الجمعة 29 مارس 2024
خارج الحدود

المحاولة الانقلابية الفاشلة بألمانيا.. أوربا تتهيأ للأسوأ ولتدمير مجتمعاتها

المحاولة الانقلابية الفاشلة بألمانيا.. أوربا تتهيأ للأسوأ ولتدمير مجتمعاتها مشهد من الإنزال الأمني بألمانيا المكثف عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة
أعلنت السلطات الألمانية عن اعتقال 25 شخصا من اليمين العنصري المتطرف بتهمة التخطيط لانقلاب يتم من خلاله الإطاحة بالحكومة، والنظام الديمقراطي، واقتحام البرلمان، ومؤسسات الدولة، والاستيلاء على الحكم
 ويرى عدد من المراقبين أن هذا التطور ينبغي الوقوف عنده بجدية لأنه يعكس أحد العناوين الرئيسية للمستقبل النازي لألمانيا ودول أوروبية عديدة كانعكاس أولي لتطورات الحرب الأوكرانية، بل إنه بل شك سيستخدم لشن هجوم جديد على الفطرة السليمة، وقمع المعارضة. وفي نهاية المطاف، ستزداد زعزعة استقرار المجتمعات الغربية، وسيزداد لجوء المجتمعات إلى الأساليب العسكرية في الإدارة، والتي بدورها ستضيق الخناق من قبل السلطات في محاولة منها لمقاومة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وسيتحول النظام الاجتماعي إلى دكتاتورية فاشية تقمع أي معارضة.
ولا زالت المعلومات الكاملة عن ماهية أعضاء هذه الخلية غير متوفرة، لكن المؤشرات الأولية تشير إلى أنه على مدار عام كامل تم تجنيد عدد من الشخصيات العسكرية وكذلك شخصية قضائية وعضو سابق في البرلمان فضلاً عن شخصيات يشتبه في ارتباطهم بالأعمال الاجرامية، إضافة إلى معلومات عن محاولات للتواصل مع روسيا.
وعلى هذا الأساس يمكن التأكيد على تطور حقيقي وخطير في التهديدات الأمنية لحركات وتيارات اليمين المتطرف في ألمانيا ليس فقط في مواجهة اللاجئين والمسلمين واليهود، ولكن بالأساس في مواجهة الديمقراطية والقانون. وقد أكدت وزيرة الداخلية الألمانية أن السلطات سترد بقوة القانون على من أسمتهم "أعداء الديمقراطية".
 هذه المحاولة لم تكن المخطط الأول الذي تم اكتشافه، ففي أبريل 2022 كشفت السلطات الأمنية أيضاً عن خطط لنفس الجماعة لاختطاف وزير الصحة الألماني في إطار معتقداتهم عن ارتباط وباء كوفيد-19 ولقاحاته بنظرية المؤامرة.
وقد مثلت جائحة كوفيد-19 فترة ذهبية لنمو وتكاثر تيارات وجماعات أنصار "نظرية المؤامرة" في العالم وخاصة في الديمقراطيات الغربية. فقام الرايخسبورج (مواطنو الرايخ) في ألمانيا بالإعلان عن قناعاتهم بأن الوباء جزء من مؤامرة ذلك الكيان العالمي غير المعروف ضد ألمانيا والجنس الألماني! كما أعلنوا رفضهم الكامل لتلقي اللقاحات باعتبارها جزءاً من المؤامرة. كما كانوا جزءاً من الاحتجاجات التي حاولت اقتحام البوندستاج (البرلمان الألماني) في 2020، ومن ثم كانت فترة الإغلاق والتي شكلت فرصة لهذه الجماعات لترويج كم هائل من المعلومات المضللة والأكاذيب التي تصل إلى حد "الأساطير"، وعلى هذا الأساس تواجه ألمانيا بل الديمقراطيات الغربية تهديداً من نوع جديد، ألا وهو تنامي الأفكار المتطرفة التي تتكاثر على المعلومات المضللة تحت مظلة حرية التعبير وأيضاً في ظل أزمات اقتصادية وسياسية حقيقية باتت تهدد فكرة الديمقراطية ودولة القانون من الأساس. 
ألمانيا كانت الحاضنة الأبرز للنازية، وربّما يُعيد التاريخ نفسه ونرى عودة هذه الأيديولوجية بقوّة في الأشهر والسنوات المقبلة لأن كل العوامل والأسباب التي أدّت إلى ظهور النازية الأولى، أي الأزمات الاقتصادية، والمعاناة المعيشية، تعود بقوة هذه الأيام بسبب الحرب الأوكرانية والأزمات التي تفرضها وأبرزها أزمة الطاقة، والتضخم وغلاء المعيشة
إن ما يجري في ألمانيا بحسب بعض المراقبين، هو قمّة جبل الجليد للنازية الجديدة، وبأسماء مختلفة، محذرين من تداعيات ذلك وآثاره المدمرة على أوروبا، فاليمين المتطرف بات الآن القوة التي تتقدم على سواها من الحركات السياسية، والديمقراطية الألمانية تتآكل في ظل تربّع أحزاب وقيادات سياسية ضعيفة بعيدة عن مصالح الشعب وطموحاته، ومطالبه المشروعة في المساواة والخدمات العامة الأساسية والعيش الكريم، وإنفاق المليارات في حرب أوكرانيا الخاسرة التي قد تطول لسنوات، وخطورة هذه الجماعات اليمينية المتطرف لا تهدد ألمانيا فحسب، وإنما القارة الأوروبية بأكملها، علما أن أكثر من ثلاثين مليون مسلم وعربي يعيشون على أرضها ويحملون جنسيتها، وهذه الخطورة قد تتفاقم في ظل النزيف المادّي الذي تعيشه القارة الأوروبية بسبب الكلفة الباهظة لتمويل الحرب الأوكرانية وإفرازاتها الكارثية على الشعوب الأوروبية.