الثلاثاء 19 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: ماكرون رئيسا لفرنسا.. هل يمنحه الفرنسيون أغلبية تشريعية؟

يوسف لهلالي: ماكرون رئيسا لفرنسا.. هل يمنحه الفرنسيون أغلبية تشريعية؟ يوسف لهلالي
بعد جولة ثانية وحاسمة من الانتخابات الرئاسية، أعيد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا لولاية ثانية تمتد على خمس سنوات، بعدما تغلب على منافسته مارين لوبن التي حققت أعلى نتيجة لمرشح يميني متطرف في انتخابات رئاسية بنسبة 42 في المائة. وحقق ماكرون انتصار ا واضح ا وحصد ما بين 58في المائة من الأصوات.
 
واختار الفرنسيون الاستمرارية وانتخاب رئيس ليبرالي وموال جدا لأوروبا بدل ا من مرشحة راديكالية تريد "اغلاق حدود فرنسا" في وجه العالم وتتخلص من الاتحاد الأوربي ومغادرته.
لكن بعد هذا الفوز التاريخي، يبق التساؤل الكبير مطروحا، هل سيمنح الفرنسيون اغلبية تشريعية لرئيس المنتخب في شهر يونيو المقبل؟
زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي حل في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات، والذي أصبحت حركته اقوى تنظيم لليسار بعد انهيار الحزب الاشتراكي وحزب الخضر، طالب الفرنسيين "بتعيينه وزيرا أولا" بمعنى منحه اغلبية بالبرلمان من اجل قيادة حكومة تعايش مع ايمانييل ماكرون وذلك في الانتخابات التشريعية المقررة في 12 و19 يونيو، ووعد الرئيس المنتخب عندما توجه الى أنصاره، انها ستكون "جحيما بالنسبة لماكرون، معتبر ا أنه رئيس "انتخب بشكل سيئ". وقال إن "الجولة الثالثة تبدأ هذا المساء".
 
الرئيس سيواجه صعوبات كبيرة. وسيكون أول تحد أمامه الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو. وهو واع بهده الوضعية، عندما قال لأنصاره في خطاب أمام برج إيفل في باريس "أعلم أن عددا من مواطنينا صوتوا لي اليوم، ليس دعما للأفكار التي أحملها بل للوقوف في وجه (أفكار) اليمين المتطرف"، مضيفا "هذا التصويت يلزمني للأعوام المقبلة". واضاف "منذ هذه اللحظة، لم أعد رئيس فريق، إنما رئيس الجميع"، وقال إن "الغضب والاختلاف في الرأي اللذين قادا لتصويت لليمين المتطرف، يجب أن يجدا أجوبة. هذه مسؤوليتي ومسؤولية المحيطين بي".

واعتبرت لوبن أن ما حصدته من أصوات في الانتخابات الرئاسية يشكل "انتصارا مدويا". ووعدت بـ"مواصلة" مسيرتها السياسية، مؤكدة أنها "لن تتخلى أبدا" عن الفرنسيين. وقالت "نطلق هذا المساء المعركة الانتخابية التشريعية الكبيرة"، وسط تصفيق حار من مناصريها.
 
وحقق ماكرون انتصارا واضحا وحصد ما بين 58 في المئة من الأصوات، في انتخابات اتسمت بنسبة امتناع عن التصويت مرتفعة وصلت 28 في المائة وهي الأعلى في دور ثاني من الانتخابات الرئاسية.
غير أن هذه الانتخابات تندرج في سياق نسبة امتناع عن التصويت قياسية تقد ر بـ28%، ، وهي نسبة غير مسبوقة في دورة ثانية من الانتخابات الرئاسية منذ 1969 (31,3%).

وكان ماكرون حصل عام 2017 على 66,10% من الأصوات، متقد ما بفارق كبير على لوبن (33,90%).

وأثارت مواقفه المثيرة للخلافات بشأن مسائل عدة وممارسته العمودية للسلطة استياء جزء من الفرنسيين الذين اعتبروا أنه بعيد جدا عن واقع حياتهم اليومية والصعوبات المادية التي يواجهونها في نهاية كل شهر. ووصفه بعض معارضيه بـ"رئيس الأثرياء" خصوص ا بسبب قرارين اتخذهما في بداية ولايته ولم يقبلهما اليسار أبد ا، هما إلغاء الضريبة على الثروات وتخفيض إعانات السكن.

وشهدت الحقبة الرئاسية الأولى لماكرون أعمال العنف خلال تظاهرات "السترات الصفراء" وتعامل قوات الأمن مع المتظاهرين بشكل جد عنف، إضافة إلى معاملة المهاجرين (الأفغان والسوريين والسودانيين...) بشكل "مهين"، وفق منظمات غير حكومية دولية ووطنية خصوصا في كاليه (شمال)، فقد ماكرون بشكل نهائي جزءا من اليسار رغم أنه التيار السياسي الذي يتحدر منه.وتبنى مواقف محافظة اقرب الى اليمين في عدة مجالات.
 
لقد تمكن الرئيس المنتهية ولايته من تحقيق الانتصار على منافسيه من خلال إعادة انتخابه رئيسا لفرنسا، لكن لوبن وميلونشون وعدوه بجولة ثالثة، ووعدوه بحرمانه من الأغلبية التشريعية التي من دونها لن يكون بإمكان ايمانييل ماكرون من تطبيق برنامجه، فهل يمنحه الفرنسيون الأغلبية بالجمعية العامة ام سوف يفرضون عليه تعايشا مع اغلبية من اليسار ام سيكون مجبرا على تشكيل حكومة مؤلفة من عدد من القوى السياسية وهو ما سوف تبينه الانتخابات التشريعية المقبلة التي ربما ستكون جولة ثالثة كما سماه معارضوه.