الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد هرار: من دروس حرب روسيا على أوكرانيا

محمد هرار: من دروس حرب روسيا على أوكرانيا محمد هرار
يمكن اعتبار الحرب الدّائرة بين روسيا وأوكرانيا، امتدادا للحرب الباردة التي كانت بين الاتّحاد السّوفياتي المفرّخ لروسيا القويّة الرّاغبة في السّيطرة على مثيلاتها الأقلّ قوّة، وبين الغرب عموما وفي مقدّمته أمريكا زعيمة العالم "الحر".. حرب أبرزت المحاور وبيّنت أنّ كثرة الرّبّان تُغرق السّفن. فروسيا الموحّدة في قيادتها هي إلى حدّ الآن المتحكّمة في المواقف أمام غربٍ يفوقها ربّما قوّة، إلا أنه حتى الساعة، يضعف أمامها بكثرة رؤوس قادته واختلافهم فيما بينهم.
حرب كانت كعادة الأقوياء فاقدي الإنسانيّة، فرصة للتّباري في التّسلّح وإجراء تجاربهم على الأبرياء، لا يهمّهم مَن يموت أو يُغوَّر في الأرض أو يُيَتَّم أو يُشرّد!. 
حرب أظهر الكيل بمكيالين واضحا مفضوحا. فليس كلّ الأجناس كالجنس الأوكرانيّ الأشقر الأزرق العينين، وليست حقوق الإنسان مشاعة للإنسان دون نظر في لونه وعرقه ودينه.
حرب جعلت العالم بأسره أمام أزمة غذائيّة عالميّة، تعلّقت بها ظروف اقتصاديّة ضاغطة. ارتفاع مشطّ في الأسعار حتى طال كلّ السّلع والبضائع أو جلّها، لا سيّما المتعلّقة بالطاقة وبمعيشة الفقراء في العالم، المتمثّلة أساسا في الحبوب وبخاصّة القمح والذّرة، المستوردة أساسا من روسيا وأوكرانيا. فالمتضرّر الأوّل والأخير من هذه الحرب، هي الدّول النّامية، وتعتبر كثير من دول القارة الأفريقية في مرمى الجوع، أو نقص حادّ في المواد الغذائيّة، ينذر بمجاعات جماعيّة هي رهينة استمرار هذه الحرب المستجيبة لساديّة الأقوياء وعدم تسليمهم بوجاهة الحوار بين الأطراف لتحديد الحقوق والواجبات!!.
على النّاس جميعا، إن أرادوا التّعلّم من هذه الحرب، النّظر في مواردهم وزراعة أراضيهم، والتّعويل على أنفسهم، بدل أن يظلّوا اليد السّفلي التي تنتظر رحمة غيرها ممّن لا يكترث إليها ولا يرحمها.
عليهم العودة إلى النّمط الغذائيّ التقليدي القديم الذي يضمن نوعا من الاكتفاء الذّاتي والكرامة الإنسانيّة. وهي مسؤولية جماعيّة تتظافر فيها جهود الجميع، دولة، ومجتمع مدنيّ، وقطاع خاصّ، ووسائل إعلام هدفها الأسمى؛ تأمين العيش الكريم للمواطنين وللأجيال القادمة، لا يكون إلّا بنهضة وبناء اقتصاد وطنيّ حرّ مندمج، بدل هذا الخزي المتمثل في التّبعيّة العمياء للغرب المتنافس بشقّيه.
محمد هرار/ الدنمارك