في سنة 2013، قامت الحكومة بترحيل 295 جثمان لمغاربة ماتوا بالخارج، وهيعملية كلفت خزينة الدولة حوالي 10 مليون درهم. أغلب هذه الجثامين المرحلة ينتمي إلى فرنسا وإيطاليا وإسبانيا بحكم وجود جالية مهمة بأوربا دون أن ننسى وجود جثامين لمغاربة من مناطق أخرى من العالم.
وبحكم ارتباط المغربي ببلده وتشبثه بترحيل جثمانه إلى أرض الوطن، كان قرار نقل الجثامين يصطدم دائماً بعراقيل مادية، لاسيما أن تكاليف نقل الأموات تكون مرتفعة. هذا الوضع دفع الوزارة الوصية في عهد الوزير الاتحادي محمد عامر إلى تحمل كلفة نقل جثامين المغاربة في مختلف بقاع العالم. وفي عهد عامر كانت الدولة غير متشددة في الوضع الاجتماعي للميت، إذ ما أن تتوصل القنصلية المعنية بطلب إلا وتحيله على وزارة الجالية التي تقوم بتحويل المال للقنصلية. لكن هذا الامتياز -تقول مصادر "أنفاس بريس"- تبخر في عهد الوزير الوصي على القطاع الاستقلالي معزوز الذي فرض على قنصليات المغرب بالخارج ألا تتولى تسجيل سوى جثامين المهاجرين المعوزين الذين ينحدرون من فئات هشة.
لكن الأمل عاد لمغاربة الخارج بتولي التجمعي أنيس بيرو مسؤولية القطاع، حيث استلهم هذا الأخير طريقة الاتحادي عامر وأصبحت الدولة هي التي تتكلف بنقل جثامين كل المغاربة بدون استثناء.
لكن بالمقابل ابتكر بيرو طريقة أخرى لمواساة عائلة المهاجر الميت وذلك بإلزامية حضور أحد موظفي الوزارة في المطار لاستقبال الجثمان وتقديم التعازي باسم الوزارة لعائلة الميت. ولا يتوقف الأمر عند تقديم التعازي والحضور الشخصي، بل يتعداه إلى مرافقة الجثمان إلى مسقط رأسه دون أن تحرص الوزارة على ترتيب الإجراءات اللوجستيكية، من قبيل توفير الحجز بالفندق للموظف مثلا.. وهو الوضع الذي خلف نوعا من التذمر في صفوف موظفي الوزارة بحكم أن الدولة لا تخصص للموظف سوى 160 درهم كتعويض عن التنقل، وهو الأمر الذي جعل موظفي الوزارة يطالبون بمراجعة هذا القرار أو الرفع من قيمة التعويض بالشكل الذي يحترم وظيفتهم.
وللإشارة فتكاليف ترحيل الموتى المغاربة من فرنسا تتراوح بين 20 ألف درهم و25 ألف درهم، ومن إسبانيا بين 55 ألف درهم و60 ألف درهم. ويعزو المهنيون ارتفاع التكاليف من إسبانيا إلى غلاء تكاليف شركات نقل الأموات في إسبانيا. أما التكاليف في هولندا، فتتراوح بين 40 ألف و50 ألف درهم، وفي بلجيكا يصل المبلغ إلى حوالي 50 ألف درهم. أما بالنسبة للأشخاص الذين ينخرطون في فروع بعض الأبناك المغربية في الخارج، ويضعون مبالغ بها على مدى سنوات، تتكلف تلك المؤسسات البنكية، في حالة موتهم، بنقلهم إلى بلدانهم الأصلية. وتتكفل بترحيل وعودة أعضاء أسرة المشترك الآخرين، وتساهم في مصاريف الجنازة. وتنقل الأبناك أو وكالات التأمين الجثث إلى المكان المختار الذي يحدده أقارب المتوفى. وتتكلّف هذه المؤسسات بتنظيم عملية ترحيل الجثث من مكان الوفاة في العالم بأسره حتى مكان الدفن في المغرب، وتقوم بمتابعة الإجراءات الإدارية للوفاة، ونقل الجثة إلى المطار، ومن هناك إلى مسقط رأس المتوفى، وتتابع طقوس الدفن.
وطالب بعض المهاجرين في حديثهم لموقع "أنفاس بريس" بضرورة قيام الدولة بحملة تحسيسية وسط مغاربة الخارج من أجل التأمين على نقل جثامينهم وجثامين عائلاتهم. في حين شدد آخرون على استعجالية مطلب إنشاء صندوق خاص يتولى عملية نقل جثامين المغاربة في مختلف مناطق العالم، ويمول هذا الصندوق من الأموال التي يبعثها المهاجرون، حيث يتم تخصيص نسبة من هذه الأموال لدعم الصندوق.