الخميس 28 مارس 2024
سياسة

النهري: دعوة "البيجيدي" مرشحيه للاستقالة من الغرفة الثانية تهديد للدولة

النهري: دعوة "البيجيدي" مرشحيه للاستقالة من الغرفة الثانية تهديد للدولة حميد النهري

دعت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية مرشحيها الثلاثة الذين تم إعلانهم "فائزين" لتقديم استقالاتهم من عضوية مجلس المستشارين، فما هو السند القانوني الذي اعتمده حزب المصباح لاتخاذ مثل هذا القرار؟ وما هي تداعياته؟ وهل هو رد فعل يخفي خيبة أمل الحزب تجاه خسارته في المحطات الانتخابية الأخيرة؟ أسئلة وغيرها طرحتها أنفاس بريس على حميد النهري استاذ القانون العام بجامعة عبد المالك السعدي في الحوار التالي:

 

*في نظرك ما هو الدافع الذي اعتمده حزب المصباح لاتخاذ مثل هذا القرار ؟وما هي تداعياته؟

قبل أن أجيبك دعني أوضح نقطة مهمة، وهي أن مسالة نجاح مرشحي العدالة والتنمية الثلاثة في مجلس المستشارين والأصوات التي حصلوا عليها من أحزاب منافسة؛ أعتقد أن هذه المسألة تعتبر ظاهريا عادية جدا وحدثت، دائما، خلال الاستحقاقات السابقة واعتدنا عليها خصوصا على مستوى مجلس المستشارين ومجالس الجماعات الترابية وسبق لحزب العدالة والتنمية نفسه ان ساهم فيها وبقوة خلال استحقاقات 2016.

حيث نجد ان المرشح لا يتوفر على العدد الكافي من الناخبين من حزبه لضمان نجاحه أو نجاح لائحته فيلجأ الى أسلوب التسوق من احزاب أخرى قد لا تجمعه معها أية رابطة فنصبح أمام وضعية كاريكاتورية أي الاعتماد على ناخبين من أحزاب منافسة ليصوتوا معه والظفر بالمنصب والأمثلة متعددة.

دعني أوضح، أيضا، إنني أقصد هنا أسلوب التسوق الميركاتو الانتخابي الشهير في المغرب أو التوجيه من طرف جهة ما، وليس اسلوب التحالفات المعروف بين الاحزاب بعد كل استحقاقات!!!!!

*لكن خلال الاستحقاقات الاخيرة لمجلس المستشارين لوحظ نجاح مرشحي العدالة والتنمية الثلاثة مع ان حظوظهم في النجاح كانت حسابيا ومنطقيا في حكم المستحيل فما هو رأيك؟

اليوم نجد ان هذا النجاح ردت عليه الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في بيان رسمي بقرار يدعو المرشحين الثلاثة الفائزين بتقديم استقالتهم من المجلس الذي قانونيا أصبحوا اعضاء فيه؛ وهذا البيان القرار بصراحة إذا تم تحليله بمنطق شمولي وبناء عل الظرفية الخاصة التي جاء فيها سنكون امام عدة تساؤلات عميقة:

أولا، من خلال الكلمات المستعملة في البيان الصادر عن الأمانة العامة للحزب نستنتج أن هناك تشكيك واضح في الاستحقاقات الانتخابية على أساس أن هناك من يتحكم فيها ويسيرها ويحدد نتائجها مقدما.

إذن بعد التشكيك في الانتخابات المهنية وانتخابات 8 شتنبر سابقا

والتي انتقدها العثماني آنذاك بصفته رئيسا للحكومة وأمينا عاما للحزب وذل في كلمة بمناسبة انعقاد اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية حيث قال إن “الإنزال المالي الفظيع الذي رأيناه خلال الانتخابات المهنية وفي إعداد الانتخابات المقبلة مؤشر غير مطمْئن؛ لأن الأحزاب التي تعوّل على مناضليها وتريد للديمقراطية أن تتطور لا يمكن أن تجاري هذا الإنزال المالي”.

بمعنى إفساد تام للاستحقاقات الانتخابية وعدم جديتها في نظره.

