الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

مصطفى لبكر: المغرب يمر من مرحلة الترافع عن مقترح الحكم الذاتي إلى مرحلة الأجرأة

مصطفى لبكر: المغرب يمر من مرحلة الترافع عن مقترح الحكم الذاتي إلى مرحلة الأجرأة مصطفى لبكر
الآن حصحص الحق!! فالزيارة التاريخية لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشير للمغرب، ولقائه بالملك محمد السادس، وضعت حدا لحالة التوتر التي طبعت العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ومدريد منذ فضيحة غالي ابن بطوش ؛ويمكن القول بانه بعد إعلان اسبانيا عن موقفها الإيجابي بخصوص مغربية الصحراء ومقترح الحكم الذاتي، أخذ النزاع المفتعل منعطفا جديدا ليدخل إلى التفاصيل التي ارتبكت الانفصاليين وحاضنتهم الجارة الشرقية وهذا ما يفسر تصريح السفير المغربي عمر هلال بمقر الأمم المتحدة : لن يعود إلى أرض الوطن إلا من كان مسجلا في لوائح إحصاء الإدارة الإسبانية لسنة 1974، وبهذا التصريح يكون المغرب قد أنهى بشكل نهائي مرحلة الترافع عن مقترحه حول الحكم الذاتي لينتقل إلى عملية أجرأته بتحديد من هو الصحراوي المعني بالاقتراح بإشهار وثيقة إحصاء 1974 ووضع هلال، في كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، النقاط على الحروف، مشددا على ان المغرب لن يقبل باستقبال المهربين والإرهابيين، الذين تم تجميعهم في مخيمات العار تندوف، باستثناء الصحراويين المغرور بهم أو الذين تم اختطافهم من طرف مليشيات البوليساريو اذ لا يعقل السماح بالتحاق بأرض الوطن، فئات من تجار المخدرات ومهربين وارهابين ولصوص، تم استقطابهم من دول ينتمون الى بوركينافاسو ومالي والنيجر وموريتانيا والجزائر.
من جهته وعلى هامش مشاركته في منتدى دولي بدبي في 29 مارس 2022 كشف وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، وجود ارتباطات بين جبهة البوليساريو الانفصالية وبين الجماعات الإرهابية المتواجدة في منطقة الساحل والصحراء، مسجلا تنامي المخاطر الإرهابية العابرة للحدود. وأكد بمناسبة انعقاد الاجتماع الوزاري للتحالف الأمني الدولي في دورته الرابعة، على أن التهديد الإرهابي الذي تشكله هذه التنظيمات على بلدان شمال أفريقيا ودول البحر الأبيض المتوسط يزداد حدة، مبرزا أنه تم رصد ارتباط بين هذه التنظيمات وعناصر تابعة “للبوليساريو” فضلا عن كون قيادة عدد من هذه التنظيمات تضم متحدرين من هذه الجبهة. وليس صدفة إذن بأن تنشر الجريدة الرسمية الإسبانية في يوم زيارة سانشيز للمغرب اتفاقيه للتعاون مع المملكة المغربية، التي كان قد تم توقيعها قبل ثلاث سنوات.حيث جاء في الجريدة الرسمية الإسبانية أن هذه الإتفاقية الخاصة بالتعاون بين البلدين الجارين المغربي والإسباني في مجال مكافحة الأعمال الإجرامية، وخاصة مكافحة الإرهاب والإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية والمخدرات، ستدخل حيز التنفيذ في 30 أبريل 2022.
وقد سجل رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان محمد سالم عبد الفتاح المرصد في حوار سابق مع "الوطن الآن " إلى انه" بالنظر إلى الأساليب غير الحضارية التي تعتمدها قوات البوليساريو في التعامل مع ساكنة مخيمات تيندوف، فينبغي التأكيد على مسؤوليات الدولة الجزائرية المستضيفة لهؤلاء اللاجئين إزاء ضمان تمتعهم بكافة الحقوق المتعارف عليها بالنسبة للاجئين، والمضمنة في عديد العهود والاتفاقيات الموقعة من طرف الجزائر نفسها، وفي مقدمتها ضمان أمنهم. الجزائر مطالبة اليوم بالإشراف المباشر على المخيمات لأجل حماية اللاجئين ومتيعهم بكافة حقوقهم وإنهاء كافة مظاهر التضييق والقمع المسلطة عليهم، والتي باتت موضوعا لعديد من التقارير الصادرة عن الهيئات لحقوقية الوازنة كالتضييق على حرية التنقل، والحرمان من الحق في الشغل والتملك فضلا عن ضعف الخدمات العمومية كالصحة والتعليم، إلى جانب ما أثاره تقرير صادر عن البرلمان الأوروبي حول النهب الممنهج للمساعدات الإنسانية، التي اغتنى منها عديد القيادات في البوليساريو، بتواطؤ مع مسؤولين جزائريين. فبطبيعة الحال لا يمكن أن يستمر تنصل الدولة الجزائرية من المسؤوليات المترتبة عليها إزاء ساكنة مخيمات تيندوف، وتنازلها عن ولايتها القضائية في مناطق داخل ترابها الإقليمي، بمبرر تفويضها لتلك المسؤوليات لجبهة البوليساريو، في ظل الانتهاكات الخطيرة التي تعكف عليها الأخيرة في حق الصحراويين أنفسهم على مرآى ومسمع من السلطات الجزائرية..
