الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عتيقة الموساوي: المرونة الحقة وفن النجاح الإداري..

عتيقة الموساوي: المرونة الحقة وفن النجاح الإداري.. عتيقة الموساوي
نؤمن في الإدارة بمهارات الإبداع لحل أغلب المشكلات الإدارية، ونؤمن بالمرونة كأداة مهارة لفك الجمود الإداري وإذابة الصقيع ونزع حواجز التأخير والتعطيلات وتسهيل المهام.
ولأننا نعيش عصر العولمة والسرعة التكنولوجية وتبادل المعلومات، وكل شيء حولنا ينتقل أسرع من أقصى الأرض لأقصاها الآخر في وقت زمني قياسي، فمن العجيب أن نجد أنفسنا أمام تأخير وثيقة إدارية أو مراسلة في متاهات ودروب المسارات الإدارية رغم أننا وسط كم هائل  من وسائل التكنولوجية المعلوماتية، فهدْا ما يمكن نعته بالحالة المعقدة إداريا.. بل يحتاج  لدراسات وفحص وتشخيص لمرض الإدارة المزمن في إنعكاسه على الحالة الصحية لما يجب أن يكون عليه السير العادي للعمل.
من أهم المفاهيم الإدارية المعاصرة التي تمنح مراكز العمل البقاء والإستمرار والتطور والتكيف مع التغيرات والتطورات المتسارعة مفهوم المرونة، مرونة في التعامل مع الأحداث والقدرة على ترسيخ المبادئ والأفكار والمبادرات والإبتكار كوسائل في تدعيم فاعلية الأداء وجلب القوة الإجتماعية وتزويد العاملين بالطاقات الفاعلة واللازمة للتعبئة العملية.
فأمام ضغوط العمل وكثرة المهام والأعباء الوظيفية تظل المرونة صفةً ومطلباً لا غنى عنه للإدارة الحديثة في عصرنا هذا، فهي تساهم بشكل عام في تحقيق اعلى درجة في الإنتاجية، وتحقيق أرقام قياسية في خطط العمل والإنجاز التي تتطلع إليه الإدارة بشكل خاص. وبالطبع فإن حدود هذه المرونة تحكمها طبيعة المهام وبيئة العمل وحجم 
 الإنضباط فيها، وفق ما يتوافر لها من إمكانات مادية وبشرية وإدارية وفنية.
كونك مرناً، يجعلك أكثر قبولاً للتغيير وأكثر تقبلا للآخر، وقادراً على أداء المهام في ظل الظروف المكانية والزمانية المختلفة. فكما عند غياب أحد الزملاء عن العمل، يتطلب الأمر سرعة التعويض لسد ثغرة النقص لمدة قصيرة أو طويلة، أو إذابة الفواصل ما بين وقت العمل وأوقات الراحة للموظفين، وإنجاز أعمال خارج الدوام الرسمي للإدارة، دون إمتعاض أو تذمر لأن الأمر لا يعدو أن يكون بمثابة جناح السلامة للحياة العملية للجميع.
فالمرونة هي المطلب الأساس لليسر والسهولة وتُعد أمرًا حاسمًا للقادة والمسؤولين لما تتميز به من لين لتجاوز التغييرات المفاجئة ومستجدات عالم الإدارة المتغير باستمرار، وتكييف وثيرة الإنجاز لتفادي العثرات والتعطيل..، فالمهارة الذاتية لا تُنقل بالشواهد ولا تُدرس في المعاهد ولا الكليات، ولكن تُكتسب في الحياة العملية بالخبرة النوعية والموهبة في التسيير، فتُصقل بالإبتكار المستمر والتطوير وتغيير طريقة التفسير للمواقف والأنظمة، وبالتالي تقليل المشاعر السلبية وتكسير جمود العقليات والروتين، فأغلب المشكلات الإدارية غالبًا ما تحلّ باتباع طريقة حدسية أو من خلال منهجية محدّدة.. في مقال له تحت عنوان النجاح في العمل، كتب كايلا لافاتا.. المرونة مهارة مهمة للقادة كما للموظفين وتحتاج بعض الوقت لإجادتها، لأنها تُكسبك العديد من الخبرات، مما يسهم في تقلّدك المناصب العليا وتُظهر الجانب الإيجابي من شخصيتك، ما يضمن لك التميز بين أقرانك في العمل.
  
والمعنى في اعتقادي ليس كل حامل شهادة معينة مؤهل إدارياً.. وليس كل إداري قياديا.. ما لم يكن عالماً بالإدارة، ملماً بفنونها، مدركاً لأبعادها.. لأنه من دون ذلك سوف يقود إلى الفوضى والإهمال المنظَّم بإسم الإدارة.. فالقيادة مسؤولية نعم، ولكنها موهبة وإبداع محرك للنجاح والتطور وتحقيق الأهداف، وهو ما يميز الإداري الناجح عن الإداري الفاشل..  
ماعدا ذلك، شعارات مرونة سلبية، سواء كانت تحجم القدرة على الحركة، أو التحرك بالاتجاه المعاكس، فتفضي لفوضى عارمة وإهمال..،   مرونة  تتسم بخفة التعامل مع الأنظمة وتطبيق القوانين والتعليمات بكل يُسْر وسهولة دون تعنت أو تشدد أو ظلم لأحد من منتسبي الإدارة، فاختيار السهل سهل واضح لمراعاة المصلحة العليا على المصلحة الدنيا والخاصة..
فهذه هي المرونة الحقة.