يسمى بجبهة البوليساريو، بإيعاز من الجزائر التي ظلت، ومازالت، تبحث عن إنهاك المغرب ومصارعته في معاقله، بالإرشاء واستعمال متحصلات الغاز من أجل استمالة الدول، وإرغامها على تبني أطروحتها العدائية للوحدة الترابية، مما أرغم المغرب على اتخاذ موقف صارم (أنظر مقال مولاي المهدي العلوي). وجاء في رسالة للملك الراحل الحسن الثاني إلى نظرائه الأفارقة: "ها قد حانت ساعة الفراق بيننا، لقد صار لزاما على المغرب ألا يكون شريكا في قرارات ليست إلا مسلسلا لا رجعة فيه لاندثار الشرعية، وهي العنصر الحيوي لكل منظمة دولية تحترم نفسها، فازدراء وخرقا للمادة ـ 4 ـ من ميثاق المنظمة؛ ارتكبت المنظمة الإفريقية خطأ قد يكون له آثار بعيدة وغير متوقعة ومتكررة. المغرب إفريقي وسيظل إفريقيا. وعندما سيعود أولئك الذين تم إضلالهم إلى سبيل الحكمة الإفريقية من تلقاء أنفسهم سيتذكر المغرب المشبع بالتاريخ والتقاليد أن ديناميكية الحكمة تتفوق دائما على أخطاء وزلات الطريق".
ورغم انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية، فإنه ظل حاضرا بقوة داخل القارة السوداء، سواء من خلال مساهمته في استقرار وأمن عدد من الدول، أو المساعدات الإنسانية التي يبعث بها المغرب كلما تعرضت أي دولة من الدول الإفريقية إلى أزمة أو كارثة إنسانية، فضلا عن الشراكات الأمنية والعسكرية والاستثمارات المتعددة والمتنوعة والتبادل الثقافي والعلمي والأكاديمي والاقتصادي الذي يجمع المغرب بعدد من الدول الإفريقية والعمل الدبلوماسي، إلى جانب الروابط الدينية التي ظلت لسنين طويلة تجمع بين مسلمي إفريقيا ومرجعية إمارة المؤمنين.
هذا المعطى القوي في تعدده وتنوع قنواته، جعل المغرب حاضرا بقوة، وهو الذي كان لا بد من استثماره للعودة إلى "الاتحاد الإفريقي" من باب "عودة أحد المؤسسين إلى عائلته"، وقد دشنت هذه العودة القوية بالزيارات المكثفة التي قام بها الملك محمد السادس إلى عدد من الدول الإفريقية (50 زيارة)، حيث وافق قادة 39 دولة على عودة المغرب إلى المنظمة عام 2017، ليصبح العضو الخامس والخمسين بعد 32 سنة من الانسحاب، وجاء القرار في جلسة مغلقة في القمة الأفريقية الثامنة والعشرين المنعقدة في أدديس أبابا: وهي القمة التي تميزت جلستها الختامية بخطاب قوي للملك محمد السادس خاطب من خلاله زعماء القارة: "كم هو جميل هذا اليوم، الذي أعود فيه إلى البيت، بعد طول غياب. (...) فأفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرا إلى بيتي. وكم أنا سعيد بلقائكم من جديد".