وضع أقل ما يقال عنه أنه "مؤلم" و"شاذ" و"من المنكرات الهائلة"، ذلك الذي يعيشه المرضى الذين يقصدون المستشفى الإقليمي بالحسيمة للاستفادة من الحق في العلاج، كما ينص على ذلك الفصل 31 من الدستور: "تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: العلاج والعناية الصحية.. إلخ". غير أن ما يعيشونه بهذا المستشفى يضعنا في مواجهة "حقيقة سريالية"، ذلك أن الأطباء المكبلين بقسم أبوقراط "يتبخرون" عن عمد وسبق إصرار، ما داموا قد أقروا "نظاما" خاصا يعفيهم من الحضور المستمر إلى أماكن عملهم، علما أن المادة 13 من القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب تنص على ما يلي: "يجب على كل طبيب توقف عن مزاولة مهنته بصفة مؤقتة لأسباب خاصة أن يخبر بذلك رئيس المجلس الجهوي للهيئة الذي يقوم بإيقاف تقييده بالجدول الجهوى للهيئة، ويخبر بذلك رئيس المجلس الوطني.. يبلغ فورا رئيس المجلس الوطني قرارات المجلس الجهوي إلى السلطات الحكومية والإدارية المعنية وإلى رئيس الجماعة الترابية المعنية وإلى المسؤولين عن المؤسسات العمومية".
فهل يتغيب هؤلاء الأطباء بعلم من كل هذه المؤسسات؟ هل يتحرك هؤلاء داخل تواطؤ شامل لإدارة المستشفى والمندوبية والوزارة غير معلن؟ هل الطب بالحسيمة وغيرها من المناطق مجرد "حركة موسمية" لذر الرماد في العيون، كما يقال؟ كيف يتجرأ الأطباء بهذا المستشفى على اقتطاع عطلة تحايلية تستمر "شهرا"، أو ما يزيد، دون حسيب ولا رقيب، مع أن أجورهم تضخ في حساباتهم البنكية؟
اليوم، وبعد مرور سبع سنوات على احتجاجات الحراك الاجتماعي، بالحسيمة، ما زال هناك من يؤجج مشاعر السخط بين سكان الحسيمة الذين ما زالوا ينتظرون أن تُملأ جميع مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية، وما زالوا يترقبون تفعيل التعليمات الملكية من أجل إرساء قواعد عادلة في المنطقة، إذا ما معنى، على سبيل المثال لا الحصر، أن تظل المستشفيات خالية من الأطقم الطبية التي تمنحها أسباب الوجود؟ وما معنى أن يجد المرضى أنفسهم رهائن للوقت الذي لا يرحم؟
ومن القصص التي يرويها عبد السلام بوطيب، الفاعل الحقوقي والمدني من الحسيمة، أنه توجه إلى إدارة المستشفى لإتمام تعبئة ملف صحي-إداري خاص بوالدته. إلا أنه صعق حين أخبره الموظف المكلف بإدارة المستشفى بأن عليه أن يعود بعد شهر، بدعوى أن "الطبيبة التي أشرفت على الوالدة غادرت المستشفى، ولن تعود قبل شهر".
فهل يتغيب هؤلاء الأطباء بعلم من كل هذه المؤسسات؟ هل يتحرك هؤلاء داخل تواطؤ شامل لإدارة المستشفى والمندوبية والوزارة غير معلن؟ هل الطب بالحسيمة وغيرها من المناطق مجرد "حركة موسمية" لذر الرماد في العيون، كما يقال؟ كيف يتجرأ الأطباء بهذا المستشفى على اقتطاع عطلة تحايلية تستمر "شهرا"، أو ما يزيد، دون حسيب ولا رقيب، مع أن أجورهم تضخ في حساباتهم البنكية؟
اليوم، وبعد مرور سبع سنوات على احتجاجات الحراك الاجتماعي، بالحسيمة، ما زال هناك من يؤجج مشاعر السخط بين سكان الحسيمة الذين ما زالوا ينتظرون أن تُملأ جميع مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية، وما زالوا يترقبون تفعيل التعليمات الملكية من أجل إرساء قواعد عادلة في المنطقة، إذا ما معنى، على سبيل المثال لا الحصر، أن تظل المستشفيات خالية من الأطقم الطبية التي تمنحها أسباب الوجود؟ وما معنى أن يجد المرضى أنفسهم رهائن للوقت الذي لا يرحم؟
ومن القصص التي يرويها عبد السلام بوطيب، الفاعل الحقوقي والمدني من الحسيمة، أنه توجه إلى إدارة المستشفى لإتمام تعبئة ملف صحي-إداري خاص بوالدته. إلا أنه صعق حين أخبره الموظف المكلف بإدارة المستشفى بأن عليه أن يعود بعد شهر، بدعوى أن "الطبيبة التي أشرفت على الوالدة غادرت المستشفى، ولن تعود قبل شهر".
