الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: وطني.. مغربي من الواجب أن نحبك جميعا  

إدريس الأندلسي: وطني.. مغربي من الواجب أن نحبك جميعا   إدريس الأندلسي
تخاصم الفلاسفة واختلفوا حول أسرار محبة الأوطان. كانت هناك صراعات بإسم وطن وعاشت البشرية بشاعة الحرب العالمية الأولى والثانية وما قبلها وحدث ما حدث.  وجاءت بعدها صراعات إيديولوجية  ولكن قدسية حب الانتماء إلى أرض  وتاريخ  و تقاليد لا  يمكن إلا  أن  يقدس حب الأوطان. هكذا تحتفل الشعوب على مسرح التاريخ  وتهدي للمستقبل عرى توثيق حب الانتماء.  أتذكر ذلك المساء من صيف 1986 حين أبدع عزيز بو دربالة  وميري كري كريمو والتيمومي  والهداف خيري  والزاكي  والعميد بويحياوي  والمايسترو المرحوم ضلمي وخليفه  و لمريس  وكل الأسود. في تلك السنة لم تكن العاصمة الرباط تعرف التمدد الذي تعرفه الآن.حي الرياض كان في بدايته  قبل أن يصبح مركزا للعاصمة. 
خرجت صحبة حفيدي المفتون بكرة القدم  والعارف بالمجموعات التي تتنافس للوصول إلى دوري الثمانية بكل شغف  ومحبة في الاشتراك في الإحتفال من أجل أن يتملك ذكرى حدث جميل.  كانت أسئلته لي مليئة بأسباب هذا الاحتفال العظيم  الذي غير الجغرافيا وجعله يؤكد لي أن  السياح اكتسحوا المدينة. قلت له بكثير من التبسيط أن أمه رافقتني إلى الاحتفال في سنة 1986 وهي لا زالت في رحم أمها،  ولكنه لم يحفل بالموضوع. 
المهم هو أنه كان منتشيا بلباسه الأحمر القاني وتلك النجمة الخضراء التي تتوسطه. كان يصرخ بأعلى طبقات صوته  "ديما مغرب" وهو يشاهد كل مظاهر الإحتفال العفوي في محيطه. كان يتمنى أن يكون غده عطلة، لكنه يعلم أنه سيستيقظ باكرا قبل شروق الشمس لحضور دروسه في المدرسة.  لكنه نام والفرحة تسكنه وهو يمني نفسه بالانتصار المقبل. 
ما سر وسحر هذه المستديرة التي جعلت من أبناء المغرب الجمهور الأكثر تميزا في قطر  وقبلها في موسكو. نعم نعشق كرة القدم ولكن العشق الأول والأكبر هو ذلك الذي يحمله المغربي من الشمال والجنوب  والشرق  والغرب وحتى ذلك المحتجز في تندوف  والمغترب في القارات الخمس. السر كبير  والسحر أكبر  والحب عميق  والتذكر حقيق  وكلمة الأسرار تعلق بمجد تليد و عتيق. 
إنه سر الأسرار ذلك الذي يربط إنسانا بحدث جميل ويرفعه مكانا عليا. خيري نفذ بمنتهى البراعة خطة رسمها زملاءه  وجعل الكل يهتف في وسط الرباط " فاريا  ووليداتو... حتى فرقة ماغلباتو ". في هذا اليوم البهيج  رفع إخوان الركراكي الراية المغربية بكثير من الافتخار  والعفوية.  لاحظنا جميعا كيف اقترن التوفيق بأبن البلد الذي يدرب الفريق بقلبه  وبمهنيته  لا  بمقتضى عقد يحدد شروط تكليفه بمهمة. أبناء المغرب يعرفون كيفية إتقان صناعة السدود في ميدان كرة القدم  وكفى.  ياليت كل مدافع عن حقوق المغاربة يستجلب السبل من ميادين كرة القدم.  العطاء لديهم ليس رهين انتخاب أو انتماء لحزب  أو سعي وراء مصلحة دنيوبة،  أنه تعبير  بالجهد  والعرق عن انتماء لوطن إسمه المغرب " منبت الأحرار ". وأبناء هذا الوطن متشبتون بالحرية التي ترفع من شأنه. وشكرا لكل من يسعى لرفعة "منتدى السؤدد" ويشهدون الله أننا نحيا في هذا البلد "بشعار الله، الوطن، الملك".