كنت ومازلت وسأبقى من الذين يترافعون من أجل إحياء «طريق القوافل» بين المغرب وإفريقيا، لتعزيز حضورنا في القارة السمراء من جهة، ولضمان تموقع الشركات المغربية في الفضاء الاقتصادي الإفريقي من جهة ثانية، ولإبقاء صورة المغرب متوهجة في المخيال الإفريقي من جهة ثالثة.
كل المؤشرات تنهض كداعم لتحقيق هذا الحلم على أرض الواقع:
أولأ: القوات المسلحة الملكية ردمت نهائيا كل أحقاد الجزائر وأطماعها في قطع أوصال المغرب مع عمقه الإفريقي حين طردت عناصر البوليساريو من معبر الكركارات وتطهيره عقب العملية الأمنية الشهيرة ليوم 13 نونبر 2020.
وهي العملية التي أعادت سلاسة التنقل بين المغرب ودول جنوب الصحراء بعد تحرشات واستفزازات الجزائر (عبر صنيعتها البوليساريو) التي استهدفت هذا المعبر الحيوي منذ عام 2017.
ثانيا: المغرب هو أول بلد إفريقي مستثمر في القارة السمراء، فضلا عن كونه هو البلد الذي حطم الرقم القياسي في الزيارات الرسمية (أكثر من 50 زيارة ملكية لدول القارة). وحطم الرقم القياسي في عدد الاتفاقيات المبرمة (أبرم المغرب 1000 اتفاقية مع دول إفريقية خلال 20 سنة).
ثالثا: المغرب هو البلد الذي تستقبل أكاديمياته ومعاهده العسكرية والأمنية ضباط وجنود ورجال شرطة ينتمون لأكثر من 20 دولة إفريقية لتكوينهم أحسن تكوين.
رابعا: المغرب هو البلد الذي يصدر تجربته المتميزة في محاربة الإرهاب إلى عدة دول بالقارة الإفريقية. بل هو البلد الأكثر تميزا بحكامة أمنية جيدة وفعالة لمواجهة القلاقل بدول الساحل وجنوب الجزائر.
خامسا: المغرب هو من أكثر الدول الحاضرة في بؤر التوتر بإفريقيا على مستوى قوات حفظ السلام الأممية.
سادسا: المغرب هو البلد الوحيد الذي يضيء بفضل مرجعية إمارة المؤمنين، أرجاء القارة الإفريقية ( كون حوالي 2800 إمام إفريقي في ظرف 7 سنوات).
سابعا: المغرب هو البوابة المالية الرئيسية لمعظم المقاولات وشركات المال والأعمال الأجنبية الراغبة في الاستثمار في إفريقيا، بحكم اضطرارها المرور عبر القطب المالي للدار البيضاء، الذي يعد أول منطقة مالية بالقارة السمراء.
ثامنا: المغرب هو البلد الذي يتنقل عبر طائراته (شركة «لارام») معظم الركاب المتوجهين من وإلى إفريقيا وأوروبا عبر منصة مطار محمد الخامس بالبيضاء (HUB).
تاسعا: المغرب هو البلد الذي يستعد لافتتاح أكبر ميناء على الواجهة الأطلسية بإفريقيا (ميناء الداخلة الأطلسي) الذي سيصبح المنصة الرئيسية للمعاملات البحرية بين ثلاث قارات (إفريقيا وأمريكا وأوروبا)، على غرار الجوهرة المينائية بشمال المغرب (طنجة ميد).
عاشرا: المغرب هو البلد الذي اعتمد منظومة قانونية للهجرة والمهاجرين والتي بفضلها تمت تسوية وضعية 50 ألف مهاجر بالمغرب (أغلبيتهم الساحقة ينحدرون من دول إفريقية).
فما المانع إذن من أن يطرح المغرب مشروعا طموحا من قبيل «إحياء طريق القوافل» مع القارة السمراء، كما كان الأمر في عهد الأمجاد التاريخية للمغرب في علاقته بإفريقيا؟
هاهي الصين أمامنا، ألم تبادر إلى إحياء «طريق الحرير» (إحياء لأمجاد التجارة بين الصين وبين العالم في التاريخ السحيق) بشكل جعل الصين الآن تجني ثمارا هائلة من هذا المشروع والذي يضخ في خزائنها ملايير الدولارات بفعل إنعاش مبادلاتها مع باقي دول العالم؟
لم لا نحذو حذو الصين ونحول الحلم إلى حقيقة؟
لم لا نحذو حذو الصين ونحول الحلم إلى حقيقة؟
بتاريخ 31 يناير 2017، قال الملك محمد السادس أثناء استعادة المغرب لعضويته في الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا: «كم هو جميل هذا اليوم، الذي أحمل فيه قلبي ومشاعري إلى المكان الذي أحبه! فإفريقيا قارتي، وهي أيضا بيتي. لقد عدت أخيرا إلى بيتي».
فلنحرص على تمتين لحمة المغرب مع بيته الإفريقي «بطريق القوافل».