الاثنين 13 مايو 2024
فن وثقافة

ماذا بعد توثيق فن التبوريدة المغربية ضمن قائمة التراث اللامادي الإنساني باليونيسكو؟

ماذا بعد توثيق فن التبوريدة المغربية ضمن قائمة التراث اللامادي الإنساني باليونيسكو؟ يستحق المغرب أن يتباهى أمام الأمم كدولة عريقة بحضارتها الضاربة بجذورها في التاريخ (بعدسة منير المباشي)

لم تذهب مرافعاتنا وكتاباتنا الصحفية في جريدتي "أنفاس بريس" و"الوطن الآن" بخصوص توثيق وتسجيل الموروث الثقافي الشعبي فن التبوريدة كتراث لامادي ضمن قائمة التراث الإنساني باليونيسكو سدى، حيث نزل الخبر المفرح اليوم الأربعاء 15 دجنبر 2021، بالموقع الخاص بمنظمة اليونيسكو، ليزف النبأ العظيم ويتبادل عشاق الفروسية التقليدية التهاني بعد أن وقع آلاف الفرسان منذ سنوات عرائض للترافع في هذا الموضوع، بتنسيق مع الشركة المغربية لتشجيع الفرس ووزارة الثقافة وقطاعات أخرى ذات الصلة.

 

فعلا يستحق المغرب أن يتباهى أمام الأمم كدولة عريقة بحضارتها الضاربة بجذورها في التاريخ، حيث حافظ فرسان وفارسات المغرب منذ القدم على تراثهم وموروثهم الثقافي الشعبي الذي يستقطب اهتمام الدولة والحكومة وكل القطاعات ذات الصلة بهذا التراث الأصيل، سواء على مستوى تربية الخيول والاهتمام بأصولها وأنسابها العربية والبربرية واستطاع أن يقدم النموذج الحيوي في هذا المجال.

 

كيف لا والفروسية التقليدية تعتبر اليوم أهم رافعة في النموذج التنموي الجديد على مستوى التراث المغربي الأصيل، على اعتبار أن عالم فن التبوريدة يشتغل فيه العديد من الصناع التقليديين والحرفيين (سروج، مكاحل، خناجر...وألبسة تقليدية) وصناع الفرجة بمحارك سنابك الخيل والبارود، بالإضافة إلى الحضور الوازن للفرس والفروسية في احتفالات الشعب المغربي ومناسباته، حيث وثقت العيطة المغربية هذا الحضور ضمن قائمة قصائدها الجميلة التي تغنت بالشجاعة والجمال والمرأة والطبيعة والأحداث التاريخية.

 

كيف لا والمغرب دولة وحكومة وشعبا، استطاعوا أن يخلدوا تراث فن التبوريدة في كل طقوسهم وعاداتهم وتقاليدهم، ويورثها للأجيال أبا عن جد، ويترجموها على مستوى الفعل انطلاقا من إقامة جائزة الحسن الثاني للتبوريدة بدار السلام، وإقامة صالون الفرس بالجديدة الذي يعد اليوم محطة أساسية للتعريف بالموروث التراثي على مستوى الخيل والخيالة.

 

هنيئا لفارسات وفرسان التبوريدة بالمغرب بهذا المنجز والاعتراف الدولي، وهنيئا لكل الغيورين على الحضارة المغربية بكل روافدها المتعددة التي تنتصر للأرض والإنسان، وهنيئا بكل من يفتخر بانتمائه للمغرب و"تَمَغْرَبِيتْ" الحقيقية.

 

ما ينقصنا اليوم هو انعدام بنيات تحتية لملاعب التبوريدة، أي محارك الخيل والبارود، والتي يجب على الحكومة و كل الوزارات ذات الصلة بشراكة مع المؤسسات المنتخبة محليا وإقليميا وجهويا أن تشتغل على مشاريعها التنموية لتشييدها في كل جهات المملكة وفق مواصفات معمارية وهندسية تضم مرافق وأروقة ومعارض لمنتوجات الصانع التقليدي المتخصص في مستلزمات الخيل والفرسان، وقد ناديت بهذا الأمر في عدة مهرجانات كبيرة حضرها وزراء وعمال الأقاليم ومسؤولين والتمست منهم العمل على إخراج مشاريع ملاعب البارود كبنية استقبالية للجمهور العاشق لـ "اَلْعْيُوطْ وُالَمْكَاحَلْ" إسوة بملاعب كرة القدم التي تلتهم الملايير ولا تقدم سوى الشغب والمشاكل التي لا تعد ولا تحصى في زمن "الرياضة بلا ثقافة ولا فن"...