وعند استفساره عن سبب هذا الغياب، وعما إذا كان الأمر يتعلق بـ"إجازة سنوية"، أجاب الموظف بكل ثقة: " لا، سأخبرك ولا أعرف إن كانت لك الكفاءة والمؤهلات الفكرية الضرورية لتفهمني؛ وتفهم الطريقة التي نشتغل بها في هذه المنطقة؛ بالمصلحة ثلاثة أطباء هم من خارج المنطقة، لذا قرروا ان يشتغل كل واحد منهم أسبوعين ويرتاح شهرا ليسافر إلى عائلته البيولوجية والاجتماعية والمهنية!!! ".
لقد وصل الأمر إلى الحد الذي يتوجب فيه على المواطنين أن يتوفروا على "الكفاءة والمؤهلات الفكرية الضرورية "حتى يستوعبوا الأسباب "العلمية" التي ابتدعها هؤلاء الأطباء من أجل التخلي عن المرضى للالتحاق بمناطق ولادتهم أو سكناهم، والحال أن أخبارا من وزارة الصحة تؤكد أنه يجري بين الفينة والأخرى توقيف أطباء يعملون "متغيبين" بالمستشفيات العمومية بعد ضبطهم يشتغلون في العديد من المصحات الخاصة. بل تؤكد المصادر الوزارية أن أحد هؤلاء الأطباء قد أدلى في وقت سابق شهادة طبية من ستة أشهر ليضبط خلال هذه الفترة وهو يزاول العمل بإحدى المصحات الخاصة.
إن غياب الأطقم الطبية عن العمل، أو إقرارهم لنظام "خاص" خارج القوانين، وخارج المؤسسات التي يعملون بها يتسبب في عواقب خطيرة على صحة المواطنات والمواطنين الذين يقصدون المستشفى الإقليمي بالحسيمة، ولا يجدون الأطباء، مما يعرضهم لأخطار قد تؤدي إلى تدهور وضعهم الصحي أو موتهم لا قدر الله. بل إن هذا الغياب، إذا لم يتم إيجاد حلول ناجعة وجذرية له، كفيل بإذكاء نار الغضب عند الساكنة، والدفع بهم إلى الاحتجاج على الاستهانة بصحتهم، وعلى هذا الخرق الواضح لقانون الوظيفة العمومية، الذي يفرض على الأطباء من كل التخصصات الالتزام بالعمل بشكل الدائم، بدل تقسيم العمل بينهم، حيث يشتغل طبيب واحد، فقط فيما يستفيد آخرون من عطلة غير قانونية، مما يؤثر بشكل سلبي على جودة الخدمات الطبية التي يتلقاها المرضى، ومما يهدد الأمن الاجتماعي العام..
إن غياب الأطقم الطبية عن العمل، أو إقرارهم لنظام "خاص" خارج القوانين، وخارج المؤسسات التي يعملون بها يتسبب في عواقب خطيرة على صحة المواطنات والمواطنين الذين يقصدون المستشفى الإقليمي بالحسيمة، ولا يجدون الأطباء، مما يعرضهم لأخطار قد تؤدي إلى تدهور وضعهم الصحي أو موتهم لا قدر الله. بل إن هذا الغياب، إذا لم يتم إيجاد حلول ناجعة وجذرية له، كفيل بإذكاء نار الغضب عند الساكنة، والدفع بهم إلى الاحتجاج على الاستهانة بصحتهم، وعلى هذا الخرق الواضح لقانون الوظيفة العمومية، الذي يفرض على الأطباء من كل التخصصات الالتزام بالعمل بشكل الدائم، بدل تقسيم العمل بينهم، حيث يشتغل طبيب واحد، فقط فيما يستفيد آخرون من عطلة غير قانونية، مما يؤثر بشكل سلبي على جودة الخدمات الطبية التي يتلقاها المرضى، ومما يهدد الأمن الاجتماعي العام..