ها هو اليوم التشكيك في انتخابات 5 اكتوبر من طرف بيان نفس الأمانة العامة لكن هذه المرة الاتهام موجه إلى جهة ما ؟؟؟ والتي سهرت على توجيه التصويت في نظر الحزب في اتجاه منح صدقة لفائدة مرشحي العدالة والتنمية. بل أكثر من ذلك خروج بعض القياديين في الحزب بتصريحات تطرح أكثر من تساؤل؟!

حيث دعا أفتاتي في تدوينة على حسابه بالفيسبوك، إلى الإعلان أنه ” لا حضور ولا وجود لحزب البيجيدي بمؤسسة مجلس المستشارين معتبرا ان لا علاقة للحزب مركزيا ومجاليا باي شكل أو صفة بهذا العدوان على الدستور والمتمثل في إكراه زبانية 8 شتنبر للتصويت المغرض لفائدة بعض لوائح حزبه تحت طائلة الضبط بالوسائل المعلومة

ودعا القيادي في حزب “المصباح” بتوجيه” المناضلين واللوائح الثلاثة إلى اعتبار ما تقرر من فبركة سفيهة لا يعنيهم مطلقا لا قانونيا ولا سياسيا ولا مؤسساتيا والتشبث برد الاعتبار”.

ثانيا، إن هذا القرار يجعلنا نطرح تساؤلا خطيرا حول حزب العدالة والتنمية هل هي بداية لتنزيل التهديدات الصادرة سابقا عن أكثر من مسؤول في حزب العدالة والتنمية (بنكيران افتاتي الشوباني الرباح الرميد ...الى غيرهم من صقور الحزب)

ثالثا، هذه التهديدات التي كانت موجهة بالدرجة الأولى للدولة تحت أي اسم الدولة العميقة الدولة السرية الدولة الخفية العفاريت والتماسيح...

كما تم توجيهها لبعض الهيئات السياسية؛ فبعد الهدنة مع حزب الأصالة والمعاصرة مؤخرا انصبت هذه التهديدات بالخصوص على حزب الاحرار والذي سيقود الحكومة الجديدة.

*هل بهذا القرار نكون أمام إعلان لعودة معارضة الشارع بعد حرمان البيجيدي من التواجد داخل المؤسسات؟

هذا ما يتم ترويجه بقوة من طرف الحزب من اجل الحفاظ على تواجده داخل المشهد السياسي ومن اجل الحفاظ على بعض المتعاطفين.

خصوصا بعد اختيار حزب الأصالة والمعاصرة (الحليف الجديد مؤخرا) التموقع داخل الاغلبية؛  ولو أن المنطق يجعل من هذه الفرضية ضعيفة لان السياق العام مختلف والمساندة الخارجية بالخصوص والتي استفاد منها حزب العدالة والتنمية سابقا غير موجودة؛ كما ان حصيلته خلال العشر سنوات من التدبير محدودة ان لم نقل كارثية. الا انها تبقى مطروحة وخطيرة على المشهد السياسي ببلادنا. فقد سبق لاحد مسؤولي حزب العدالة والتنمية الشوباني صاحب القصة التركية ان خرج في احدى تدويناته عقب نتائج استحقاقات 8 شتنبر حيث حذر من خطورة الوضع الذي سيجعل حكومة اخنوش المقبلة في مواجهة مفتوحة مع الشعب معتبرا ان ابعاد البيجيدي من البرلمان طبيعي جدا ان يكون الشارع هو المعارضة.

كما أن هذا القرار يقتضي رد فعل واضح من طرف الفاعلين السياسيين الاخرين خصوصا انه يمسهم في ممارستهم السياسية داخل المشهد السياسي ببلادنا.

ويقتضي رد فعل صارم ورسمي من الدولة لأنه يمس مباشرة بمصداقية مؤسساتها الشيء الذي يجعلها في وضعية خطر.. فحذاري ثم حذاري!!

وفي الاخير وبكل وضوح لا بد أن نذكر مسؤولي حزب العدالة والتنمية بمقولة "إن الدولة تشتغل كجهاز، يمكن ان تتأثر بالفاعلين السياسيين دون أن تترك مكانها لهؤلاء الفاعلين، في حين ان الفاعلين يتأثرون بالدولة ويمكن للدولة ان تحل مكانهم، لذلك لا يمكن للفاعل السياسي مهما فعل أن يزيل الدولة كجهاز".فلا يجب على البعض أن يحلم كثيرا...