الخميس 28 مارس 2024
اقتصاد

العطلة الصيفية.. هكذا يتم سلخ السائح المغربي بمباركة الحكومة والبرلمان

العطلة الصيفية.. هكذا يتم سلخ السائح المغربي بمباركة الحكومة والبرلمان
تعيش العديد من الأسر الراغبة في قضاء عطلة الصيف؛ على وقع الغلاء الذي اجتاح بظلاله مختلف العروض السياحية في شتى مدن المملكة، والحال أن من المغاربة من تعرضوا  لاستنزاف مادي كبير في ظرف وجيز من طرف مقدمي الخدمات السياحية؛ خاصة فيما يتعلق بأسعار المبيت في الفنادق  أو كراء الشقق وغيرها من الخدمات، التي وصلت أسعارها الى مستويات خيالية، في غياب المراقبة الضرورية من طرف الجهات المعنية، وكأن الكل متآمر على سلخ المواطن المغربي في فترة ما يصلح عليه ب la haute saison.
 
 
يبدو أن غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار أصبحتا قدرا مقدرا على المغاربة وخاصة على تلك الفئات المحدودة الدخل والفقيرة، فلم يعد ما يكسبونه من عرق جبينهم، يكفيهم لشراء الحاجيات الأساسية، وبالأحرى أن يسمح لهم بقضاء العطلة الصيفية كَسُيّاح.
 
هكذا كانت ارتسامات الفاعل الإعلامي محمد السعيد مازغ، مشيرا  في لقاء مع " أنفاس بريس" أن في بعض المدن المغربية فاق ثمن كراء الشقة اليومي الحد الأدنى للأجور، في طنجة والفنيدق وسيدي رحال الشاطئ واكادير ... مثلا، تجاوز كراء شقة مفروشة لليلة واحدة  1500 درهم. كما أن الحافلات وسيارات الأجرة بين المدن، رفعت هي الأخرى من التسعيرة، دون رقيب ولا حسيب،  حيث تكالب الجميع على ذلك المواطن البسيط، دون الاحتكام إلى الضمير الوطني، قائلا: " لا غرابة أن لهيب الأسعار مس كل مناحي الحياة، فبعض المنتوجات يبرر أرتفاع أسعارها بارتفاع أسعار البنزين والغازوال، فما بال المنتوجات الداخلية الطبيعية التي يجود بها البحر، وباطن الأرض." 
 
ومع صعوبة مقاومة لهيب الأسعار الذي جمع الحب والتبن، يضيف مازغ: " لم ينج من براثينه الا اللوبي المتحكم في الأسعار، المستفيد من ريعها، الذي يراكم الثروات على حساب عرق أبناء الشعب المقهورين، وهم في تماديهم هذا، يزيدون من  تأزيم الوضع، بل يعملون على إشعال الفتنة، والدفع في اتجاه ضرب السلم والاستقرار، فهل تعلمون نسبة الطلاق وعدد ضحايا الأمراض النفسية والانتحارات؟." 

اما الفاعل المدني محمد ابطيو فقد علق على ظاهرة استغلال المواطنين خاصة في موسم العطلة الصيفية، ان المغرب لم يشهد من قبل مثل هذا الغلاء والجشع، الذي  وصل الى مستويات قياسية.
وما شهده المغرب من ارتفاعات حادة في أسعار المواد الغذائية سيتعداها إلى الإكتواء بلهيب أسعار المحروقات. هذا الوضع عمق من الأزمة أكثر وباتت فرص المواطنين المغاربة  في السفر والتجوال وقضاء أوقات صيفية ممتعة أمرا صعبا.

أن لم  نقل مستحيلا.  ويضيف ابطيو أن هذه الأوضاع أنتجت لنا طبقة جديدة مستفيدة في تقهقر القدرة الشرائية للمواطنين في القرى كما الحواضر ، حيث جمعت أرباحا خيالية، بطرق استعملت فيها كل الصيغ المختلفة على حساب المواطن المغربي المقهور.
 
أما المستثمر السياحي بمدينة الجديدة امنتاكي عبد السلام ، صاحب مطعم قرب الشاطئ ، فقد علق ل" أنفاس بريس"  على الغلاء الذي تشهده المدن الشاطئية خلال العطلة الصيفية الحالية، بالقول أنه وضع عادي، قائلا: " ان على المواطنين الراغبين في قضاء عطلتهم الصيفية، ان يستوعبوا أن الغلاء طال مختلف المواد والأثمان والمبيت، في المغرب كما في العديد من دول العالم، ولي ماعندوش ابقا فدارو..".
 
لم تكن الفنادق على أصنافها، وأصحاب المنازل المخصصة للكراء؛ في وجهات مختلفة كالصويرة ؛ فقط من رفعوا من أثمنة المبيث، مع بداية الأسبوع الثاني من شهر غشت، الى أرقام قياسية؛ بل أن أسعار الخدمات المقدمة في المطاعم والمقاهي؛ هي الأخرى عرفت زيادات مبالغ فيها... هذا ما لاحظته " انفاس بريس" خلال زيارتها الأخيرة لهذه المدينة. حيث سيفضل العديد من المواطنين التقليص من مدة عطلتهم الصيفية، فيما سيغير آخرون وجهتهم نحو مناطق بعيدة عن المدينة، بحثا عن اثمنة أقل." 
 
وعلى هذا علق احد المواطنين ل "أنفاس بريس" أن أسعار كراء الشقق أصبح مبالغاً فيه، ولا مجال لمقارنتها مثلا بكراء شقة مفروشة في مدن جنوب إسبانيا، كما أن الخدمات في المستوى المطلوب ، عكس ما هو حاصل في المغرب،  ولا مجال لربط ذلك بارتفاع الأسعار الذي يعرفه العالم. فغياب أي مراقبة من طرف السلطات لضبط الأسعار ومنع الاحتكار في السوق ، ومع نعدام النظافة وتفشي ظاهرة سماسرة الشقق المفروشة واستغلال الشواطئ ومواقف السيارات  من طرف اللولبيات بمشاركة من مجالس الجماعات، كلها أشياء ساهمت في تأزيم هذا الوضع على المواطن المغربي الذي لم تكن القدرة في البحث عن البديل. 
 
البديل هنا يمكن أن يكون الجارة الشمالية مثلا، لدى فئة معينة من المواطنين المغاربة، حيث سيعلق الإطار التربوي ادريس المغلشي قائلا:" يبدو أن الجارة الإسبانية أصبحت الوجهة المفضلة لدى غالبية السياح المغاربة، الذين تتوفر لهم الإمكانيات المادية، حيث صرح مجموعة ممن زاروها انه  لامجال للمقارنة. جودة في الخدمات واثمنة معقولة واستقبال في المستوى. في مقابل غش وزيادات غير مفهومة بوحداتنا الفندقية واستغلال بشع من طرف الكل. 

أما عن عدوى الغلاء  المنتشرة في ربوع الوطن، فيعلق المغلشي بالقول: " الوضع يشير  وكأننا اصبحنا متآمرين على بعضنا البعض،  خاصة على ذلك المواطن البسيط، لسحقه والقضاء على ماتبقى من قوته اليومي."