الأربعاء 1 مايو 2024
كتاب الرأي

لحسن لعسيبي: من دروس مأساة الطفل المغربي ريان شعوب المغرب الكبير، كبيرة دوما

لحسن لعسيبي: من دروس مأساة الطفل المغربي ريان  شعوب المغرب الكبير، كبيرة دوما لحسن لعسيبي
بسرعة وبتلقائية وبدون حاجة لتنبيه أو توجيه أو كلمة، أمام امتحان مأساة الطفل المغربي "ريان" وهو يصارع الموت في بئر عميقة بإحدى جبال شمال المغرب، صعدت روح مغاربية أصيلة من تراب بلدان المغرب الكبير، رسالة على أن معنى كلمة "المغاربي" ليست مجرد شعار سياسي أو طموح نخبة، بل إنها واقع ملموس ينضجه ويحققه ويحميه الناس الطيبون في كل جغرافيات بلداننا الخمس. وكم كانت تلك الرسالة مبهجة ومطمئنة أن روح الجغرافية المغاربية سليمة، معافاة.
ها هنا تبرز المسافة هائلة بين المغاربيين ومن يتحملون المسؤولية السياسية في بعض عواصمهم. فالشعوب متراصة في وادي الحقيقة وأغلب أولئك القادة ساقطون في وادي الزيف والجريمة ضد حقوق شعوبنا في حرية التكامل والتنقل والأمن والحياة الكريمة.
لم يكن المغاربة وحدهم من وقفوا وقفة الرجال، حين حركوا جبلا في أربعة أيام (أزيل خلالها أكثر من نصف مليون طن من الأحجار والأتربة)، وواصلوا الليل بالنهار بلا توقف من أجل إخراج ابنهم ومحاولة إنقاذه. بل كل شعوب المغرب الكبير توحدت كعائلة متراصة، متضامنة، كما لو أن "ريان" ابن لها أيضا.
كثيرة هي الصور والرسائل التي أعلنت عن نفسها خلال الأيام الأربعة التي دامتها عمليات الإنقاذ هنا وهناك ببلداننا الخمسة، لكن هاتان الصورتان من طفل جزائري ومن تاجر صغير تونسي تلخص كل شئ.
لقد ردمت أشكال التضامن الشعبي بالجزائر، في ضربة حقيقة، كل رزنامة التجييش المتحامل الذي انخرطت فيه السلطة الحاكمة هناك، عبر جيش كامل من "الذباب الإلكتروني"، الذي كانت غايته شيطنة كل ما هو مغربي، ووهم محاولة جعله عنوانا لكل شر في الذهنية الشعبية للمواطن الجزائري البريئ. لقد ردم امتحان مأساة الطفل المغربي "ريان" وهبة المروءة للشعب الجزائري الجزائري الشقيق ذلك في رمشة عين، ووجهت رسالة (هل سيلتقطها القوم كما يجب) أننا شعبان سياميان. وكم هي مؤسفة حال بعض النخبة الحاكمة بالجزائر التي بدلا من أن تكون الأولى في صف مكرمة ومروءة إعلان التضامن والتعزية قبل كل العالم، بقيت سجينة "عقدها" التي تحجب عنها حقيقة شعبينا المغربي والجزائري، وسبقتها إلى المروءة والمكرمات قيادات عالمية من بابا الفاتيكان إلى رؤساء دول من كل القارات، إلى ملاعب كرة ومؤسسات دولية.
شكرا يا شعب الجزائر العظيم، شكرا يا تونس الخضرا، شكرا موريتانيا نخوة الشناقطة، شكرا ليبيا عمر المختار.
نعم تضامن العالم، كل العالم معنا كمغاربة، مع طفلنا "ريان" منعش للروح، سند في لحظة محنة وامتحان. لكن تضامن الشعب الجزائري وتضامن التوانسة وبلاد البيضان وأهل ليبيا، شئ آخر بالنسبة لنا. هو الدم حين يستعيد قوة نبعه، صافيا، طاهرا، عنوان سلامة الروح والبدن.
نعم سنبقى مدينين للعالم بتضامنه الإنساني الرفيع معنا، أما تضامن إخوتنا المغاربيين معنا، فهو عنوان للطمأنينة واليقين، أننا لسنا أبدا على الطريق الخطأ شعبيا في جغرافيتنا المغاربية. نحن الشعوب باقون، ملحا للأرض، أمام بعض صغار الساسة المتخاصمون مع حقيقتنا المغاربية فراحلون طال الزمن أم قصر.
يا لها من خدمة قدمتها لنا "ريان" وأنت في محنة الجب. لقد جعلت الراسخ من الطيب والجميل فينا مغاربيا يخرج مبزا الجميع. رحمك الله حيث أنت في علياء السماء أيها الملاك.