الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

مصطفى لبكر: البنايات الآيلة للسقوط ومطلب حماية الموروث الثقافي والتاريخي من كماشة المتهافتين 

مصطفى لبكر: البنايات الآيلة للسقوط ومطلب حماية الموروث الثقافي والتاريخي من كماشة المتهافتين  مصطفى لبكر
تمت المصادقة في سنة 2016 على القانون رقم 94.12، الذي أحدثت بموجبه الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط، وكذلك المرسوم التطبيقي رقم 2.17.586 الصادر في 10 أكتوبر 2017 بتطبيق القانون 94.12 المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وعمليات التجديد الحضري، حيث تم وضع آليات التدخل المؤسساتية لدرء الخطر الناجم عن المباني الآيلة للسقوط، ونظّم عمليات التجديد الحضري.
ورغم هذه المصادقة، فان مفهوم البنايات الآيلة للسقوط يقتضي توضيحا وتدقيقا حتى لا يبقى فضفاضا يأخذ طابعا تقنيا صرفا يحتم هدم البناية المقصودة التي باتت تشكل خطرا يهدد السلامة دون تحديد مسبق لهويتها التاريخية؛ ولذا كان الهدف المعلن عنه هو إنقاذ السكان من خطر انهيار سكن وشيك الوقوع مع ما يتبع ذلك من تدابير تعليمهم وإعادة اسكانهم؛ فإن جوانب أخرى تبقى خفية تستوجب التوضيح حول الدوافع الحقيقية للهدم؟
هل تمت دراسة ما تختزنه البناية المعنية من معالم حضارية تقتضي الرعاية والحماية؟ تبعا لقول الشاعر:
هذه آثارنا تدل علينا** فانظروا بعدنا إلى الآثار.
ولهذا نعتقد أن المهمة لا تخص فقط الوكالة المحدثة للتجديد الحضري...بل هي شأن عام يجب أن يشارك فيه الجميع من وزارة الثقافة ومصالحها المختلفة مركزيا وجهويا ومحليا؛ ووزارة الاوقاف ووزارة الإسكان ووكالات حضرية ومفتشيات التعمير ومجالس منتخبة ومجتمع مدني؛ وتكون المشاركة بأدوات بسيطة وبلغة سهلة بعيدة عن منطق لتعالي"والتعقيد ؛كما حدث ذلك إثر النقاش العمومي لدوار اليغ بجماعة سيدي احمد أموسى بإقليم تزنيت، والذي طرحته فعاليات مدنية وسياسية وعلمية بمختلف المستويات، بعد فتح البحث العلني لمشروع تصميم النمو لمركز جماعة سيدي احمد أموسى ودوار اليغ اقليم تزنيت تحديدا والذي قامت به الوكالة الحضرية لتارودانت ـ تزنيت ـ طاطا، حيث طالبت الفعاليات المذكورة تجاوز الطابع الإجرائي التقني المحض للبحث العلني وإعطائه البعد الاجتماعي التشاوري الذي يستحقه بعيدا عن الطابع البيروقراطي. حتى يراعي عند وضع سجل ملاحظات الساكنة بمقر الجماعة التواصل عبر أدوات بسيطة وبلغة يفهمها الجميع كي لا تقف الساكنة امام الخرائط والرموز تائهة لا تعرف ما تقدم ولا ما تؤخر!؟ خاصة وأن مشروع تصميم نمو دوار اليغ، اقترح هدم منطقة “الهري اوكليد”، التي تعتبر ارثا تاريخيا وأطلالا تحكي عن أحداث تاريخية شكلت جزءا من التاريخ الحديث، وتجديدها عبر تحويلها كمنطقة للتعمير والسكن لبناء مباني ذات طابقين، وهو ما يتعارض مع مطالب كل الفاعلين المدنيين والمنتخبين والباحثين والمهتمين بالتراث والتاريخ.
وهذا ما وقع ايضا بإقليم السمارة، حيث تطلب الأمر توقيع اتفاقية شراكة بين المديرية الإقليمية للثقافة والمجلس الإقليمي السمارة، من أجل ترميم دار حوزة الأثرية، من أجل حماية وتثمين التراث الثقافي الوطني خاصة وأن السمارة، العاصمة العلمية للأقاليم الجنوبية، تزخر بتراث أثري غني، ورصيدها يضم أكثر من 80 معلمة بين مواقع أثرية ومعمارية وزوايا؛!!
