الخميس 28 مارس 2024
سياسة

العميد يوسف البحيري: دراسة وضعية المحتجزين بتندوف على طاولة مجلس الأمن

العميد يوسف البحيري: دراسة وضعية المحتجزين بتندوف على طاولة مجلس الأمن العميد يوسف البحيري، ومشهد من مخيمات تندوف

سيتدارس مجلس الأمن الدولي طيلة ثلاث جلسات خلال شهر أكتوبر الجاري، مستجدات القضية الوطنية المتعلقة بالصحراء المغربية، ومن المواضيع المطروحة للدراسة على طاولة مجلس الأمن تقرير مهمة " المينورسو"، البعثة الأممية بالصحراء المغربية، وكذلك مشروع القرار الأممي الخاص بالبعثة المنتهية ولايتها في أخر شهر أكتوبر الحالي الذي سيعرض للتصويت من طرف الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي يوم الأربعاء 27 أكتوبر 2021، ومسؤولية الجزائر وصنيعتها " البوليساريو " في انتهاكات حقوق الإنسان التي تعيشها مخيمات الذل والعار بتندوف والمتاجرة في المساعدات الانسانية من طرف جنرالات الجرائر وقادة " البوليساريو". ولهذا الغرض نستضيف العميد يوسف البحيري أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش والمحاضر بالعديد من الجامعات الأوروبية لإلقاء الضوء وتحليل هذه المواضيع.

نبه قبل أسابيع السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى موضوع الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في مخيمات تندوف بالجزائر، ما هو تعليقكم على الموضوع؟

كما تعلمون، تعيش مخيمات تندوف حالة حراك اجتماعي، حيث يخوض المئات من الشباب والأطفال والنساء والشيوخ نوعا من العصيان والتمرد داخل مخيمات العار، للتنديد بالهجمات القمعية التي تقوم بها البوليساريو ضد فئات من المدنيين العزل والتضييق على الحرية في التنقل والتعبير وممارسة سياسة التجويع في حقهم من خلال منعهم من المواد الضرورية للحياة والمتاجرة في المساعدات الانسانية من طرف ميليشيات البوليساريو.

إن الاجماع الدولي حول مقترح الحكم الذاتي يشكل ضربة موجعة للأطروحة الانفصالية وتصدعا قويا في بنيان البوليساريو، مما ازعج قيادتها التي تتاجر بالوضعية غير الانسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف وبحق الشعب في تقرير المصير كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الانسانية من طرف المجتمع الدولي، و انشاء "منتدى دعم مؤيدي الحكم الذاتي بتندوف" يؤكد بشكل جلي وجود اتجاه قوي داخل ساكنة تندوف وداخل مكونات البوليساريو يؤمن بمشروعية الاقتراح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي كحل لقضية الصحراء المغربية في اطار السيادة المغربية.

فالعديد من التقارير الدولية تؤكد على أن البوليساريو تفرض حصارا على المدنيين وتحجزهم في معتقلات بالمخيمات بهدف منعهم من التنقل و مغادرة أماكن الاحتجاز وتمنع عنهم أبسط المستلزمات الضرورية مما يؤدي الى ارتفاع معدل الوفيات في صفوف الأطفال والنساء و تجويع المدنيين في تندوف، وهو ما يؤكد بما لا يدعو إلى الشك أن هناك سياسة ممنهجة من طرف البوليساريو تندرج في إطار الأعمال الانتقامية ) (les représailles، تروم ارتكاب انتهاكات جسيمة في حق المدنيين بتندوف، بالرغم من أن مقتضيات القانون الدولي الانساني تلزم البوليساريو باتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية المدنيين بإنشاء مناطق وأماكن آمنة تأوي النساء والأطفال والعجزة وتأمين المواد الغذائية ومواد الإغاثة الضرورية لصحة المدنيين والحوامل والأطفال، وهو ما يثير المسؤولية الجنائية الفردية للمسئولين في جبهة البوليساريو.

 

هل تعتقدون أن مسؤولية الدولة الجزائرية قائمة بموجب القانون الدولي الانساني في قضية ارتكاب البوليساريو للانتهاكات الجسيمة في حق الأسرى والمدنيين المحتجزين بتندوف؟

إن مقتضيات القانون الإنساني المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتكولان الإضافيان لعام 1977 تتضمن عدة مقتضيات تتعلق بإثارة المسؤولية القانونية للبوليساريو والجزائر فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني المرتكبة في حق المدنيين المحتجزين بتندوف. فالمادة 73 من البروتوكول الإضافي الأول تمنح المدنيين المحتجزين بتندوف وضعية خاصة كأشخاص محميين (personnes protégées) وهو ما يعني أنهم يتمتعون بالحماية الإنسانية التي تضمنها مقتضيات القانون الدولي الإنساني من طرف الدولة المضيفة في كل الظروف وبدون أي تمييز.