وتتوالى الصفعات على البوليساريو سواء من الداخل أو الخارج، وهذا حزب “ثيودادانوس” الإسباني اليميني يتخذ موقفا جديدا بخصوص جبهة “البوليساريو” واصفا إياها بـ”المنظمة الإرهابية” وبأنها لا تمثل الصحراويين ويشكل تصنيف البوليساريو كمجموعة إرهابية نقطة تحول جذرية في الخط السياسي لحزب “ثيودادانوس” في هذه القضية، إذ أنه في أبريل 2016 طلب حزب يمين الوسط من حكومة راخوي الاعتراف بالبوليساريو على أنها “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي” ومنح ممثليتها في إسبانيا “وضعا دبلوماسيا
وصرحت الناشطة الحقوقية ” لوسيا خيمينيث” وهي (رئيسة الرابطة الكنارية لضحايا الإرهاب) في مقابلة إعلامية لجريدة” الـ كونفيدونسيال” أن ملف إرهاب البوليساريو لن يطوى دون أن يتقدم زعماء هذا التنظيم إلى العدالة ومحاكمتهم على الجرائم التي ارتكبوها في حق المئات من الضحايا.
وعلى صعيد آخر رحبت حركة صحراويون من أجل السلام التي تعكس مشاعر غالبية السكان الأصليين للصحراء المغربية بالسياسة الجديدة لإسبانيا والمبادرات بخصوص الحكم الذاتي، وأعربت عن رغبتها في أن يفتح بيدرو سانشيز مرحلة سلام وأمل بعد خمسين عامًا من الحرب والنفي والمشقات.
وهو ما شهد به الإعلام الموالي البوليساريو حيث اعترف موقع (الضمير): لقد أصبحت رداءة الوضع العام بالمخيمات أكبر وأخطر من أن تسترها العاطفة أوينفعها التبرير والتطبيل، الرداءة في الشأن العام تطال كل شيء تقريبا وعلى كل المستويات:
المستوى الداخلي: التعليم على ضعفه ينهشه الإهمال حيث لم يتلق عماله أشباه الرواتب منذ انطلاق الموسم حتى الآن.
الصحة: حدث ولا حرج أي مريض يأتي إلى المستشفى يتم إجلائه إلى مستشفى مدينة تندوف الجزائرية. وأما الوضع الأمني: فعصابات المخدرات واللصوص يصولون ويجولون دون حسيب أو رقيب، وبعض العصابات تتشاجر بالرصاص الحي في أمام الملأ وكأن شيء لم يحدث، إضافة إلى انتشار ظواهر خطيرة كاختطاف السيارات الثمينة وطلب فدية مقابل إرجاعها مستفيدين من الإفلات من العقاب السائدة. زيادة إلى الاعتداء على مقرات الشرطة أصبح أمر معهود بل وصل إلى درجة احتجاز بعض أعوان الشرطة!!
ولعل المضحك والمبكي في الأمر هو إعلان البوليساريو مساء السبت 9 أبريل 2022 عن تعليق اتصالاتها بالحكومة الإسبانية، وأعتبر أحمدو المامي عائد لأرض الوطن ” هذا القرار بمثابة انتحار لقيادة البوليساريو وإلا ماذا ستخسر اسبانيا من هذا القرار؟ فالخاسر هي قيادة البوليساريو التي كانت تستقبل قوافل المساعدات الغذائية من إسبانيا وتحتضن ما يسمى مكتب البوليساريو زيادة على احتضانها مخيمات صيفية لأطفال البوليساريو بينما في المقابل ماذا تمنح البوليساريو لهؤلاء سوى عبء على ميزانيتها.