الجمعة 19 إبريل 2024
اقتصاد

لطفي: أمن المغرب الغذائي لازال بعيد المنال في ظل السياسة المتبعة في المجال الفلاحي

لطفي: أمن المغرب الغذائي لازال بعيد المنال في ظل السياسة المتبعة في المجال الفلاحي محمد الصديقي، وزير الفلاحة (يمينا) وعلي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل
صرح محمد الصديقي، وزير الفلاحة، بأن المغرب حقق الأمن الغدائي. وهو ما جر عليه سيلا من الانتقادات.
ومن أبرز ما طرح، هو التساؤل: هل العبرة بتوفر المواد في السوق  بأثمنة مرتفعة؟ أم في استيراد الحبوب والزيوت من الخارج بوفرة وبالعملة الصعبة!؟  فأين يوجد هذا الأمن الغذائي الذي بشر به وزير الفلاحة ؟ 

"أنفاس بريس" اتصلت  بعلي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل الذي وافانا بالورقة التالية: 
 
أعتقد أن وزير الفلاحة بدل أن يتحدث عن  تغطية الحاجيات الأساسية من المواد الغدائية والتوفر على مخزون من الخضر والفواكه والحليب والزيوت والسكر  والدقيق  .... ما يكفي لمدة معينة ومحدودة في شهرين أو ثلاثة أشهر ويلبي حاجيات تموين السوق ،،  أما أن يقول بتحقيق الأمن الغذائي، فهذا غير صحيح ويحتاج الى تصويب، لأن الأمن الغذائي له مفهومه وأبعاده الإجتماعية والإقتصادية والصحية والعدالة الاجتماعية، كونه  وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس في جميع الأوقات بإمكانية الحصول المادي والإقتصادي على أغذية كافية ومغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية من أجل حياة نشيطة وصحية وفقا للمؤتمر العالمي للأغذية. 

كل المؤشرات تؤكد على ان المغرب لازال بعيدا عن تحقيق أمنه الغذائي، ليس فقط بسبب عدم تحقيقه الاكتفاء الذاتي في المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك لأن اغلب المواد  الغذائية الاساسية يتم استيرادها من الخارج، بل أساسا في الفوارق الطبقية والاجتماعية في الحصول على الغذاء الكافي والصحي، والتي  تتسع من سنة الى أخرى، خاصة ان معدل الفقر ارتفع 7 مرات مع  تداعيات جائحة كورونا وتفاقم مع  موجة الغلاء وارتفاع اسعار المواد الغدائية والسلع والخدمات وافلاس مقاولات وارتفاع معدل البطالة!!
      
اليوم الأغلبية العظمى من المواطنين بالمغرب تراجعت قدراتهم الشرائية. بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية من خضر وفواكه وحليب ومشتقاته والزيوت  واللحوم والأسماك  ... التي عرفت زيادات متتالية.  فالمواطن أصبح يصطدم يوميا بزيادة جديدة في كل المواد والسلع وبغلاء الأسعار أو ندرة بعض المواد في الاسواق، وبالتالي لم تعد لهم القدرة على ولوج الأسواق الى درجة أن بعض الأسر تكتفي بشراء كميات صغيرة جدا من الخضر تبحث عنها في الأسواق العشوائية المتواجدة في هوامش المدن، رغم غياب شروط السلامة الصحية بشكل يهدد صحة المستهلك. ويزداد الوضع تأزما في المغرب بسبب الجفاف وآثار الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت بدورها على ارتفاع معدل التضخم  وارتفاع أسعار المحروقات وهما العاملان الأكثر تأثيرا  على رفع أسعار المواد الواسعة الاستهلاك ،هذا أمام تجميد أجور الموظفين والعمال.  

نؤكد لوزير الفلاحة أن مسالة الأمن الغذائي لازالت بعيدة المنال في ظل السياسة المتبعة في المجال الفلاحي والزراعي والمخططات التي أبانت عن محدوديتها وقصورها في ضمان الأمن الغذائي للمغاربة، بل خصصت للتصدير استفاد منها فقط كبار الفلاحين والمضاربين، والاختلالات التي تعاني منها سلسلة إنتاج  المواد الغدائية وضعف التخزين والجودة والنقل، فضلا عن التدمير التدريجي للبيئة  واستنزاف الثروات  الباطنية والبحرية والفرشة المائية التي أضحت أكبر تحدي لبلدنا بسبب توالي سنوات الجفاف والتغيرات المناخية. ناهيك عن المؤشرات المتعلقة بسوء التغذية نتيجة الفقر والهشاشة. 

وأكد تقرير أممي عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم سنة 2022 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية، إن نسبة انتشار سوء التغذية من إجمالي عدد السكان في المغرب تناهز 5,6 في المائة في الفترة 2019-2021، ما يعادل 2,1 مليون شخص.
 
لذلك ندعو وزير الفلاحة أن يراجع مذكراته  السياسية والفلاحية، فالأمن الغذائي ليس بتوفير المواد الغذائية في الأسواق، وحين تضع  يدك عليها تحترق  بلهيب نار أسعارها.  فالمتضررون من غياب الأمن الغدائي هم  فقراء الأمة وطبقتها المتوسطة بجانب  الفلاحين الصغار والمتوسطين وماشيتهم  الدين تضرروا كثيرا من اثار الجفاف في غياب اي دعم حقيقي للتخفيف عن مأساتهم.
 
و نتمنى أن تعيد الحكومة النظر في سياستها الفلاحية والزراعية ، وعليها أن تستفيد من دروس المتغيرات المناخية والدولية خاصة ما كشفت عنه جائحة كورونا والحرب الاوكرانية ، لتحقيق الاكتفاء الذاتي في كل المواد الاساسية والضرورية للحياة و للعيش الكريم  لكافة للمواطنين  المغاربة من خلال تبني اصلاح زراعي شامل مندمج ومنتج وسياسة مائية باستعمال التكنلوجية الحديثة  والصناعة الزراعية  والغذائية ، وتحقيق السيادة الوطنية في صناعة الآلات الفلاحية وتشجيع البحوث العلمية في المجال  الزراعي وتربية الماشية وحماية البيئة ، وتوزيع الاراضي الفلاحية على الشباب العاطل وتأطيرهم في مشاريع فلاحية وزراعية ورفع أجور العمال والعاملات الزراعيين وحمايتهم ضد الاستغلال. ومراقبة الاسعار والجودة  للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وضمان سلامتهم الصحية مع الاخد بعين  الاعتبار التوجيهات الملكية في " التوفر على  المخزون الإستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية بما يعزز الأمن الإستراتيجي للبلاد  وتحقيق  هدف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء على جميع أشكال الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية مع حلول عام 2030: وهوالموعد الذي يفترض أن تتحقق فيه أهداف التنمية المستدامة.