إن عمليات الاختطاف والاعتقال التعسفي التي تشهدها مخيمات تندوف هي من تدبير وتخطيط مليشيات انفصالية تشتغل وفق الأجندة السياسية للمخابرات الجزائرية في إطار الأعمال الانتقامية، خصوصا بعدما أجمعت الجمعيات الحقوقية الدولية أن اركان جرائم الاختطاف والاحتجاز التعسفي والتعذيب في حق المدنيين المحتجزين هي متوفرة، بعدما عبروا عن تبنيهم لاقتراح الحكم الذاتي لحل قضية الصحراء المغربية. إن عملية الاختطاف التي نفذتها البوليساريو والمخابرات الجزائرية تتوفر فيها أركان جريمة الاحتجاز التعسفي التي اعتبرها القانون الدولي انتهاك جسيم للمعايير الدولية لحقوق الانسان المتعلقة بالحق في الحياة والحرية والسلامة الجسدية، وهو ما يستدعي تحريك آليات المساءلة والمتابعة الجنائية في حق المسؤولين في قيادة البوليساريو والعمل على عدم إفلاتهم من العقاب.

وتجب الإشارة، إلى أن مجموعة من الجمعيات الصحراوية وجهت رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة تحمل المسؤولية للجزائر والبوليساريو فيما يخص الأوضاع غير الانسانية للنساء في مخيمات تندوف تطالب من خلالها بتشكيل لجنة تحقيق دولية حول ملابسات الحصار المضروب على المدنيين والحرمان من الحق في التعبير والحق في التنقل وحق العودة الى الوطن الأم وضرورة الكشف عن مصير العشرات من المختطفين والمفقودين.

 

ما هي مستجدات ملف المتاجرة في المساعدات الإنسانية الخاصة بمخيمات تندوف من طرف البوليساريو والقادة الجزائريين؟

لقد نشر المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال تقريرا يكشف فيه عن عمليات التحويل والمتاجرة في المساعدات الإنسانية الخاصة بالمدنيين في مخيمات تندوف والتي تقوم بها البوليساريو وبعض القادة الجزائريين. ويتعلق الأمر بجريمة منظمة ترتكبها مافيا تشتغل في التهريب والاختلاس من خلال تحويل المساعدات الإنسانية الدولية المخصصة لساكنة مخيمات تندوف. وخلص تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال، أن المدنيين المحتجزين في مخيمات تندوف، يمثلون أصلا تجاريا يدر أرباحا طائلة على قادة البوليساريو والمتواطئين معهم من القادة العسكريين الجزائريين. ففي ميناء وهران بالجزائر تصل المساعدات الإنسانية الدولية المخصصة لمخيمات تندوف، وبعدها تقوم مافيا التهريب التي تشتغل تحت قيادة مجموعة من القادة العسكريين الجزائريين والبوليساريو بالسرقة والمتاجرة في المساعدات الإنسانية.

ويؤكد المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال في التقرير، على مجموعة من الاختلالات، أهمها هو أن رحلة الاختلاس بين وهران وتندوف تستغرق ما بين 15 و49 يوما، بينما عادة لا تتجاوز خمسة أيام، ورصد تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال وجود العديد من المستودعات السرية تحت إشراف قيادة البوليساريو والتي تبيع المساعدات الإنسانية إلى ساكنة المخيمات. هذا في حين أن المستودعات الرسمية تبقى دائما فارغة ومفتوحة بهدف استقبال الزيارات الأجنبية ومن أجل طلب مساعدات إضافية.

والأدهى من ذلك، يضيف التقرير، أن المساعدات الإنسانية في شكل الأغذية والأدوية والأغطية التي تصل إلى مخيمات تندوف يتم بيعها في الأسواق الجزائرية والموريتانية عوض توزيعها عليهم بالمجان، ويذهب تقرير اللجنة الأوروبية إلى أن الاختلاسات في المساعدات الإنسانية منذ خمسة وأربعين سنة، تفسر تضخيم أرصدة قادة البوليساريو وجنرالات الجزائر بالخارج، وحذر من استغلالها في تغذية الإرهاب في مالي والنيجر وليبيا وعدم الاستقرار الذي يهدد منطقة شمال افريقيا.