وغير بعيد عن السمارة، يتعرض الموقع الأثري “كسمار – دار البحر”، بإقليم طرفاية لإهمال ملحوظ، بفعل العوامل الطبيعية والمناخية القاسية، وكذلك بفعل لامبالاة العنصر البشري لهذا الموقع الأثري الهام، الذي يرجع تاريخ إنشائه إلى أكثر من 13 عقد من الزمن. الموقع الفريد "كسمار – دار البحر” يعتبر، إلى جانب مواقع أثرية أخرى لا تقل أهمية بجماعة طرفاية، من مخلفات الاستعمار الإسباني، وتشكل تراثا أثريا يجب تثمينه.
وتتوالى الأمثلة، آخرها ما وقع في سلا، لهذا بات قبل اللجوء إلى المعاول والجرافات للشروع في هدم البنايات " الآيلة للسقوط"، التحري والسؤال عن قيمتها التاريخية والثقافية الحضارية والجمالية أولا؛ حتى لا تكون فقط فرصة تهافت ومضاربات عقارية وأحكام قضائية ورخص هدم وبناء بطرق ملتوية تستغفل أعين لجن المراقبة والجهات المسؤولة عن حماية الموروث التاريخي. وخاصة بالمدن التي تعرف نشاطا عقاريا مضطردا كالدار البيضاء!!
في هذا الإطار أذكر أن " أنفاس بريس"، سبق لها أن وجهت، عبر نقابة سماتشو، نداء من أجل إبداء الرأي والمساهمة فكريا في هذا الموضوع من طرف أطر وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان؛ وتوصلت ببعض التعاليق التي لا تخلو من عمق وطرافة أيضا.
واحدة من القطاع علقت قائلة، بان هناك جهازا أخرجه الوزير السابق بنعبد الله ومن معه على المقاس، وجعل على رأسه مديرة تتقاضى راتبا شهريا سمينا بالملايين.. وترك لها جهازا ممن وقع عليهم الاختيار معها من رؤساء أقسام ومصالح. هذه فرصتها لتبين حصيلتها وتنور الرأي العام بخبرتها وتدخلها.. أو ليس كل هذا الخراب موكول لها ولاختصاصها بما يضر أو ينفع الناس؟.
المسؤول إن لم يبادر للظهور بمظهر العارف بما يجري ويدور، وأساسا في خبايا الدور الآيلة للسقوط.. وجوده كعدمه.... "راه هذي وكالة وطنية للتجديد الحضري، ماشي شي حاجة صغيرة.. وعندها تعويضات خيالية بالهبال"..
"كيفاش يجي أي إطار ويتكلم في تجربة من اختصاص من يتحملون مسؤوليتها.. فبالأحرى إنتاج الأفكار والحلول وإعطاء الآراء فابور..
غير معقول!!؟".
واعتبر متدخل آخر أن الإشكال المطروح هو أن التوجه الآن للسلطة العمومية هو في حماية الأرواح وإزالة الخطر عن الساكنة المعوزة.. ولكن حسب رأيي المتواضع، هناك خصوصا بالمدن العتيقة، منازل عتيقة تزخر بقطع أثرية غنية تدخل في البنية الأساسية للبناية يستوجب الحفاظ عليها وترميمها عوض هدمها وإتلافها كأنها قطعة من الإسمنت المسلح أو غيره من مواد البناء الحالية.. وهذا يرجع سببه إلى" أنه إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها، يعني المختصين في المجال، فكيف سيكون حال الأمور بالنسبة لغير المختصين ؟!!
بينما وصفت مختصة أخرى النداء بالفرصة المعروضة لعل وعسى أن يكون أمام "هاديك إلي قاعدة على كرسي المسؤولية في الوكالة الوطنية لتجديد النسيج الحضري باش تفيق شوية .. راها خمرات ب 5 مليون في الشهر على هد المهمة التي لم نسمع لها حس"!!