الخميس 2 مايو 2024
سياسة

ارتدادات الزلزال السياسي ستعري علاقات المحسوبية والزبونية التي تحكمها روابط القرابة والحزب.. وهذا مثال على ذلك

ارتدادات الزلزال السياسي ستعري علاقات المحسوبية والزبونية التي تحكمها روابط القرابة والحزب.. وهذا مثال على ذلك

الكل يتذكر أنه بمناسبة حفل عقيقة لابنه، أرسل سائق الوزارة إلى محل راق للحلويات في الرباط، لاقتناء ثلاثة كيلوغرامات ونصف من الشوكولاطة بقيمة 4 آلاف درهم، وكمية من الحلويات بقيمة 27 ألف درهم، بالإضافة إلى كأس فضية بقيمة 2575 درهما، ليصل المبلغ الإجمالي للفاتورة إلى 33765درهما. فاتورة اقتناء الوزير للشوكلاط أثارت ضجة آنذاك، والتزم الوزير إزاءها الصمت، قبل أن يحمل المسؤولية لسائقه الذي «لم يعرف أن الشوكولاطة ليست مخصصة للوزارة وإنما للعائلة»، لكن رد الوزير السابق الكروج لم يقنع أحدا. ورغم مرور حوالي سنتين على الواقعة، فإن الكروج لم يتم إعفاؤه إلا سنة 2014  من طرف الملك، كما تم إعلان فتح تحقيق في الفضيحة، بسبب شراء  الكروج الشوكولاطة  لحفل عقيقة ابنه من ميزانية الدولة، لكن لم يتم كشف نتائج للتحقيق حتى الآن.

لكن الزلزال السياسي الذي نعيشه اليوم، وما زالت ارتداداته متواصلة، سيعري ولا شك عن علاقات الزبونية والمحسوبية الأخطبوطية التي تحكمها روابط القرابة العائلية والحزبية، بمعنى أن إعفاء الوزير المسئول أو الإعلان عن عدم الرضا عنه يجب أن يشمل البحث عما نسجه من مصالح على مستوى محيطه من الأقارب والأصهار.

وفي هذا السياق اتصل إطار ساميبـ "أنفاس بريس"،طلب عدم الكشف عن اسمه، ليعطي مثالا عن هذا الامتداد الأخطبوطي للمصالح، وكشف أن عملية شراء الكروج للشوكلاط كان قد قام بها مدير الموارد البشرية والوسائل العامة، وهذا الشخص تم استقدامه من المندوبية السامية للمياه والغابات من طرف قريب له هو القيادي السكوري من حزب الحركة الشعبية (واحد من المغضوب عليهم) الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس ديوان وزير التعمير وإعداد التراب الوطني، امحند لعنصر، الأمين العام لحزب الحركة.. وعندما وقع  تعديل حكومي وأسندت حقيبة وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة  لمحمد مبديع من نفس الحزب كذلك، أجرى هذا الأخير بحثا في موضوع الشوكلاط،  فتبين له بأن عملية تسديد فاتورة الشوكلاط تمت بالفعل من طرف مدير الموارد البشرية والوسائل العامة بقطاع الوظيفة العمومية. وأمام هذا الوضع، يضيف محدثنا، تدخل رئيس ديوان وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني السكوري مرة أخرى لإنقاذ قريبه، وطمست القضية خوفا من الفضيحة.

والمفارقة العجيبة أن المتورط في قضية الشوكلاط تم نقله من قطاع الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة إلى قطاع التعمير وإعداد التراب الوطني، ليشغل مديرا لمديرية الموارد البشرية والوسائل العامة بهذه الوزارة. واعتبر محدثناأن هذا التعيين الجديد هو بمثابة ترقية غير مستحقة على اعتبار أنه عوض مكافاته يجب مساءلته عما اقترفت يداه عبثا بالمال العام بشراء شوكولاته الوزير الكروج المخلوع (حزب الحركة أيضا). وهذا ما يسمى في عرف اللاعقاب ترقية استفزازية، تقول لنا "موتوا بسمكم".

وأضاف الإطار السابق في الإدارة، الذي خبر دهاليزها وخباياها، بأن صاحبنا هذا لا يزال ينعم في امتيازات منصبه ويصول ويجول في قطاعه. وهو الآمر الناهي، وصل به الأمر إلى حد أنه ينوب عن  الكاتب العام في التعمير أثناء غياب وعطلة هذا الاخير، مع أنه حديث العهد بشؤون التعمير.

وتساءل  محدثنا  باستغراب وإلحاح عن أسباب استثناء هذا المدير صاحب الشوكلاط من تطبيق مضامين الدستور، وخاصة الفقرة المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة؟ وهل لم يحن الوقت بعد لفتح ملفات مثل هؤلاء الذين "عطات ريحتهم"؟ أم أن المحاسبة لا تشمل من يدعي أنه من المحميين وظهره مسنود إلى حائط صلب يقيه الضربات؟ ألا تكذب الإعفاءات الأخيرة  مثل هذه الادعاءات الفارغة؟.

إن غدا لناظره لقريب، ونحن نرتقب التطورات بكل أمل، يختم الإطار، لعل في الآتي تصحيح للماضي.