الخميس 25 إبريل 2024
اقتصاد

موسى المالكي:الوضعية المائية للمغرب تستدعي مراجعة السياسة المائية والخريطة الفلاحية

موسى المالكي:الوضعية المائية للمغرب تستدعي مراجعة السياسة المائية والخريطة الفلاحية موسى المالكي ومشهد للجفاف
يعيش المغرب حاليا واحدة من أشد السنوات جفافا وحرارة التي لم يشهد لها مثيلا منذ 40 سنة. وتظهر أحدث المعطيات الرسمية، الانخفاض المستمر لحقينة السدود إلى ربع طاقتها الاستيعابية (26.58 %) فقط في سابقة من نوعها.
وتنضاف سنة 2022 لتكرس منحى الجفاف الذي ميز مناخ المغرب خلال العقد الأخير، فقد صنفت معطيات وزارة التجهيز والماء، سنة 2021 بدورها ضمن 4 سنوات الأكثر حرارة منذ سنة 1981 بعد سابقاتها 2020، 2017 و2010. وتعاقبت السنوات الجافة بين سنتي 2018 و2022 مسجلة على التوالي نسبة عجز في الواردات المائية قدر ب 54 %، 71 %، 59 % و85 % مقارنة بالمعدل السنوي.
وتفاعلت الحكومة المغربية مع الوضعية المائية الحرجة، عبر اتخاذ مجموعة من الإجراءات الهادفة لضمان استمرارية تزويد المدن والقرى بالماء الشروب، والحث على اقتصاد الماء، ومنع استعماله ضمن الأنشطة التكميلية (سقي العشب والساحات الخضراء، غسل السيارات، أحواض السباحة، ملاعب الغولف وغيرها).
وتسرع القطاعات الوصية من وتيرة إحداث وتوسيع محطات تحلية مياه البحار، وتحلية مياه المنابع المالحة، وإحداث نقط الماء، وإعادة استعمال المياه العادمة تماشيا مع حالة الطوارئ المائية التي تعيشها البلاد. كما تم الإعلان عن إطلاق دراسات جيو تقنية تهم الربط بين الأحواض المائية (سبو وأبي رقراق وأم الربيع وتانسيفت)، بهدف تحويل ونقل المياه نحو المناطق الأكثر خصاصا وعجزا.
في المقابل، فإن الظرفية البيئية الصعبة التي تطبعها التغيرات المناخية، تستدعي مراجعة السياسة المائية والفلاحية باعتبارها القطاع الأكثر استهلاكا للمياه. فالسدود الكبرى، التي أثبتت نجاعتها لعدة عقود مضت تبلغ اليوم حدودها القصوى. وتواجه هذه البنيات تحديات كبرى، في مقدمتها ضعف نسب الملء وشدة التبخر وارتفاع مستويات التوحل والتلوث.
ولذلك، فإن طرق تخزين المياه تحتاج لإعادة التفكير والتجديد والإبتكار، بما يحميها من التبخر والتلوث، وتطوير بنيات للتخزين التحت-أرضي، ودفن وصيانة قنوات نقل وتوزيع مياه السقي، وتغذية الفرشات المائية الباطنية، وتثمين الموارد المائية التي تصب في البحر، خاصة الواجهة الشمالية المتوسطية التي لا يستفاد من مياهها، وأيضا إحياء نظام الخطارات بالواحات المغربية.
وتحتاج الخريطة الفلاحية للمغرب، لمراجعة شاملة وعاجلة تضع حدا لتوسع مساحات الزراعات والأغراس الأكثر استهلاكا للماء (الفراولة، الحوامض، الأوكاليبتوس، الطماطم، الأفوكادو، الموز، البطيخ الأحمر)، خاصة منها تلك الموجهة نحو التصدير وتلبية احتياجات الأسواق الدولية، رغم تدهور مستويات الفرشات المائية الباطنية، كما يقع في سوس، سايس، الحوز، تادلة، البحيرة وغيرها.
عوض ذلك، فإن إعادة الاعتبار لزراعة الحبوب (القمح، الشعير، الذرة، ...)، والقطاني، وتوسيع إنتاج الأعلاف، وحماية البذور والسلاسل الإنتاجية المغربية الأصلية المقاومة للجفاف ولفقر التربة، سيسهم في تعزيز الأمن المائي والغذائي للبلاد، الذي أكده عليه الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة، وسينعكس إيجابيا حماية لمواردنا الطبيعية وحرصا على استدامتها.
 
 ذ. موسى المالكي – أستاذ باحث في الجغرافيا السياسية والقضايا الجيواستراتيجية