الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد شفيق: سوق الشغل.. برميل بارود قابل للإنفحار في أي وقت

محمد شفيق: سوق الشغل.. برميل بارود قابل للإنفحار في أي وقت محمد شفيق
الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط حول سوق الشغل والأرقام التي انتهت إليها لم يعد وصفها بالصادمة كافيا، بل قد نحتاج جهدا إضافيا لنجد ما يليق بها  ويتماشى مع مضمونها الكارثي.
قد تكون البطالة ظاهرة عالمية، وقد نتفهم إلى حد ما ارتفاع معدلاتها وإيقاع انتشارها وتوسع مداها.
ففترة التعافي الإقتصادي بعد مرحلة كورونا أخلفت الموعد ولم تستطع منظومتنا الإقتصادية استعادة إيقاع مقنع، وقد زاد من هذا التباطؤ سياق دولي محفوف بكثير من الأخطار والتوترات أربك الدورة الإقتصادية في كثير من البلدان، ولا يمثل بلدنا استثناء لهذه الوضعية العامة، ولكن الصادم داخل هذه القائمة الطويلة من الأرقام والنسب  المرعبة هي أن ما يقارب مليون ونصف من الشباب في أوج العطاء والإقبال على الحياة تتراوح أعمارهم مابين 15 و 24 سنة لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون اي تكوين. أي أدوار لهذه الأعداد؟ وأية وظائف ممكنة لهؤلاء الشباب غير التربص بحاضر البلاد وبمستقبله. أي دور لهؤلاء غير تعميم حالة اليأس والإحباط والتنكر للوطن ولقيمه.
مليون ونصف يختارون أو فرض عليهم أن يختاروا الفراغ واللاشيء وأن يعيشوا موتا على هامش الحياة.
أمام هذا الرقم المرعب، هل يكفي أن نسائل سياساتنا العمومية في مجال التشغيل والتعليم والتقافة والتربية؟
أمام سوداوية هذه الأرقام هل يكفي أن نسائل برامجنا الاقتصادية والإجتماعية؟
ما تقوله هذه الأرقام أكبر من نجاعة وفعالية السياسات. فما تعنيه هذه الأرقام يتجه رأسا نحو جوهر السياسة نفسها والغاية من ممارستها،
غير ذلك سيتواصل ارتفاع هذه الأرقام وتواصل آلة الإقصاء دورانها لإنتاج الكثير من الشك والتدمر والإحباط.