الأربعاء 24 إبريل 2024
كتاب الرأي

بنسعيد الركيبي: الرسائل الأربعة التي وجهها الملك للجزائر 

بنسعيد الركيبي: الرسائل الأربعة التي وجهها الملك للجزائر  بنسعيد الركيبي
تجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعلن فيها جلالة الملك عن مد يده إلى النظام الجزائري من أجل البحث عن أرضية مشتركة لايجاد حلول لكل الاشكاليات المطروحة في العلاقات بين المغرب والجزائر ، ولعل أول يد امتدت هي الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة الملك إلى الجزائر سنة 2005 للمشاركة في أشغال القمة العربية ، وتلتها دعوات كانت المؤسسة الملكية تبعث بها في مناسبات لها رمزيتها كعيد العرش وثورة الملك والشعب.
ومرة أخرى يأبى الجالس على العرش إلا أن يجدد الدعوة للنظام الجزائري من أجل فتح آفاق للعلاقات بين البلدين بعيدا عن حسابات ضيقة ومتجاوزة تعرقل بها الدولة الجزائرية كل محاولات حلحلة ملف قضية وحدتنا الترابية.
وقد يعتقد البعض أن اليد الممدودة تضعف المغرب وتهز من صورته وتجعله بلدا يستعطف حكام الجزائر ويستجدي ودهم ، لكن الواقع غير هذا مادامت الدبلوماسية المغربية قد كسبت كل المعارك التي أشعل فتيلها النظام الجزائري إقليميا وقاريا ودوليا.
ولعل قراءة بسيطة للمواقف التي عبر عنها جلالة الملك خلال خطاب العرش يجعلنا نستحضر سياقات تجديد هذه الدعوة إلى حل الخلاف القائم بين البلدين الشقيقين: وأولى هذه السياقات تتعلق باحتضان الجزائر للقمة العربية خلال شهر نونبر ، والملك بمده ليده يرسل رسالة إلى الدول العربية مفادها أن فشل القمة لن يكون بسبب المغرب وبذلك يسحب البساط من تحت أرجل الدبلوماسية الجزائرية التي تتهم المغرب بأنه يسعى إلى افشال هذه القمة بتأليب دول الخليج ضدها، واذا كان النظام الجزائري حقا يتطلع لعقد هذه القمة التي يراهن عليها لفك عزلته فما عليه إلا انتهاز هذه الفرصة التي تمنحها له يد للملك.
والرسالة الثانية موجهة إلى النظام الجزائري ومفادها أن حل الخلاف بين البلدين لا يحتاج إلى تدخل أطراف أخرى ، بل يحتاج إلى مبادرة أحد الطرفين بالدعوة إلى الحوار وهو ما تعكسه هذه اليد الممدودة.
والرسالة الثالثة موجهة إلى الشعب الجزائري لتنزع فتيل الكراهية المشحون بها من قبل النظام الحاكم ، وهي رسالة تخالف ما اعتادوا عليه في رسائل التهديد التي ما فتئ كل قادة الجزائر عسكريين ومدنيين يوجهونها إلى المغرب بمناسبة أو بغير مناسبة.
الرسالة الرابعة موجهة إلى الشعب المغربي ومفادها أن الخلاف بين البلدين الشقيقين لا يمكن حله إلا بمد جسور التواصل وتجسير الهوة بين المواقف وجعل السلام أرضية لبناء الثقة عوض لغة المناورات العسكرية والتسابق نحو التسلح.
فعلى الأقل استمع المجتمع الدولي إلى صوت الحكمة يصدر مرة أخرى من المغرب مؤكدا حرصه على علاقة حسن الجوار مع جار يصر على خنقه وشله وكيل كل أشكال الاتهامات إليه.
إنها محاولة أخرى لانقاذ مايمكن انقاذه مما تبقى من خيوط علاقة كان يفترض أن تقويها روابط التاريخ والتحديات المشتركة التي يواجهها البلدان.
وإلى جانب اليد الممدودة لابد أن تتوقف المعارك الطاحنة التي تشهدها مواقع التواصل الاجتماعي بين المغاربة والجزائريين والتي تغذيها بعض الجهات في البلدين وجهات أخرى يهمها أن يستمر الخلاف ، لأنهم يجنون من ورائه مداخيل شهرية قارة من منصة اليوتيوب.
وخلاصة القول فاليد المدودة للسلام هي نفسها اليد التي لا تتردد في الرد على كل من سولت له نفسه التطاول على المغرب ، فهي اليد التي فرضت الحكم الذاتي كواقع ينسف أحلام الجزائر وصنيعتها البوليزاريو ، وهي نفس اليد التي صفعت ألمانيا وهولندا واسبانيا وهي نفس اليد أيضا التي أجبرت إسبانيا على الخضوع لمنطق المصالح المشتركة وهي نفس اليد التي اقنعت العديد من الدول بفتح قنصلياتها في الصحراء المغربية.
وستظل  هذه اليد ممدودة إلى النظام الجزائري إلى أن يدرك أن الحل هو أن يمد يده هو الآخر.. فاليد الواحدة لاتصفق ولكنها تصرفق .. 
فإلى متى سيظل هذا النظام يتحمل الصفعات ؟؟