الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

عندليب: مطالبة المعتقلين السياسيين السابقين بشهادة رد الاعتبار لتسيير الجمعيات قرار تعسفي خطير

عندليب: مطالبة المعتقلين السياسيين السابقين بشهادة رد الاعتبار لتسيير الجمعيات قرار تعسفي خطير عبد الحق عندليب
لا أفهم ما وراء مطالبة السلطات المحلية من المعتقلين السياسيين السابقين الإدلاء بشهادة "إعادة الاعتبار"، كوثيقة من وثائق الملف القانوني للحصول على وصل الإيداع للجمعيات، التي تنتخب بمكتبها المسير أحد المعتقلين السياسيين السابقين!!!! لا سيما أؤلائك المعتقلين السياسيين والمعتقلات السياسيات الذين واللواتي أصدرت في حقهم-ن هيئة التحكيم المستقلة للتعويض وهيئة الانصاف والمصالحة، مقررات تحكيمية تثبت بأنهم-ن قد تكبدوا أضرارا جسيمة إثر تعرضهم للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، حيث قررت الهيئتان اللتان تعتبر قراراتهما غير قابلة للطعن مهما بلغ شأن السلطة التي تسعى إلى ذلك، قلت قررت الهيئتان تعويض الضحايا بل جبر أضرارهم-ن المادية والصحية والإدارية من خلال إصدار توصيات لفائدتهم-ن تلزم الدولة بتنفيذها.

وأضيف أن قبول هذه التسوية لملف ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان من طرف الدولة والضحايا قد تمت وفق مقاربة شاملة لمفهوم العدالة الانتقالية التي تعتبر مدخلا للانتقال الديمقراطي السلس الذي اعتمدته العديد من بلدان العالم والتي عانت من تداعيات وانعكاسات تسلط أنظمة عنصرية أو استبدادية أو ديكتاتورية. ومن بين ما تضمنه ميثاق التسوية، حسب ما جاء في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، إجراء إصلاحات دستورية ومؤسساتية وقانونية كفيلة بحماية بلادنا من أقدار تكرار ما حدث من انتهاكات وذلك في إطار وضع أسس الديمقراطية ودولة الحق والقانون.

وهكذا فقد شهدت بلادنا تطورات هامة في سياق الإصلاحات المذكورة منها أساسا المصادقة على دستور 2011 وإصلاح منظومة العدالة وتوسيع هامش الحريات والمصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

إلا أننا كمدافعين عن حقوق الإنسان بمفهومها الكوني الشامل لا نفهم بعض التصرفات التي تصدر بين الفينة والأخرى من طرف السلطات المغربية لتدبير العديد من الملفات لاسيما تلك المتعلقة بتنزيل الحماية والنهوض بحقوق الإنسان، ومن بين هذه التصرفات كما ذكرت عرقلة انخراط المعتقلين السياسيين في أعمال مدنية تطوعية لفائدة المجتمع تدخل في صميم حقهم-ن الطبيعي غير القابل للتصرف في حرية الانخراط جمعيات المجتمع المدني وحق المشاركة في تسييرها وتدبير شؤونها، حيث أصبحت هذه السلطات تشترط مقابل ذلك الحصول على شهادة "إعادة الاعتبار"، وكأن المعتقلين السياسيين السابقين ليسوا سوى مجرمين سابقين، وكأن الأحكام غير العادلة التي كانوا ضحية لها هي أحكام أبدية ممتدة في الزمان والمكان، وكأن التعويض عن الأضرار الذي حصل عليه ضحايا الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والطرد التعسفي من العمل ومن الدراسة والنفي الإضطراري خارج أرض الوطن،  مجرد قرار عابر لا أساس له من الناحية الحقوقية أوالسياسية أوالقانونية أوالأخلاقية.

إن عدم رفع هذا الاشتراط المتمثل في الحصول على شهادة "إعادة الاعتبار" هو مؤشر قد يفهم منه تراجع الدولة عن التزاماتها الحقوقية والسياسية والاخلاقية وعن مضمون المصالحة التي انخرط فيها الجميع دولة وأحزابا ونقابات ومجتمع مدني ومعتقلين سياسيين سابقين. إن الأمر يقتضي عاجلا إعادة النظر في مثل هذه المواقف والتصرفات غير المفبولة من طرف الدولة حفاظا على مصداقيتها وتقوية لمسار الإصلاحات التي دشنتها ودعما لللتدابير والإجراءات الوقائية من كل أقدار العودة إلى الماضي الأليم الذي كانت كلفته باهضة الثمن على بلادنا وشعبنا.
 
عبد الحق عندليب/ الكاتب الإقليمي للاتحاد الاشتراكي بمراكش