الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

فردوس: أزمة الحبوب.. لقد حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع الفلاحي وتطويره بالمغرب

فردوس: أزمة الحبوب.. لقد حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع الفلاحي وتطويره بالمغرب أحمد فردوس
من بين المعطيات الصادمة الواردة في تقرير اقتصادي أن المغرب صُنِّفَ مؤخرا ضمن الدول الخمس الأولى عالميا، الأكثر استيرادا للقمح الأوكراني، خلال سنتي 2020 و2021، إذ استقبل ما يعادل 1,9 مليون طن من هذه المادة الأساسية.
في هذا السياق عبر عدد من المواطنين عن قلقهم عقب انتشار التقرير، إذ أبدوا تخوفهم من تداعيات الحرب التي شنتها روسيا ضد أوكرنيا، على السوق المغربية خاصة في ما يتعلق بمادة الدقيق، التي تعد من أكثر المواد استهلاكا في المغرب.
وحسب تقارير اقتصادية سابقة فقد استورد المغرب، (ما بين سنة 2014 و 2018) 16 مليون طن، من حبوب القمح، وهو ما يمثل نسبة 39 في المئة من حاجياته الاستهلاكية.
هذه المعطيات المقلقة تسائل الحكومة عن أسباب فشل المغرب في تحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب، في علاقة مع عدم قدرته على تطويره برامج فلاحية، من بينها برنامج مخطط المغرب الأخضر، رغم اعتماده على الفلاحة في نشاطه الاقتصادي.
العديد من الخبراء يرجعون أسباب فشل المغرب في تحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى الحبوب إلى "عدم هيكلة القطاع الفلاحي المغربي وفقره، على اعتبار أن أكثر من 90 في المئة من الأراضي الفلاحية المغربية مجزأة وهي عبارة عن بقع أرضية بمساحات صغيرة الحجم وقليلة المردودية، بل إنها لا تسمح قطعا بتطوير المردودية الإنتاجية الفلاحية، في حين أن متوسط الإنتاج في أراض فلاحية ذات مساحات شاسعة لا يتعدى 16 قنطارا للهكتار الواحد". حسب خبراء اقتصاديين.
في سياق متصل يؤكد نفس الخبراء أن "اضطراب وضعف التساقطات المطرية في المغرب (300 ملم في المتوسط السنوي) يؤثر سلبا على الإنتاج الفلاحي، حيث تساهم في تراجع مردودية إنتاج الحبوب، وخصوصا في الأراضي البورية التي لا تعتمد على السقي، مما يكشف عن أن المغرب ليست لديه الإمكانيات لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، خاصة على مستوى الحبوب".
في سياق متصل يرى خبراء في المجال الفلاحي "أنه حان الوقت لمراجعة وإعادة النظر في البرامج الحكومية في مجال الفلاحة، والتركيز على أسس التعليم والتكوين لدى الفلاحين وتزويدهم بالموارد المالية التي تمكنهم من الاستثمار بطرق عصرية لمواجهة التقلبات المناخية وظاهرة الجفاف". وأوصى هؤلاء الخبراء على ضرورة "اعتماد استراتيجية و رؤية جديدة تساير التطور الحاصل في المجال تعطي الأهمية لإعادة هيكلة القطاع وإعادة توزيع الأراضي الفلاحية".
ومن المقترحات التي يركز عليها خبراء الاقتصاد "تطوير البحث الزراعي الضامن الأساسي للرفع من إنتاج الحبوب (بين 25 و50 في المئة)".
ولن يتأتى ذلك إلا من خلال "توفير الإمكانيات المادية والبشرية للبحث الزراعي، وتزويد الفلاح المغربي بنتائجه"، على اعتبار أن البحث الزراعي "سيمكن من إنتاج أصناف جديدة من البذور الخاصة بالقمح والقطاني، والتي تتلاءم مع تقلبات الطقس والمناخ، في احترام تام للدورة الفلاحية التي تراعي تنويع المزروعات بين الحبوب والقطاني".
وشدد خبراء الفلاحة في تقارير اقتصادية متداولة على أن "المغرب قادر على إنتاج الاكتفاء الذاتي من الحبوب في أفق إعفائه من الاستيراد"، خصوصا إذا "غير من سياسة زرع الأشجار المثمرة في الأراضي المخصصة لزراعة الحبوب، بدل الجبال التي تعتبر المكان الأنسب لغرس الأشجار المثمرة"، والقطع مع سياسة مخطط المغرب الأخضر الذي أنهك واستنزف الفرشة المائية دون تأمين حاجياته الغذائية في السوق الداخلية .
الأغرب من ذلك يرى بعض الخبراء أن مخطط المغرب الأخضر "لم يجعل من تحقيق الاكتفاء الذاتي على مستوى الحبوب من أولوياته، وإنما اعتمد على رفع إنتاجية وتصدير الفواكه والخضر أكثر من 60 سنة بعد استقلاله"، حيث اعتمد على زراعات موجهة للتصدير نحو أوروبا، لكنها استنزفت الفرشة المائية بشكل رهيب.
من جهة أخرى، فإن سياسة الفلاحة المغربية قد "أهملت المواد الأساسية، وضمنها الحبوب والسكر والزيوت النباتية، بينما أعطت الأولوية للحوامض والخضر والبواكير على مستوى الدعم والتحفيزات". والدليل أن المغرب "يستورد في السنة التي يكون فيها إنتاجه من الحبوب ضعيفا ما بين 30 و35 مليون قنطار، بينما يستورد في السنة التي يكون فيها محصول الحبوب مرتفعا ما بين 40 و50 مليون قنطار".