الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

إدريس المغلشي: وجدان التي هزت الكيان 

إدريس المغلشي: وجدان التي هزت الكيان  إدريس المغلشي
وجدان طفلة نشأت في مجتمع اختلت فيه موازين العيش وتوسع فيه الفارق بين الناس، قد تصادف فيلات وقصور في ناصية المدينة لكن بجانبها في حواشي المدن بناء عشوائي  ودور قصديرية حريصة على الوجود ضدا على النموذج الوحيد الموغل في الثراء الفاحش لتحسس الآخر بالتفاوت بين رغد عيش علية القوم مع الضيق والحاجة لبقية الناس، تحلم وجدان كباقي أبناء الطبقة المسحوقة بتأمين مستقبلها وانقاذ اسرتها في عالم متوحش غابت فيه تكافؤ الفرص، وعلى قدر انتمائك وعلاقاتك تستطيع أن تمد رجليك.
 
ضاقت فرص العيش ولم تعد للنباهة والنجابة والتفوق الدراسي في أوساط محرومة أي دور مادامت هناك مجالات احتكرتها عائلات ميسورة وأسر معلومة ، لقد أصبح مجال تحركها  محميات يصعب على أبناء الطبقة المسحوقة اختراقها.
لامجال للحلم في عالم موبوء بالفساد..! 

مجرد أن تحلم باجتياز مباراة وحمل اسم مهنة، ستنتظر ويطول بك الانتظارك دون ان تحقق هذا الهدف،مهما ثابرت واجتهدت ونلت من الشواهد .وجدان ادركت مبكرا أن سلاح العلم والتفوق في الجامعة لوحده لايفضي بالضرورة لتأمين المستقبل بل تحتاج معه لسلاح آخر  اكثر فتكا مادمنا نعيش منظومة تربوية معطوبة وفاسدة بعدما تسلل إلى مجالها بعض عديمي الضمير ليحتلوا مناصب يمارسون من خلالها ساديتهم وعقدهم التي لاتنته. وماالاحداث اللاأخلاقية التي وقعت بالجامعات بكل من سطات وغيرها من المدن الأخرى  ببعيد "عشنا وشفنا" أن بعض الأساتذة تورطوا في اوضاع لا اخلاقية تمس بشرف ونبل رسالة التدريس وكيف اخضعوها هؤلاء المنحرفون  للابتزاز الجنسي تلبية لميولاتهم الشاذة . كيف لطخوا قطاعا كنا نعتبره إلى عهد قريب آخر قلاع النهضة والنمو وصيروها بطيشهم وإنعدام الضمير والمسؤولية إلى ضيعات بلاحسيب ولارقيب. وقد قالت المحكمة كلمتها فيهم.

وجدان ترسخت لديها قناعة بتبني هذه الطريقة مادامت الأحداث الواردة من البوغاز تفيد أنها استطاعت من خلال علاقتها بمجموعة من الأساتذة ان تحصل على معطيات مباراة المحاماة قبل اجرائها وأين؟ داخل حانة ليلة الإمتحان وتستطيع من خلال كل هذه الحقائق الصادمة النجاح في بحر الأسبوع الفائت حسب النتائج والأخبار الواردة من هناك، مهزلة ووصمة عار في جبين وزارة العدل التي دبرت الملف وما أثاره من اللغط والسخط. لا أدري هل أهنئ وجدان على نجاحها باعتبارها هي الأخرى ضحية منظومة فساد احتلت مفاصل الإدارة؟ هل اشجب سلوكها بعدما حصلت على مكسب غير قانوني ولا أخلاقي، أم باعتباره سلاحها الوحيد الذي استطاعت به فرض وجودها؟ شبيهاتها كثر مادمنا طبعن مع الفساد وخلقنا له آلياته وظروف انتعاشه ونموه ضد الشفافية والوضوح التي ستبقى شعارات  وحبرا على ورق مادمنا غير قادرين على القطع مع هذا الفيروس الأشد انتشارا وفتكا.

وجدان ستصبح بقوة القانون وسطوة الجمال والعلاقات محامية في المستقبل، ستترافع لتنتقم لذاتها، لاتطلبوا منها تطبيق القانون بعدما عاشت دروسا ولحظات عملية من خيانة الواجب وممارسة الشطط واستغلال السلطة والنفوذ للذين استباحوا الأرض والعرض، ممن يشترط فيهم حماية المهنة والدفاع عنها. لاتسألوها عن سلوكات أخرى منافية للأخلاق والقانون في مهمتها الجديدة ونحن لانمتلك الجرأة على مواجهة الفاسدين وتحصين القطاع بأكمله من كل النماذج المسيئة لرمزيته وقداسته.