الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد أمغار: مسودة مشروع مهنة المحاماة ومبادئ الأمم المتحدة بشأن المحاماة.. أية علاقة؟

محمد أمغار: مسودة مشروع مهنة المحاماة ومبادئ الأمم المتحدة بشأن المحاماة.. أية علاقة؟ د/محمد أمغار
من بين النقط التي طرحت مع مسودة مشروع مهنة المحاماة بالمغرب، اشكالية حماية حقوق المحامين وضمان عدم التمييز فيما بينهم بخصوص تنزيل القواعد التي نص عليها المشرع الدولي والتي ينبغي توفرها في كل قانون وطني يهدف إلى ضمان محاماة حقيقية في الدولة الحديثة، لذلك ذهبت الفقرة 24 من مبادئ الامم المتحدة الاساسية بشأن دور المحامين إلى أن للمحامين الحق في أن يشكلوا وينضموا إلى رابطات مهنية، ذاتية الادارة تمثل مصالحهم وتشجع مواصلة تعليمهم وتدريبهم وحماية نزاهتهم المهنية ، وتنتخب الهيئات التنفيذية لهذه الرابطات من جانب اعضائها، وتمارس مهامها دون تدخل خارجي. ،
وبالرجوع الى مقتضيات المسودة موضوع النقاش نجد انها تتضمن مقتضيات بعيدة كل البعد عن المبادئ الدولية التي يشترطها المشرع الدولي في المحاماة داخل الدولة الحديثة، هذه المقتضيات التي لم تكون موضوع اي نقاش ولم تطرح من أي شخص معني بالعدالة خلال فترة 10 سنوات التي كانت فيها هذه المسودة موضوع نقاش، وذلك منذ النقاشات الأولى التي أعطت ميثاق اصلاح منظومة العدالة سنة 2013، وحتى المناقشات التي تمت بين المحامين جميعا خلال هذه الفترة الزمنية التي تقارب سنوات عشر.
ومن بين المقتضيات الصادمة في المسودة نجد حرمان عينة من المحامين من انتخاب المؤسسات المهنية، بحيث حرمت المسودة المحامين الذين تقل أقدميتهم في جدول الهيئة عن خمس سنوات من الحق في التصويت وحقهم في اختيار من يمثلهم داخل مؤسسات المهنة المنتخبة، وهو حق دستوري وحق محمي بالأوقاف الدولية ذات الصلة. وهذا يشكل خرقا لمبدأ أممي الذي نص على أن الرابطات المهنية للمحاماة تنتخب من قبل اعضائها بدون تمييز بحسب السن المهني أو الجنس أو غيره.
ومن جهة اخرى فإن المبادئ الاممية نصت على ان تنظيم المحاماة يتم في استقلالية تامة وبدون تدخل خارجي وهذا في حد ذاته يقتضي احترام رأي المحامين في تشكيل مؤسساتهم المهنية والذي تم التعبير عنه من طرف الجميع بحيث رفض 99:99 % من المحامين الطائفية المهنية في تشكيل المؤسسات المهنية وتبعا لذلك فلا يمكن قبول الاقتصار على استشارة اعضاء من رابطات المحامين يحددها الانتماء السياسي او العلاقات الشخصية او المرور من المناصب أو الانتماء لهيئة دون اخرى او اي شكل من الاشكال يتجاوز المؤسسات المنتخبة والممثلة للمحامين والمحاميات، وذلك يهدف وضع قواعد تضمن حضور عينة بعينها من المحامين دون غيرها في المؤسسات المهنية المنتخبة ،هذه المؤسسات ولو كانت وطنية ينبغي ان تشكل وفق قواعد اجرائية ديمقراطية مقبولة من طرف المحامين والمحاميات وتأخذ بعين الاعتبار اشراك كل الطاقات المهنية التي تزخر بها المحاماة ،هذه الطاقات التي بإمكانها تقديم الاضافة المطلوبة والتي تقطع مع المحافظة والركود، وذلك بالعمل على الحفاظ على مبادئ المهنة واعرافها وتقاليدها، والتعامل كذلك مع المستجدات التي عرفتها مهنة المحاماة على الصعيد العالمي، هذا كله من اجل ضمان محاماة مغربية مسايرة لنظيرتها في العالم، وفي نفس الوقت ضمان توفير محام كفأ محايد يضمن المساواة بين جميع من يطلب المحاكمة العادلة، والولوج المستنير لهذه الاخيرة، لان العدالة في حاجة الى محامين متساوين في ضمان حقوق الانسان وضمان المساواة امام العدالة لا متقاضي يدخل المحكمة رفقة جنرال ومتقاض يدخل المحكمة رفقة ضابط صف.
 
د/محمد أمغار محامي بهيأة البيضاء