الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

يونس التايب: العهد الوبائي مستمر وعلينا إبقاء اليقظة

يونس التايب: العهد الوبائي مستمر وعلينا إبقاء اليقظة يونس التايب
وأنا أتابع أخبار العالم، منذ مساء أمس، يتأكد أن السلالة المتحورة من فيروس كورونا القادمة من جنوب إفريقيا، تتميز بشراسة حقيقية تجعلها قادرة على إيذاء الناس بشكل أكبر، وبصفة خاصة من كانت مناعتهم ضعيفة ولم يستفيدوا من التلقيح.
لذلك، علينا أن ننتبه إلى حقيقة صامتة لا يتحدث عنها أحد، للأسف، ألا وهي التراجع الكبير في جهود التعبئة والتواصل من أجل دعوة الناس إلى إبقاء الاحتياطات الوقائية، أساسا الكمامة، وتشجيعهم على الإقدام على أخذ جرعات التلقيح. كما نلاحظ انحسارا في وتيرة الإقبال اليومي للمواطنين على التلقيح. والإحصائيات التي تحملها النشرات اليومية التي تصدرها وزارة الصحة، واضحة تبين الإيقاع البطيء كل يوم أكثر...
بكل وضوح، يجب الاعتراف أننا صرنا بعيدين عن الديناميكية الحماسية والتلقائية التي كان فيها المواطنون يقبلون على أخذ الجرعات بكثافة وينخرطون بروح عالية من المسؤولية. و في رأيي، لهذه الوضعية سببين رئيسيين :
- أولا، الطريقة التي تم من خلالها، تنزيل قرار إلزامية جواز التلقيح من طرف وزارة الصحة، و التي تميزت بتسرع كبير و غياب للتواصل الفوري و الشامل لتوضيح الصورة و المحافظة على جو الطمأنينة الذي كان المواطنون يشعرون به و يسيرون في إطاره، بثقة كبيرة في ما تبذله الدولة من مجهودات لتحصين مناعة الأفراد و المجتمع.
- ثانيا، حملة التصدي لقرار إلزامية جواز التلقيح، التي تمت برغبة حقيقية من طرف بعض الجهات في خلط المواضيع و الملفات، و تهييج الشارع عبر التركيز على حالات استثنائية خاصة لبعض ما وصف بأنه "آثار جانبية" قيل أن سببها التلقيح، و هو ما لم يؤكده أي مصدر علمي أو طبي محايد!!!. كما تم نشر قصص خرافية شعبوية، وإشاعة "نظرية المؤامرة الدولية" في قضية التلقيح، ساهمت في ذلك، للأسف، شخصيات روجت لتلك الأقوال بخلفية سياسية واضحة.
والنتيجة هي أنهم نجحوا في جعل الخوف من التلقيح يسكن نفوس الناس، ويساهم في تراجع الوتيرة التي كانت تسير بها الحملة الوطنية للتلقيح...
أتمنى ألا نصل يوما إلى خلاصة مفادها أن ما جرى، من أثر السببين الذين ذكرتهم أعلاه، ساهم في إضعاف قدرتنا على إكمال مناعتنا الجماعية، وعلى تعزيز مناعة عدد كبير من الأشخاص، في مواجهة السلالات الجديدة، في حالة ما إذا تسربت، لا قدر الله، إلى بلادنا حفظها الله و حفظ أهلها من كل سوء. حينها، سيكون بالتأكيد على من كانوا سببا في إحداث ذلك الارتباك، أن يتحملوا مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية.
لذلك، و أنا أنوه بكل قوة بقرار السلطات العمومية ببلادنا القاضي بإغلاق المجال الجوي، من منطلق الحرص و المسؤولية و الاستباقية التي سرنا عليها بقيادة جلالة الملك أعزه الله، منذ مارس 2020 في مواجهة الجائحة الوبائية، أدعو إلى أن نصحح المسار خلال ال 15 يوما من الحماية الجماعية التي أمامنا، بفضل قرار قطع الطريق على سلالة omnicon من الولوج لبلادنا، و استثمار هذه الفترة، لنستأنف بديناميكية تلقائية قوية عمليات التلقيح و نعود لتواصل يخلق التعبئة في ظروف أزمة وبائية أصبح البعض يتصرف و كأنها انتهت، بينما هي لم تنته و لا يبدو أنها ستنتهي قريبا في ما أسميته من قبل "عهدا وبائيا جديدا علينا أن نتعايش معه، لمدة قد تصل إلى عشر سنوات".
هنالك من مواطنينا من لا زال عليه أن يأخذ الجرعة الأولى أو الثانية، وهنالك حاجة إلى تكثيف إقبال الناس على الجرعة الثالثة. ولا شيء يجب أن يخيف الناس من التعاطي بكل ثقة مع التلقيح، طبعا مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات التي يفرض وضعها الصحي ألا تأخذ جرعات التلقيح لأسباب يحددها الأطباء.
يجب أن نتحدث مع الناس لغة الصدق والصراحة، ونبين لهم أن كل الانتقادات التي قيلت بشأن التلقيح، يمكن أن يؤخذ منها ويرد عليها، لكن لا أحد من المنتقدين استطاع أن يثبت أن التلقيح لا يساهم إيجابيا في تعزيز مناعة الأفراد. بل بالعكس، كل المصادر العلمية الرصينة والموضوعية تؤكد أن التلقيح يحمي المستفيد منه بدرجة عالية، وحتى لو أصابته العدوى من جديد، لا تذهب به إلى وضعية الحالات الحرجة التي قد تنتهي بالاختناق والوفاة.
لذلك، نحن مدعوون إلى أن نكثف التواصل العمومي بشكل أكبر، وأكثر قدرة على التأثير في الناس ودفعهم إلى المبادرة التلقائية الرضائية للاستفادة من التلقيح.... وأقولها بوضوح، مبادرة تلقائية نابعة من الوعي والإحاطة بالمعلومات السليمة والصحيحة، والثقة والمبادرة الطوعية، حتى نصل، في غضون 15 يوما القادمة، إلى مستوى أكبر من المناعة الجماعية، ونصمد أكثر وأكثر أمام ما هو قادم في الأشهر المقبلة.
وحتى تكون الأمور واضحة، ما هو قادم من سلالات أكثر شراسة، قد يكون صادما لدول العالم أجمع. ولهذا، من باب الاستباقية التي التحسب، ولكي نحافظ على ما نحن فيه من استمتاع بعودة حياتنا اليومية شبه الطبيعية، في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية، يجب أن نهتم بالعودة إلى جو التعبئة واليقظة، ونعود إلى التذكير والالتزام بالإجراءات الاحترازية الوقائية الأخرى (الكمامة / التباعد الجسدي/ غسل الأيدي)، ونكثف دعوة المغاربة للتلقيح، حتى تستمر الحياة و لا تعود إلى التوقف من جديد.