الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

وحيد مبارك:الرؤية الشمولية للوطن في الخطابات الملكية

وحيد مبارك:الرؤية الشمولية للوطن في الخطابات الملكية وحيد مبارك
افتتح صاحب الجلالة الملك محمد السادس يوم الجمعة الدورة الأولى للبرلمان، وفقا لمضمون الفصل 65 من دستور المملكة، بخطاب جاء ببعد شمولي، ليؤكد الرؤية الملكية المتبصرة للشكل الذي ينبغي أن تكون عليه السياسات العمومية في بلادنا، التي يجب أن تتسم ببعد النظر وأن تخرج من كل قالب ضيق، وأن تسمو على ما هو قطاعي ولا تظل حبيسة له، بما يضمن التقائيتها ونجاعتها في تحقيق الأهداف المتوخاة منها.
خطاب، وقف عند موضوعين أساسيين، هما الماء والاستثمار، وبعيدا عن الخوض في تفاصيل كل موضوع منهما، فإن هذا الخطاب جاء برسائل أساسية، أولاها تأكيد القدرة الذاتية على تشخيص الحاجيات وتحديد طبيعة التحديات، الداخلية منها والخارجية، مع الدعوة لتعبئة الإمكانيات المتوفرة، دستوريا وسياسيا، بشريا ولوجستيكيا، لتقديم إجابات عملية بشأنها، خاصة بعد الأشواط التي قطعتها بلادنا والتي على رأسها الوصول إلى نموذج تنموي جديد، يقوم على الحكامة الفعلية في كل المجالات.
ثاني الرسائل، التي شكّلت جوهر الخطاب الملكي، الذي يتقاطع مع صلب خطابات ملكية متعددة، والذي يتعيّن على الحكومة وممثلي الأمة استيعابه بكل مسؤولية والعمل معا على تنفيذه وتنزيله تنزيلا سليما على أرض الواقع بما يحقق أثره على البلاد والعباد، يتمثل في ضرورة الارتقاء بالممارسة السياسية لكي تجعل من الوطن والمواطن أولوية جماعية، بعيدا عن أية تجاذبات سياسية، تؤدي إلى مزيد من الهدر واتساع رقعة الفقر، مع التذكير بطبيعة الحال بمهمة البرلمان وفقا للفصل 70 من دستور 2011.
ثم الرسالة الثالثة، التي لا تقلّ أهمية، وهي ضرورة أن يكون للسياسات العمومية معنى وهدفا، وألا تحيد عن الخيط الرابط والناظم بينها، والمتمثل في توفير الحماية الاجتماعية وتحقيق التنمية بمخلف أبعادها للمواطن بشكل عادل متكافئ وعلى قدم المساواة، بعيدا عن أي تمييز مجالي كان أو غيره، وهو ما جسّده الورش الملكي للحماية الاجتماعية الرائد الذي أعلن عنه ملك البلاد في وقت سابق، بمحاوره المختلفة الممتدة في الزمن، التي على البرلمان والحكومة وكل الفاعلين المساهمة الجماعية لكي يلامس الكل آثارها، لا سيما في ظل استمرار حضور جملة من التحديات الآنية التي ترخي بظلالها على المعيش اليومي لشرائح واسعة من المواطنين، والمستقبلية التي من الممكن أن يكون لها وقعها لاحقا.
وأخيرا الرسالة الرابعة، بالنظر لأن الخطاب لم يقف فقط عند حدود موقع المواطن في قلب السياسات العمومية المختلفة الذي هو محورها الرئيسي، وإنما امتد وعلى غرار خطابات سابقة إلى دوره كذلك في المساهمة في التنمية إلى جانب مختلف المؤسسات، والانخراط في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق كل تغيير إيجابي منشود، من خلال سلوكات فردية ذات بعد مواطناتي صرف.
رسائل ملكية في كل الخطابات، يلتقي فيها التخليق والالتزام والمسؤولية والعدالة من خلال محاربة الفساد وتشجيع الطاقات والكفاءات، لتكون بذلك وصفة جامعة، توحّد جهود العام والخاص، وتدعو لانكباب جماعي من أجل العمل بدينامية مواطنة وبرؤية شمولية تتوحد فيها كل الجهود بما يحقق النجاعة ويضمن الفعالية.